تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تخبطنا!!

معاريف
ترجمة
الأحد 2-6-2013
بقلم عاموس جلبوع

أتت حادثة إطلاق النار على سيارة اسرائيلية في الجولان وتدميرها ضمن سلسلة من حوادث إطلاق النار من الجانب السوري . وفي أعقاب هذا الحدث نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية « سانا » بياناً صادرا عن قيادة الجيش العربي السوري ,

ويقول البيان المذكور: إن القوات السورية الباسلة دمرت مركبة للجيش الإسرائيلي اجتازت الخطوط الفاصلة باتجاه قرية بئر عجم التي تتواجد فيها مجموعات مسلحة وسوف يتم تدمير أي سيارة تقوم باجتياز الخط الفاصل .‏

ولم يتناول أي مصدر أو جهة سورية أخرى التعليق عن الحادث , لا الرئيس بصفته القائد العام للجيش ولا رئيس هيئة الأركان السوري ولا وزير الدفاع ولا أي قائد عسكري ولا حتى وزير الإعلام الذي جرت العادة أن يخرج بتصريحات عقب أي شأن سوري . ومن وجهة نظري , نعم تعاملت القيادة السورية مع الحادث بمسؤولية وانضباط وحذر شديد . ولكن من جانبنا انطلقت أصوات الثرثرة , وعلى الفور وجهت الحكومة في  وسائل الإعلام الاتهام نحو الرئيس السوري بشار الأسد . وانطلقت التحليلات والتقديرات المبالغ فيها القائلة بأن إيران تقف خلف هذا الحادث في تدمير السيارة الإسرائيلية .‏

وفي إعلامنا بدأ الإعلاميون بطرح السؤال المقلق وهو : ما العمل أمام حقيقة أن الأسد يريد تسخين هضبة الجولان ووجه أوامره بتوجيه الصواريخ بعيدة المدى نحو قلب إسرائيل ؟ ومن أجل قرع طبول الحرب بقوة أكبر , هدد رئيس أركان جيشنا مباشرة وصراحة وليس تلميحاً الرئيس الأسد  وحمله المسؤولية المباشرة في حال اتسع نطاق النشاطات ضد إسرائيل . وبالتزامن مع هذا التهديد , انطلق صوت قائد سلاح الجو مهدداً ومتوعداً من امكانية نشوب حرب مفاجئة مع سورية في أي لحظة كانت . تصريحات جاءت في أعقاب تصريحات منسوبة تقول :إن إسرائيل تفضل الأسد وأخرى تكذبها وتنفيها من هنا وهناك . والإعلام بدوره يعمل على رفع الصوت وزخمه وزيادة الصخب ويقوي من قوة قرع طبول الحرب .‏

بشكل واضح , تكمن المصلحة الكبرى والأهم لإسرائيل في ضمان سلامة مواطنيها في هضبة الجولان . ومن أجل ذلك يتواجد الجيش الإسرائيلي . وفي ضوء ذلك , عليه أن يكون على أتم الأهبة وفي جهوزية تامة للرد في أي وقت كان ووفقاً للحاجة . ومن الطبيعي جداً أن قائد سلاح الجو هو الجهة الأولى المخولة الإعداد والتجهيز لسلاح الطيران , وبدوره تقع على رئيس هيئة الأركان مسؤولية إعداد باقي صنوف الأسلحة في الجيش . والسؤال لماذا يلجأ رئيس الأركان بشخصه إلى تهديد الرئيس السوري ؟ هذه ليست من صلب مهمته ! بل إن هذه المهمة تقع على عاتق رئيس الحكومة .‏

وفي حال كان رئيس الوزراء نتنياهو هو الذي وجه رئيس الأركان لإطلاق تهديداته ضد الأسد , يكون قد ارتكب خطأ فادحاً . في الماضي القريب من تاريخ دولتنا القصير , هدد رئيس هيئة الأركان , وكان حينها يشغله اسحق رابين بإسقاط النظام السوري في دمشق , وقامت الدنيا , حيث أثار تصريحه هزة قوية كادت تهويه عن منصبه من قبل رئيس الوزراء في ذلك الحين اشكول . ودون شك , لا يحلم لا رئيس الأركان ولا قائد سلاح الطيران على حد سواء وعلى الاطلاق بقرع « طبول الحرب » . ولكن يجري فهم هذه التصريحات على هذا النحو ضمن الظروف والواقع المتدهور والحساس الذي تشهده المنطقة . فضلاً على أن الأقوال والتصريحات النارية الإسرائيلية خلال الفترة الماضية تفسح المجال لخلق انطباع بأن إسرائيل تنجر إلى التدخل في الأزمة السورية عقب فترة طويلة من الابتعاد والتزام جانب الصمت .‏

في حقيقة الأمر , تعتبر الأزمة السورية مركبة متعددة الأوجه : محلية وإقليمية ودولية . وتكمن مصلحتنا العليا في عدم التدخل بأي شكل من الأشكال في هذه الأزمة . لقد سبق وتدخلنا في الصراع اللبناني واكتوينا بلهيبه . وفي حال تدخلنا في الأزمة السورية فإننا سنحترق بأضعاف مضاعفة . ومن يرد الحفاظ على نفسه عليه أن ينأى بنفسه عن تلك الأزمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية