تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


بوسان... قرية أثرية في جبل العرب...سُكنت منذ القرن الثاني ق.م... نقوش مكتشفة تحمل اسمها

في سورية
الأحد 2-6-2013
بوسان تلك القرية القديمة الرابضة على السفح الشرقي لجبل العرب ,هي مثل الكثير من قرانا التاريخية تعاقبت عليها حضارات عريقة ومتنوعة جعلتها غنية بالآثار,

وتأتي الكتابات العربية والنقوش التي اكتشفت فيها والتي ترجع إلى الفترة المملوكية, والأبراج الأثرية التي تعود إلى القرن الثاني قبل الميلاد والقصور والمعابد التي تحتضنها أراضيها, لتكون شاهداً من مئات الشواهد التي تروي لنا تاريخها الموغل في القدم ولتؤكد كل يوم على أن سورية هي مهد الحضارة ومنها انطلقت أول أبجدية للعالم.‏

الموقع‏

بوسان هي إحدى القرى الشرقية في جبل العرب، تقع على الضفة اليسرى لواد يسمى باسمها، على طريق قديم تتبع ناحية المشنف , وتبعد عنها 6كم جنوباً , وتتصل بها بطريق معبدة . تبلغ مساحتها 19ألف دونم , وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية فيها 3300 ه.‏

تتبع لبلدية بوسان قريتا اسعنا والشبكي، حيث تحدها من الشمال بلدة المشنف ومن الجنوب قرية سالة ومن الشرق قرى اسعنا والشبكي والشريحي وهي قرى حدودية، أما بوسان فتقع على الكتلة البركانية العالية التي تمتد حتى منطقة الزلف لحدود ظهر الجبل لتتميز بموقع جيد حيث لا تبتعد عن مدينة السويداء للشرق أكثر من 20 كم، بارتفاع 1500 متر عن سطح البحر.‏

ثروة بوسان‏

ظهرت في الحفاظ على النسيج العمراني الحجري للبلدة القديمة التي بنيت فوق البلدة الأثرية القديمة بدءاً من القرن الثامن عشر لتشكل معبراً تجارياً تصلها القوافل من خلال قرية اسعنا .توافدت عليها حضارات مختلفة حيث وصل عدد سكانها في بعض العهود إلى أكثر من 13 ألف نسمة.‏

فيها الكثير من الأبنية القديمة المبنية من الحجر البازلتي والمسقوفة بربد محمولة على أقواس، شيدت فوقها منازل حديثة مسقوفة بالأسمنت امتدت شمالاً وجنوباً على جانبي الطريق العام. فيها مجموعة كبيرة من الينابيع( 24 نبعاً في داخل القرية و36 نبعاً حولها ) ، وهي ما زالت تستعمل حتى الآن وصالحة للشرب.‏

- اشتهرت بالزراعة كنشاط اقتصادي والكثير من سكانها ارتبطوا بالأرض كمورد للرزق , و يعتمد معظم السكان على الزراعة البعلية. جاورت أراضيها منطقة ظهر الجبل الغنية وتحولت بسواعد أهلها إلى بساتين تفاح باتت ثروة بوسان وكنزها الأخضر , وأهم الحاصلات الزراعية فيها: القمح، الشعير، الحمص، وقد بدأت حديثاً زراعة الأشجار المثمرة في السفوح الغربية للقرية بشكل واسع.‏

يعمل قسم آخر من السكان بتربية الأغنام والماعز والأبقار. كما تشتهر القرية بصناعة السجاد اليدوي. يهاجر بعض السكان هجرة مؤقتة إلى الدول العربية الغنية بالنفط وإلى فنزويلا، وهجرة دائمة إلى ضواحي دمشق والسويداء. وقد ساهمت الهجرة في تحسين المعيشة والازدهار‏

مخدمة بالهاتف والكهرباء والمياه وتتوافر فيها المدارس إلى جانب نقطة طبية ووحدة إرشادية.‏

- يوجد أكثر من ثلاثة ينابيع في وسط القرية وبين المنازل القديمة منها عين النبي «أيوب» ونبعة «القصر» ونبع روماني قديم وهذا دليل على توافر المياه.‏

على الرغم من وعورة الأرض فإن أهالي القرية لم يهجروها وبقيت مسكونة عامرة كما كانت في سالف العهود ففي هذه القرية بقايا لحضارات قديمة تعاقبت عليها، وإذا كان تاريخ القرية قد رسم على جدران الأبنية التاريخية فإن مستقبل «بوسان» جسده أهلها بالعمل على استصلاح أراضيها وتحويلها لأراض صالحة للزراعة كانت نتيجة تعاون الأهالي مع مشروع الاستصلاح الذي قدم للقرية منذ عدة سنوات وحقق الكثير على أرض الواقع.‏

أهم الآثار المتبقية‏

مرت بوسان بمراحل عديدة عبر التاريخ و نجد فيها العديد من الآثار التي تخبرنا عنها مثل:‏

الأبراج الحجرية‏

يمكن رؤية مبان وأبراج مبنية من الحجر البازلتي ومسقوفة بربد محمولة على أقواس وهي المرحلة التي يرى فيها الباحثين بأنها مرحلة سابقة لتأسيس القرية بشكل فعلي من عرب الصفاة الذين سكنوا المنطقة منذ القرن الثاني قبل الميلاد, وقد يوجد مراحل أقدم من هذه المرحلة ولاسيما أن الوثائق التاريخية تتحدث عن وجود 800 منزل في القرية في نهاية الفترة الرومانية.‏

القصور الأثرية‏

كان للقصور الأثرية وجود واضح في القرية الأثرية حيث يوجد فيها خمسة قصور يظهر منها بقايا لقصرين منها قصر النبي أيوب وهذا ما تؤكده الروايات التاريخية التي تقول إنه كان يمضي فصل الصيف في هذه المنطقة .‏

ينظر معظم الباحثين إلى القصر على أنه أحد أهم المعالم الأثرية في بوسان وهو يتألف من عدة طوابق ويتوسط الطابق الثالث من الجدار الشرقي الذي بقي على حاله في حين تهدمت باقي الجدران المقابلة بالإضافة إلى وجود باب حجري يعرف بباب الحلس يقع في مواجهة الريح وهي تسمية تطلق على الأبواب الحجرية القديمة التي صممها الأهالي , ارتفاعه لا يتجاوز المتر ونصف المتر وعرضه متر, وهو عبارة عن درفة واحدة تتحرك وتعطي أصواتاً قوية عهدها أهالي القرية وتابعوها خلال عقود فائتة.‏

- يوجد بالقرب من القصر نبع للمياه قامت مديرية الآثار في السويداء بترميمه ليكون من الأبنية الأثرية العالية المميزة في القرية , عرف عن تلك الآثار متانة البناء الحجري الذي وجدت عليها نقوش بيزنطية وصفائية.‏

بقايا المعبد‏

الأهمية التاريخية لبقايا المعبد تأتي من مداميكه السفلية التي لازالت محفوظة تحت المنازل الحجرية المتأخرة والبناء الموجود في ساحته ذي المسقط البازيليكي الذي من المرجح أنه كان كنيسة ومنزلاً يعودان إلى الفترة الرومانية . كما أن مكانة هذا المعبد ومدلولاته كانت الحافز الأساسي لمديرية الآثار بالسويداء من أجل ترميمه بغية الاحتفاظ بقيمته التاريخية.‏

البرج الأثري‏

يعود البرج إلى الفترة البيزنطية وهو عبارة عن بناء مؤلف من غرفتين بمساحة 132 متراً مربعاً تقريباً , ويقع على عقار مساحته 500 متر مربع, وقد تم خلال عملية ترميمهما بين عامي 2004 و2005 اكتشاف امتدادات أثرية مختفية تحت الأنقاض ومبان محدثة وعدد من القناطر وغرف طابقيه في الجهة الشمالية.‏

- تم العثور على العديد من الكتابات العربية والنقوش العائدة للفترة الوسيطة الأيوبية والمملوكية التي تميزت باحتوائها على العديد من النقوش المؤرخة في موقع الزلف وكان أهمها نقش تاريخي يتطرق إلى تدمر أيام القيصر الروماني هدريانوس إضافة إلى نقوش مؤرخة في السنة التي قدم فيها القيصر إلى سورية إضافة إلى وجود بعض النقوش المكتشفة كانت تحمل اسم قرية بوسان.‏

أعمال التنقيب والترميم‏

- أكدت التنقيبات أنه تم بناء الجزء المنخفض من البرج في المرحلة الإسلامية حيث أظهرت الحفريات داخله وجود فخار من الفترة الأيوبية يؤرخ لهذه المرحلة والمرحلة المتأخرة من القرن السابع عشر ولغاية منتصف القرن العشرين والتي تتمثل في إعادة استخدام المباني القديمة والتعديل عليها وفق احتياجاتهم.‏

- بهدف إظهار البرج وحمايته وتأهيله وتقديمه للسائحين بشكل لائق قامت شعبة الهندسة في مديرية آثار السويداء بترميمه مع قناطر المنسوب السفلي وتنظيف وسط البرج وترحيل أتربة مع رسم الحجارة المنهارة وترقيمها, والرفع الهندسي الدقيق للأجزاء السفلية وإعداد ملف توثيقي للوضع الراهن «مساقط مقاطع واجهات» باستخدام الأجهزة المساحية الحديثة والتصوير الفوتوغرامتري.‏

ومن أجل الحفاظ على القيمة الأثرية لبرج بوسان الأثري خلال عملية الترميم وعدم الإساءة لمعالمه تم تكليف فريق من شعبة التنقيب لأعمال التنقيب الطوارئ في حال الضرورة حيث عمل الفريق عند الكشف عن المداميك المغطاة على الإشراف على عملية البناء لضمان البناء على الأجزاء الصحيحة واستخدام مونة تقليدية وبناء حشوات دعم دائمة بالحجر البازلتي عند الضرورة لحماية الجدران وإعادة بناء بعض الأحجار المنهارة سابقا بعد التأكد من مواضعها الأصلية من أجل استكمال البنية الإنشائية للبرج ومنعه من التصدع مرة ثانية إلى جانب تركيب حجارة القناطر والسقف.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية