|
الثورة - رصد وتحليل ولو على حساب دماء الشعوب التي يصدر اليهم ارهابه الدموي فتارة عبر تسول الاموال، وتارة عبر تجارة الدم والقتل، وأخرى في تعاطيه مع الدول عبر ما يسميه «الدفع مقابل الامان». وفي ظل ذلك التعاطي المدمر يتوهم ترامب من نفسه بأنه يمتلك العالم، وبالفعل هذا الأمر كان واضحا في خطاباته خلال مرحلة الحملة الانتخابية، فكثيرة هي الشعارات والوعود التي أطلقها والتي تعبر عن شخصية متغطرسة لديها شبق لتحصيل المال بأي وسيلة، وقد وصفه الأمريكيون أنفسهم بالجنون والتطرف القاتل. أما ما بعد انتهاء تلك المرحلة وفتح أبواب البيت الأبيض أمام ذلك التاجر أصبح من الضروري إعادة قراءة هذه الشخصية وفهم حقيقة توجهاتها على ضوء القرارات والتصريحات التي يطلقها وهو في سدة الحكم الفعلي. فمنذ أن تولى «دونالد ترامب» زمام الحكم في أميركا لم يغير شيئاً من كونه تاجراً فاجراً، لا يعرف سوى سياسة البيع والشراء، فبدل أن يبدأ عهده على شاكلة أسلافه ممن سكنوا البيت الأبيض، كان قراره المضي قدما في تجاراته، وانتهاز الفرص من موقعه الجديد، ليتحول بذلك إلى تاجر اموال ودماء على حد سواء برتبة الرئيس الاميركي. لم يلبث «دونالد ترامب» ساعات في البيت الأبيض حتى بدأ بإلغاء اتفاقات دولية كان قد وقعها سلفه، وإصدار قرارات اعتبرت في الداخل الأميركي نفسه عنصرية ولا تتسم بالتعقل ولا بالمنطق، كذلك القرار الذي يمنع رعايا عدة دول من دخول الأراضي الأمريكية، وحربه الشرسة على حقوق الفلسطينيين التي بدأت مع نقل السفارة الاميركية واعتبار القدس العربية عاصمة الكيان الاسرائيلي وليس انتهاء بالابتزاز المالي والضغط السياسي لتمرير جريمة»صفقة القرن»، انطلاقاً الى إلغاء الاتفاق النووي مع ايران وهنا تبدأ المفارقات والمؤشرات على شخصية ترامب تظهر للعلن الواحدة تلو الأخرى. واعتبر «ترامب» أن آل سعود يشكلون البقرة الحلوب لبلاده وأنه متى ما جف ضرع هذه البقرة ولم يعطِ الدولارات والذهب عند ذلك نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا القيام بهذه المهمة. ولتتحقق رغبة «ترامب» التجارية بسرقة أموال الخليج وخاصة السعودية فقد امتطى صهوة الفعل العدواني والاجرامي بحق المنطقة وخاصة سورية، إذ إنه وبعد شهر ونصف الشهر تقريبا من عدوان أميركا على مطار الشعيرات 7/4/2017 تم التوقيع على شراء كمية من السلاح الأمريكي بقيمة 400 مليار دولار21/4/2017 ويمثل هذا الاتفاق الصفقة الأكبر في تاريخ العالم. ويبدو أن ترامب ظل يجول ويدور بأوهامه التجارية المترهلة حتى وصل به المطاف لإعلان حرب تجارية مع الصين أكبر اقتصادات العالم، ما شكل نذير شؤم على الاقتصاد العالمي، حيث يحذر خبراء من أن أي نزاع تجاري مطول بين أكبر اقتصادين في العالم سيؤثر في نهاية المطاف على النمو ليس فقط في الولايات المتحدة والصين، بل على الاقتصاد العالمي ككل. لي الذراع الصينية ومن قبلها الروسية، هو ما كان بالحسبان الاميركي لكن الواقع قال ويقول عكس ذلك، إذ إن الحرب التجارية بين واشنطن وبكين تستعر، فالصين ترد على كل خطوة تقوم بها واشنطن بخطوة معاكسة، مع إعطاء مجال للعودة عن تلك التهورات التي تقود الاقتصاد العالمي الى الدمار، حيث تدعو بكين واشنطن إلى العودة إلى «الحس السليم» قبل أي رد صيني على الاجراءات الاميركية. إذاً يبدو أن عقلية التاجر لم تسعفه هذه المرة كما أنها لم تسعفه في حربه الاقتصادية مع روسيا، ويتوقع خبراء اقتصاديون أن تنزلق الولايات المتحدة وأوروبا في مسار الركود الاقتصادي إذا ما فرض ترامب كل الرسوم الجمركية التي هدد بفرضها، والتي ستطول بضائع بقيمة 560 مليار دولار. فالتاجر ترامب لم يكن يدخل في حساباته إمكانية عزل أمريكا عالمياً إذا اشتد الصراع التجاري، فخلافاً لما هو بالولايات المتحدة، حيث يُقيد منصب الرئيس دستورياً بفترتين رئاسيتين فقط، ألغت الصين مؤخراً هذه القيود، وهذا يعني أن الرئيس الصيني، تشي جين بينغ، لن يواجه أي ضغوط لتحقيق أي نتائج سريعة. |
|