|
فضاءات ثقافية ومن غير أن يدركوا معانيها و أبعادها وهي لوحة لها مثيل في كثير من اللوحات الفنية في العالم كله، بل هي لوحة لها مثيل في كثير من البيوت و المطاعم والفنادق وهي لوحة بسيطة تضاف إليها بعض العناصر ثم قد تضاف إليها عناصر اخرى وعندئذ تكتمل اللوحة. بكل بساطة كما يقول د.أحمد زياد محبك في الموقف الادبي العدد /504/ هي لوحة تحمل في المركز منها أو في البؤرة رسم بيت سطحه مستو أو مقبب أو مائل هكذا بكل بساطة وعفوية يرسم الأطفال في وسط ورقة بيضاء بيتاً ثم يرسمون وراءه جبلاً وشمساً ساطعة وبضع غمامات ثم يرسمون أمامه نهراً وعليه جسراً أو يرسمون أمامه طريقاً ويضعون حول حافاتها أعشاباً وأشجاراً وقد يضيفون إلى الحقل المحيط بالبيت بضع غنمات ترعى وقد يرسمون راعياً وفي فمه شبابة ثم تكتمل اللوحة بل تضج فيها الحياة، عندما يرسمون فوق سطح البيت مدخنة و الدخان يتصاعد منها، ثم يضيفون طيوراً تحلق في السماء أو بطات تسبح في النهر. كثير من الأطفال رسموا مثل تلك اللوحة بتفاصيل أكثر أو أقل وكثير من اللوحات الفنية تشبه تلك اللوحة البدائية و قد تكون اكثر منها دقة أو فنية أو تكاملاً ولكن لماذا يرسم الأطفال تلك اللوحة حتى و إن لم يروا نهراً و لا جسراً ولم يعرفوا حقلاً ولم يزوروا نهراً ولم يتسلقوا جبلاً..؟ هذا البيت هو تعبير لاشعوري عن رغبة بدائية فطرية قديمة راسخة في شعور الإنسان و هي الحاجة إلى مأوى في قلب الطبيعة، هذا المأوى هو الذي يوفر للإنسان الحماية من الوحوش الكاسرة والأمان من مخاطر الطبيعة ويحقق له الراحة والطمأنينة و يمنحه حس الوجود بين أربعة جدران و تحت سقف ويؤكد أن له كياناً وموطىء قدم يمنحه حس التملك وأنه تحت سقف وليس في العراء وهذا الشعور يمنحه الوعي بذاته والإحساس بوجوده الحر المستقل وإن كان بين أربعة جدران. إن البيت يحمي الإنسان من الشمس الساطعة و من الوحوش القادمة من الغابة ومن الرياح العاصفة من وراء الجبال و من فيضان النهر الذي يمر بالقرب من البيت ولذلك يقع البيت في البؤرة من اللوحة و في الوسط من تلك العناصر الطبيعية. تلك هي لوحة الطفل الأول، عبر عنها الشاعر بوعي و عن قصد ويعبر عنها يومياً ملايين الأطفال في العالم كله كل يوم سواء رسموا بيتاً أو عمارة أو ناطحة سحاب فالبيت في النهاية مأوى من الطبيعة وحماية والبيت في النهاية تحقيق الذات وتأكيد لحضورها الفردي و الاسري و الاجتماعي. |
|