|
الثورة- رصد وتحليل
الدولة السورية وعدت أن تحرر مواطنيها من نير الإرهاب، فكان للوفاء عنوانه الأسمى في حلب, كما وعدت أن تكنس الإرهاب عن كل الجغرافيا السورية ولها مع النصر مواعيد قريبة, فانتصار حلب ستليه انتصارات أخرى, وثقة السوريين بجيشهم الذي يجترح المعجزات كبيرة لا يحدها حد ولا يشوبها قلق. _____________________________________________ حلب إلى حضن الوطن.. سجلت دمشق عنوان بلوغها مراحل الحرب الأخيرة على الإرهاب، وركلت كل من راهن وسعى لتدميرها إلى خارج الحسابات الميدانية والسياسية.. فأتى الجواب السوري على ترهات وفبركات المجتمعين حول طاولات التآمر على سورية، بأن المنتصر هو من يفرض الشروط. فتحرير حلب من رجس الإرهاب جاء نتاج تقاطع الإرادة الكبيرة، والعزيمة القوية للجيش العربي السوري في إعادة أراضي المحافظة كافة إلى سيادة الدولة.. مع الصمود المنقطع النظير الذي أظهره أهالي حلب بشكل خاص أمام كل الصعاب والتحديات المعيشية والأمنية التي زرعها الإرهاب بأوامر من مشغليهم.. ويمكننا القول بأن حلب هي الشعرة التي قصمت ظهر أردوغان وإرهابييه ونثرت أوهامه العثمانية إلى غير رجعة. على الرغم من أن حلب كما كافة الأراضي السورية في صلب الاهتمام السوري إلا أن الحكمة والرؤية الصائبة للدولة السورية كانت هي الأساس في إعطاء المهل لا بل التمهل في إعادة حلب إلى الحضن السوري.. فلطالما عمدت الدولة السورية إلى تغليب لغة الحوار والعقل وتدارك العمل العسكري منعاً لحدوث أي عمل عسكري تراق من خلاله الدماء. ولهذا الغرض قبلت الخوض في غمار محادثات أستنة وسوتشي التي سعى إليها الحليف الروسي لنفس السبب وهو الوضع الإنساني، وسخرت لنجاح تلك المحادثات أو الاتفاقات كل الإمكانيات لكن مع الحفاظ على مفهوم عودة كل الأراضي السورية إلى كنف الوطن. أنقرة تقوم في كل مرة بطرح بعض المزاعم والفبركات بين الحين والآخر من أجل إيجاد حجج وذرائع لتدخلاتها السافرة في الأراضي السورية، وتزيد من حضورها العسكري بهدف تحقيق المزيد من السيطرة على الأراضي السورية. أردوغان وكعادته، في نفاقه ومراوغته يحاول دائماً إيجاد الحلول البديلة لدعم الإرهاب وبالتالي دفع كل اتفاق سواء في سوتشي أم أستنة إلى الانهيار، الأمر الذي عكس تصعيداً إرهابياً على الأرض، حيث صعدت «جبهة النصرة» الإرهابية وميليشياتها من عملياتها الإرهابية، مستخدمة كل ما استطاعت إليه من أدوات ومحاولات تسلل وصولاً إلى القذائف الكيميائية، لكن من دون فائدة..ما دفع بسورية إلى قول كلمتها الفصل والبدء بعملياتها لتحرير حلب، وبعدها إدلب. جاء ذلك مع بلوغ الروسي قمة السخط.. فلم يعد هناك أي مجال للسماح للتركي بالمراوغة واللعب على الوقت، بعد سلسلة أكاذيبه وفبركاته في كل ما يتعلق باتفاق سوتشي بخصوص إدلب. فالمشهد في الشمال من المؤكد أنه لن يخرج من دائرة الكذب التركي بعد أن تملصت أنقرة من اتفاق سوتشي وأستنة وفق معطيات المشهد من خلال خرق الهدن المتكررة والدفع بالإرهاب لارتكاب المجازر عبر عمليات إرهابية ضد المدنيين والمناطق العسكرية وكله بتسهيلات تركية.. وهذا غيض من فيض تلك الأعمال. ساعة الحسم انطلقت، وأطلقت صفارات بدء العمليات العسكرية للجيش العربي السوري لمواصلة عمليات التحرير وبالتالي تحرير حلب المحافظة وتأمينها من كل الاتجاهات.. وما إن بدأت العمليات العسكرية حتى كانت النتائج سريعة جداً ومذهلة.. في بداية معركة ريف حلب الغربي شهدت المنطقة بداية انهيار الإرهابيين على الكثير من المحاور، منها خان طومان وكفر حلب، وبدأت المعركة تأخذ منحى مغايراً، فبدأ الجيش العربي السوري بالتعاون مع الحلفاء بتطويق الفوج 46 والذي يعتبر من أهم المناطق الاستراتيجية بالريف الغربي الذي كان سبباً بتقهقر الحالة النفسية للإرهابيين، ومن ثم تابع الجيش العربي السوري تقدمه بنفس الأسلوب بأغلب الريف الغربي والشمالي الغربي لمدينة حلب. وخلال الأسبوعين الأخيرين من شهر كانون الثاني تمكن الجيش العربي السوري من السيطرة على أكثر من 55 مدينة وبلدة من بلدات ريف حلب الغربي، وأشار محللون عسكريون إلى أن المنطقة التي تمت السيطرة عليها مؤخراً هي من أكثر المناطق السورية وعورةً وتحصيناً من قبل الإرهابيين. تلك الانتصارات جاءت مع انهيار غير مسبوق في صفوف الفصائل والتنظيمات الإرهابية.. وتمكن الجيش العربي السوري من السيطرة على بلدة شويحنة وتلتها الاستراتيجية الذي يعتبر أبرز تل بريف حلب الشمالي الغربي كونه يكشف نارياً كل المنطقة، ويقطع طرق الإمداد على عدد من مناطق انتشار الإرهابيين، وهو ما سهل للجيش العربي السوري تحرير معارة الأرتيق. كما حرر الجيش العربي السوري بدعم من حلفائه بلدات بيانون والليرمون وعندان وحريتان وكفر حمرة وتل مصيبين وحيّان وياقد العدس وكفربيسين وبابيص وكفرداعل، وجمعيات «الهادي، بشانطرة، الهوتة».شمال غربي وغربي حلب، ومناطق حي جمعية الزهراء بالجهة الشمالية الغربية لحلب المدينة. وبعد السيطرة على هذه المناطق، فإنَّ أهداف سورية من استعادة الطريق الدولي «إم 5» وتأمين كامل مدينة حلب تكون قد تحققت بشكل كامل، وبالتالي متابعة مسيرة التحرير ليكون بذلك ملاصقاً لمناطق ريف إدلب الشمالي. وفي حي جمعية الزهراء، تمكن الجيش العربي السوري من الالتفاف على التنظيمات الإرهابية ومحاصرتهم عقب السيطرة على محاور عاجل وعويجل وصولاً إلى الطامورة، وهو ما دفع الفصائل لإخلاء مواقعها تباعاً. وكانت مصادر من داخل تلك التنظيمات الإرهابية قد أكدت أن محاور ريف حلب الغربي تعرضت خلال ساعات قليلة لعمليات عسكرية قوية نفذها الجيش العربي السوري بالتعاون مع حلفائه، ما اضطر الفصائل الإرهابية للانسحاب من مواقعها. إلى جانب تلك الأسباب فقد شكلت العمليات المباغتة للجيش العربي السوري، والانقسام الكبير في صفوف التنظيمات الإرهابية إلى تسريع تحرر المدن والقرى من رجس الإرهاب وإحكام القبضة العسكرية لأبطال الجيش العربي السوري. الانتصارات الميدانية للجيش العربي السوري تقابلها حالةٌ من التأزم في أوساط الفصائل الإرهابية وحليفها التركي مع اقتِراب معركة إدلب الفاصِلة، ومن الواضح أن تهديدات رئيس النظام التركي رجب أردوغان باستِخدام القوة، لمحاولة عرقلة تقدم الجيش العربي السوري والتي ترافقت مع إرسال أكثر من عشرة آلاف جندي و80 دبابة و150 عربة مدرعة لم تعط أي نتائج، ولم توقف تقدم الجيش، بل أعطَت نتائج عكسيةً تماماً. عودة الحياة لمطار حلب استأنف مطار حلب الدولي عمله من خلال تسيير أولى الرحلات المدنية بعد توقف لسنوات، في خطوة تأتي إثر تحرير الجيش العربي السوري محيط مدينة حلب وإبعاد التنظيمات الإرهابية عنها. وقد أطلقت أول رحلة جوية من دمشق إلى حلب» يوم الأربعاء الفائت كما ستتم برمجة رحلات إلى القاهرة ودمشق خلال الأيام القليلة المقبلة. وتوقف مطار حلب الدولي، الواقع شرق المدينة، عن النقل المدني بشكل كامل منذ 2012، حين سيطرت الفصائل الإرهابية على الأحياء الشرقية لحلب. وكان الجيش العربي السوري قد بدأ بتأهيل الطريق الإستراتيجي الدولي»حلب - دمشق»، بعدما تمكن من تحرير هذا الطريق من معاقل الإرهابيين، فى الوقت الذى توقعت فيه روسيا اقتراب انتصار الجيش السوري فى إدلب والسيطرة الكاملة على المدينة. تحركات أنقرة وتفاعل واشنطن معها أعطى للمشهد زخماً إضافياً، وفواصل زمنية عديدة، إلا أن ما خفي أعظم، فالمرحلة القادمة ستؤدي بالضرورة الى توضيح تلك التحركات المزدوجة في ظل تضارب المعطيات المبهمة وغير الجلية.. لكن في النهاية قالتها دمشق في السياسة كما قالتها وما زالت في الميدان.. فالجيش العربي السوري في آخر مراحله التحضيرية لعملية إدلب العسكرية سواء أراد التركي ومعه الأميركي أم لم يريدا، فالحال سواء، وهو اليوم عازم أكثر من قبل على تحريرها، ولا سيما أن النظام التركي يرسم مزيداً من تأزيم الأوضاع هناك اقتصادياً كما هو حالها الأمني المأزوم. أهمية حلب الإستراتيجية الأهمية الإستراتيجية لمدينة حلب، تنبع من كونها تعتبر ثاني أكبر المدن السورية بعد دمشق، وتضم أكثر من 22% من سكان البلاد (حوالي ربع السكان)، ولها أهمية تاريخية وسياحية، كما تعتبر عاصمة البلاد الاقتصادية، وبوابتها إلى أوروبا لقربها من الحدود التركية، وعقدة مواصلات تربط العديد من المحافظات السورية، وتشكل نموذجاً للتعايش والتآخي بين جميع مكونات المجتمع السوري. |
|