|
عين المجتمع و شتان ما بين تسوق مترف تلبية لشهوات بطون لا يلجمه تحليق أسعار ، و بين ارتياد الأسواق لتسجيل إعجاب أو تذييل صفحة الزيارة بتعليق « أسعار نار » .. و إنهاء التسوق ببضع حبات من خضار و حزمة حشائش يتحلق على شرف حضورها المتواضع حالمون بدسم وجبة تشمر لها السواعد .. منذ زمن تؤرخه أزمة ألمت ، لم نكن من متابعي أسعار الصرف ، و الدولار ما كان يوماً في سجل حساب من ينتعلون الفقر حذاء ً و يرتدون الحاجة كساءً ، كما لم يكن بائع الخضار من الفقهاء بأسعار العملات ، و فاترينات الملابس و الأحذية لا تنطق بلغة الآلاف ، أو تتباهى بتدوين المزيد من الأصفار إلى جانب الأرقام نكاية بذوي دخل هدته أزمة ، و إثارة لغيظ متسوق مضطر لكسوة صيف أو شتاء . أما الآن فبحضرة الدولار الذي حل كصفعة مدوية على جيوبنا ، أضحى ارتياد الأسواق مدعاة للإحباط و جالباً لمزيد من نوبات القهر ، و محفزاً لارتفاع الضغط و ربما إثارة موجات اكتئاب ، فالآلاف هي سيدة الأسواق تزينها بتحدٍ جنوني لاسابق له ، تجعل من قرر التسوق يسير بين المحال محدثاً نفسه غير مصدق ما حل من غلاء . و لكن .. رغم غلاء استشرى و غزا الجيوب دون رحمة ، مخلفاً المزيد من ضحايا الفقر و الحاجة ، ما زال للترف ضجيج و صخب يدمي قلوب أصحاب الفاقة ، و يزيد مساحة القهر بين فقير يتخبط بالعدم و مترف غارق بالرفاه ، فرنين الملاعق و السكاكين على صحون المطاعم الغنية بما لذ و طاب لدرجة التخمة ، تصم آذان من بالكاد دبر وجبة خالية السعرات لدرجة الهزال ، و التسابق على ارتياد المولات و الغرق بالمخمل و الفراء يزيد من شعور البرد لأجساد في العراء .. و لسان حال الغارقين في صمت الفقر يقول .. قد أصمنا صخب الأغنياء !! |
|