تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من المجنون?

هآرتس-< بقلم جدعون ليفي
ترجمة
الأحد 2/9/2007
ترجمة ليندا سكوتي

دأب بنيامين نتنياهو على الإصرار بأنه سياسي ماهر, الأمر الذي جعلنا نشك بأنه هو الجهة التي أظهرت شخصية

موشيه فيجلين للوجود, على الرغم مما يعلنه عن رغبته باستبعاده واجتثاثه, لكن الواقع يؤكد لنا بأن فيجلين هو الشخص الذي أبرز من جديد وللمرة الثانية نتنياهو قائداً لحزب الليكود, باعتباره معتدلاً ومسؤولاً ذكياً ذا خبرة في معالجة المعضلات, وله القدرة على وضع الحلول المناسبة لها, وذلك عكس ماعرف عن منافسه فيجلين واتباعه الذين ينظر إليهم الناس باعتبارهم مجموعة من المجانين بينما هو رجل دولة, وهم متطرفون وذوو أفكار غريبة, وهو سيكون رئيس الوزراء القادم الذي سيحقق السلام والأمن ( لاسرائيل ), وبذلك يتعين على نتنياهو أن ينظر بعين الاحترام والامتنان للرجل الذي سهل له خداع الإعلام والشعب الإسرائيلي.‏

سؤال يتعين علينا طرحه على أنفسنا: ماهو الفرق بين موقفيهما? ذلك السؤال الذي لم يطرح مطلقاً في الإنتخابات الأولية لحزب الليكود, إن الحقيقة تقول بأنه ليس ثمة اختلاف بينهما, إذ إن الجميع في حزب الليكود لهم أفكار تحاكي الأفكار المتطرفة لفيجلين, أما الاختلاف بينهما فليس له من وجود إلا في وسائل الإعلام والخطابات التي يلقيانها, حيث تتماثل وجهة نظرهما في استمرار الاحتلال والإبقاء عليه, وتأييد الحل القائم على الدولة الواحدة ( اليهودية ), وإقامة دولة عنصرية يعيش فيها المجتمع في طبقتين: طبقة عليا تقتصر على اليهود وطبقة دنيا تضم العرب, وليس لدى أي منهما نية حقيقية في تغيير الوضع الراهن للقضايا القائمة, حيث نجد بأن فيجلين يتحدث عن الدولة اليهودية, والنقاء العرقي بينما لا يجرؤ نتنياهو على الإدلاء بأقوال مماثلة, لكنه لايقترح أي حلول مناسبة مثله في ذلك مثل أي شخص يعارض الإنهاء الكامل للاحتلال, وهو يؤيد باستمرار الإبقاء على الوضع الراهن ما يعني بأن رغبته تقوم على إنشاء دولة يهودية يعيش فيها نسبة كبيرة من السكان العرب في ظروف قاسية جداً.‏

إن نتنياهو لم يوضح لنا رؤيته للعشرين أو ثلاثين سنة القادمة, ولم تطلب منه أجهزة إعلامنا توضيح رؤيته المستقبلية, وماذا يتوقع أن يحدث في ضوء وجود 3 ملايين فلسطيني يتزايد عددهم باطراد ? ماذا سيحصل لهم تحت وطأة الاحتلال فهل سيضمون للحركة الصهيونية ? أم سيهاجرون عن طيب خاطر أم أنهم سيعيشون للأبد تحت أقدام الاسرائيليين ? أليس ذلك ضرباً من الجنون?‏

على نقيض فيجلين, يلاحظ أن نتنياهو يفتقر إلى الشجاعة في إعلان مبادئه التي تماثل نتائجها ذات الأفكار التي يعتنقها فيجلين. لقد قال نتنياهو: ( إذا أعطانا الفلسطينيون, فسيحصلون على شيء من مطالبهم) ويرد عليه فيجلين بالقول: ( إنهم لن يعطونا أي شيء ولن يحصلوا على أي شيء وعلينا العمل على هزمهم وقهرهم ).‏

وبذلك يتساءل المرء عن ماهية الاختلاف بين الرجلين.‏

لقد قدم الفلسطينيون الذين يحيطون باسرائيل تنازلات متعددة لكنهم لم يحصلوا على أي شيء مقابل ذلك, حيث تبين بأنه على الرغم من انحسار الإرهاب لم تتحسن الظروف المعيشية لهم في هذا السجن الكبير الذي يعيشون به, فماذا سيقدم لهم نتنياهو على وجه التجديد? ما العظمة التي سيرميها لهم إذا أحسنوا التصرف? فهل سيمنحهم ربع مدينة الخليل أم نصف نابلس ? وكم سيستمر بالحديث عن الإرهاب الفلسطيني, ذلك الأمر الذي يعتبره في مقدمة اهتماماته في الوقت الذي يغض به الطرف عما ترتكبه (اسرائيل ) التي قتلت من الفلسطينيين أربعة أضعاف ماقتل من الاسرائيليين ( من النساء والأطفال والرجال ) في الوقت الذي اختفى به الإرهاب تقريباً من شوارعنا ?‏

ثمة اختلاف واحد بين فيجلين ونتنياهو حيث نجد أن نتنياهو يتحدث عن قرب نفاد الوقت بالنسبة للتهديد الإيراني, ويستطرد بالحديث عن هذا التهديدو الذي يشكل بطاقة رابحة له, وعلى الرغم من استمراره في إبراز هذا التهديد نراه يتجاهل بشكل كامل المشكلة الفلسطينية.‏

أظهرت استطلاعات الرأي بأن نتنياهو هو القائد الأكثر شعبية في ( اسرائيل ) في الوقت الحاضر, وتلك النتيجة تعني أن ( اسرائيل ) لاترغب بالسلام. لكن مؤيدو نتنياهو لم يسألوا أنفسهم إلى أين سيأخذهم هذا الرجل الذي رغبوا تتويجه على عرش البلاد, والذي يبذل قصارى جهده لقيادتها? إن كل مايعلموه هو أنهم يدعمون مسؤولاً معتدلاً على منافسه فيجلين المتطرف, وبذلك أظهرهم نتنياهو أغبياء لمرة أخرى والسؤال: لمن يعود الفضل في إبراز نتنياهو على هذا النحو ? في واقع الأمر إن الفضل يعود بلا شك إلى فيجلين.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية