|
معاً على الطريق وبالمقابل يصرّ عدد من الحكومات الأوروبية حتى اليوم على تقديم الدعم السياسي واللوجيستي للتنظيمات الإرهابية في سورية والعراق وغيرها، على الرغم من خوف هذه الدول من عودة الإرهابيين الذين يحملون جنسياتها كما هو حال فرنسا وبريطانيا. تريد الدول الغربية بالقيادة الأميركية تعميم سياسة الازدواجية حتى في النظرة إلى الإرهاب، فمن جهة هذا الإرهاب خطر على الدول الغربية وتجب مكافحته بكل الوسائل، ومن جهة أخرى الإرهاب ذاته محبب لدى هذه الدول عندما يكون أداةً ووسيلةً لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية. لقد كشف اجتماع فيينا الأخير أن الدول الغربية لم تأخذ العبرة مما حصل في باريس بإصرارها على تعميم مسميات لتنظيمات مسلحة إرهابية وزجها في قائمة المعارضة في سورية علماً أن جميع عناصر هذه المسميات انخرطوا في العمل مع «داعش» و»النصرة» وأخواتهما في سورية والعراق، و هذا يكشف ان اوروبا لم تتعلم بعد من الدرس الباريسي المؤلم ويحتاج الامر المزيد من التفجيرات الإرهابية لتغيير موقفها و تعود إلى جادة الصواب بالوقوف الى جانب الجيشين العربي السوري والعراقي والقيادتين في البلدين وإلى جانب روسيا لهزيمة الإرهاب بأقصى سرعة ممكنة. والشيء الذي يزيد الطين بلةً في نتائج اجتماع فيينا هو تكليف دول لم تترك وسيلة إلا واستخدمتها لدعم التنظيمات الإرهابية ووضع قوائم المجموعات المسلحة التي لا تعتبر إرهابية. إن مكافحة الإرهاب على الطريقة الأميركية الغربية تعني زيادة النشاط الإرهابي واتساعه عمودياً وأفقياً، والأحداث الإرهابية التي وصلت إلى الصين وفرنسا ومالي وشرم الشيخ وبيروت لا يستبعد أن تصل إلى نيويورك والرياض ودبي وحتى طوكيو وتايوان إذا بقيت الدول الغربية تتعاطى مع التنظيمات الإرهابية بازدواجية الخطورة وتحقيق المصالح. وإذا كانت مكافحة الإرهاب الغربية ستحافظ على سياسة المساواة بين الحكومات الشرعية والرؤساء المنتخبين من الشعوب وبين التنظيمات الإرهابية فقد نشهد جراء هذه التعمية أنشطة إرهابية تعجز الدول عن السيطرة عليها، الأمر الذي يدعو إلى توحد العالم أجمع إلى جانب التحرك الروسي لدحر الإرهاب والضغط على الدول الغربية الاستعمارية للكف عن الاستثمار في الإرهاب لتحقيق أهدافها القذرة غير آبهة بما قد يحصل لشعوبها. ويشكل تآكل شخصية الأمم المتحدة السياسية والقانونية ورضوخها التام للإرادة الغربية في النظرة إلى مكافحة الإرهاب سبباً إضافياً يسهم في إضعاف الجهود النظيفة لمكافحة الإرهاب ومنعكسات العنصرية في العديد من الدول الغربية، حيث كان الأولى بالقيمين على الأمم المتحدة إدانة هذه الأفعال وتحميل الحكومات التي دعمت التنظيمات الإرهابية ومنها الحكومة الفرنسية مسؤولية هذه الأعمال الإرهابية. إن إصرار الدول الغربية على سياستها المزدوجة في النظرة إلى الإرهاب يؤشر إلى أن العالم تنتظره أوضاع أمنية سيئة إلا إذا تحرك بفاعلية ضد الدول المستثمرة في الأنشطة الإرهابية وعلى رأسها الولايات المتحدة. ويجب أن تعلم هذه الدول أن كل التنظيمات المسلحة في سورية والتي استخدمت السلاح ضد الحكومة الشرعية والشعب السوري تدار من الخارج وتتفق فيما بينها بالصفة الإرهابية وإن محاولة البعض زج عدد منها في العملية السياسية يهدف إلى استمرار الوضع القائم في سورية وبالتالي امتداد الإرهاب إلى الدول التي لم يمتد إليها بعد. |
|