تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيف يقرأ الخريجون مستقبلهم و يصورون معاناتهم؟

شباب
الأحد 2-6-2013
غانم محمد

لم تتوقف قوافل الخريجين من الجامعات والمعاهد عن التدفّق وهي التي تشبّعت أحلاماً وطموحات أثناء فترة الدراسة الجامعية لتصطدم فور تخرّجها بمرّ الواقع وقسوته، ودون أن تتخلى عن أحلامها بدأت رحلة البحث عن فرصة العمل ولكن بين «تدفيش» هنا و» وعود خلبية»

هناك اقتنع الكثيرون منهم بأن الفرصة الرسمية للعمل ليست متاحة للجميع لذلك منهم من اتجه لاختصار الطريق ومنهم من قبل بأسهل الفرص، ومن يسمح له تخصصه بالدروس الخصوصية لجأ لها، ومن ساعدته ظروفه على السفر لم يتأخر عنه، وآخرون شغلوا وقتهم بالعمل الزراعي أوفي مكاتب خاصة لا تؤمن لهم الحد الأدنى من الاستقرار والراحة، والبعض منهم ندم على سنوات قضاها في الجامعة..إلخ.‏

هذه النقاط وغيرها نعالجها في التقرير التالي مع بعض الخريجين من مناطق واختصاصات مختلفة..‏

لا لليأس‏

كرم إدريس «خريج أدب إنكليزي» حاله كحال خريجي كلية الآداب بشكل عام واظب على تقديم المسابقات وإعطاء الدروس الخصوصية والعمل في الزراعة لفترة قصيرة قبل أن يلتحق بخدمة العلم، وبعد إنهاء خدمة العلم أصبح هناك تفكير جدي بحياته وتأسيس مستقبله، فتابع في إعطاء الدروس لكن هذه الدروس والساعات لم تكن تكفيه كمصروف يومي وبدأ التفكير بجدية بالسنين التي تمضي من حياته دون فائدة حقيقية والعمر يتقدم به وهو في مكانه، لذلك اختار أقصر الطرق وأصعبه وتطوع في الشرطة، ففي نهاية الأمر هناك وظيفة دائمة وراتب محترم يسمح له بالتفكير في تأسيس حياته وعلى الرغم من الضيق الذي مر به ومعاناته لم يفقد الأمل بغد أفضل ولم يسمح لليأس أن يتغلل لداخله وبقي يتمسك بالتفاؤل وأنه مابعد الصبر إلا الفرج.‏

نار الغربة‏

ملهم القدور «خريج معهد مصرف تجاري « تخرج في عام 2007 وبعد تخرجه وكباقي الخريجين قام بالتقدم إلى العديد من الوظائف ولأن النتيجة معروفة لم ينتظر حتى نتائج هذه الوظائف وعمل في محل ألبسة كبائع ووضع شهادته على حائط المحل، استمر في العمل أكثر من عام وبعد اليأس من إيجاد وظيفة في القطاع العام أوالقطاع الخاص كان السفر هو الحل الوحيد أمامه وكان له ذلك، فقد سافر إلى إحدى دول الخليج وعمل كمحاسب في أحد البنوك الخاصة، ولكن هذا الحل الذي لجأ إليه يحتاج هو ذاته إلى حل، فأصبح معلقاً بين وطنه وأهله الذين أبعد وغرب عنهم وبين مستقبله الذي يريد بناءه، وبين هذا وذاك يبقى هو الخاسر الوحيد فلو فكر بالعودة إلى وطنه وبلده لا يضمن إيجاد فرصة عمل، وتبقى نار الغربة تكويه على الرغم من كل الذي حصل عليه وتحسين وضعه بشكل عام، والتعب نفسياً من ألم الغربة الذي لايعادله ألم ولا يوجد أمامه حل سوى الصبر فهو لو يضمن لنفسه وظيفة وبراتب جيد لايتردد في العودة إلى بلده لحظة واحدة.‏

على الانتظار‏

لارا أحمد «معهد الأبجدية للعلوم السياحية «: من قال إن معاناة الشابة أقل من معاناة الشاب ومن قال إن الفتاة في مجتمعنا لا تبحث عن عمل ولاتعاني مايعانيه الشاب في البحث عن الوظائف والتقدم إلى المسابقات.‏

ولارا هي خريجة لم تدع فرصة عمل ولم تستغلها أو مسابقة وقدمت عليها ولكن ما كان يزيد معاناتها هو بعد التقديم على المسابقات وإصدار النتائج وتكون من الناجحين لا يتم التعيين وكأنهم لم يقدموا ولم تعلن النتائج ويتم تجاهل الموضوع كلياً وعند مراجعة أي مسؤول لا أحد يرد على أسئلتهم واستفساراتهم بخصوص هذا الأمر.‏

لذلك اضطرت للعمل في أحد المكاتب الخاصة ريثما يتم الإعلان عن مسابقة وإيجاد وظيفة ثابتة في إحدى دوائر الدولة وليس من الضروري أو المهم أن تكون في اختصاصها ويبقى الأمل بالمستقبل الأفضل هو مايصبرها ويبعد عنها التشاؤم والكآبة رغم لحظات اليأس التي كانت تمر بها ولكن لم تكن تسمح لها أن تسيطر عليها.‏

المساواة‏

وسام اسماعيل «خريج كلية الحقوق» بعد تخرجه بدأ البحث عن عمل ريثما يتم سحبه لخدمة العلم كانت أبواب القطاع الخاص بانتظاره والعقود الشهرية الحل المفيد في هذه المرحلة عمل في أحد المنتجعات وعمل كمعقب معاملات ولكن العقود مؤقتة وبعد انتهائها لجأ إلى التطوع في كلية الشرطة لكن وحتى هنا لم يقبل ولم ينجح في المقابلة فتقدم للعديد من المسابقات التي كانت تعلن عنها الدولة باعتبار وظيفة الدولة بالنسبة للجامعين هي أفضل من أي عمل خاص لكن أول ماتواجه في هذه المسابقات هي الشروط التعجيزية التي توضع لكل مسابقة، يختلف الأشخاص في قدرتهم على تحمل الواقع ووسام من الأشخاص الذين ليس لديهم القدرة على الصبر وعلى الانتظار وكانت نفسيته محطمة كلياً وليس لديه الأمل بوظيفة أو عمل في دوائر الدولة، لذلك يضطر شبابنا للتفكير بموضوع السفر والهجرة بحثاً عن مستقبل أفضل،أما أمنيته فهي أن يكون لخريجي الحقوق وظائف فورية بعد تخرجهم مباشرة، فخريجو كلية الهندسة ليسوا أفضل منهم حتى يكون هناك التزام بتعيينهم مباشرةً بعد التخرج.‏

التزام‏

إيهاب نصر «كلية الآداب قسم الفلسفة»، بعد تخرجه وتقدمه للعديد من المسابقات التي لم يوفق بإحداها لجأ إلى الساعات الخاصة في المدارس والبيوت التي لم تكن تكفيه أجور نقل لكون الساعات التي تعطى له في مناطق غير المنطقة التي يسكن بها.‏

وبعد انتهاء العام الدراسي يبدأ التفكير ليس ببناء القصور وشراء السيارات ولكن الحصول على مصروفه اليومي فهل يعقل بعد25سنة من الدراسة والتعب أن يأخذ مصروفه من والده في حين يجب أن يكون هو من يقدم العون لأهله؟ لذلك بدأ العمل في القطاع الخاص وفي أعمال كأي عامل لايحمل حتى الشهادة الثانوية إلى جانب العمل في الزراعة وبدأ ندمه على السنوات التي خسرها من عمره لو أنه استفاد منها في الزراعة أو تعلم مهنة لكان لديه الآن بيت ولربما سيارة، فالمسابقات التي تقوم بها التربية لتعيين مدرسين لا تحصل بشكل مستمر وإن حصلت تأخذ أعداداً قليلة.‏

وبما أن الفلسفة تتبع لكلية الآداب ولايوجد أي التزام رسمي من الدولة تجاه خريجيها بالتعيين الفوري بعد التخرج يبقى التفكير بالمستقبل المجهول هو ما يشغل تفكير كل خريج جامعي في بلدنا وبين عمل وآخر وفترة وأخرى يكون الإحباط المرافق الدائم له والعجز عن أن يعمل أي شيء بحياته مع بصيص من أمل بتغير الوضع والحصول على وظيفة في إحدى دوائر الدولة.‏

مما تقدّم وما نعرفه عن هموم ومشاكل الشباب وخاصة في مرحلة الانطلاق للحياة العملية فإن فرصة العمل هي أكثر ما تشغل بالهم وبالتالي ينتظرون من الدولة أن تجد حلاً منصفاً وعادلاً وسريعاً بحيث لا يهدرون المزيد من الوقت في الانتظار وأن توجد مشاريع جديدة قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الخريجين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية