تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ورق أيلول

فواصل
الثلاثاء 25-9-2018
منال السمّاك

من جديد .. يعود أيلول ليغير نغمات الحياة ، و يعيد التوازن إلى الطبيعة ، واعداً بخريف لا تتساقط فيه أحلامنا يابسة ،

و لا تتطاير من أشجار أمنياتنا وريقات محطمة القلب مكسورة الخاطر ، فالربيع الحزين قد رحل تاركاً ذكريات سكنت في زوايا معتمة من قلوبنا ، و راسماً على جدراننا المستعادة صوراً متشحة بالسواد لراحلين صنعوا نصر وطن .‏

من جديد .. ينهض الأمل في باحات مدارسنا ، و تستنفر ساعاتنا الصباحية منبهة لاستيقاظ باكر ، و ارتداء العلم لباساً ثم تأبط حقائب التاريخ و الجغرافيا و الرياضيات ، و عناق قواعد اللغة العربية و حروفها ، و مصافحة أعلام الأدب و أصحاب العلوم ، لتسير قوافل الطلاب و التلاميذ ، فترقص شوارعنا فرحاً على إيقاعات وقع أقدام انتعلت إرادة صلبة ، لم تقهقرها سنوات حرب ، فلون الزهر و الأزرق يزين ساحاتنا تحت مظلة وارفة لأمان ، فلا ترتجف على فلذات الأكباد قلوب الأمهات ، صورة واعدةً بجيل يقهر الصعاب ليصنع مستقبلا سوريا مشرقا، و يصفع صناع الربيع العربي و خدامه .‏

من جديد .. و كما كل أيلول ننجح بالمعادلة الأصعب رغم رهاناتنا و هواجسنا ، سرعان ما تنجلي سحابة مخاوف جيوبنا المختنقة من تراكم متطلبات خريفية ، ومن تزاحم قائمة المشتريات ببند « مؤونة شتوية « ، إلى جانب كسوة و لباس مدرسي و قرطاسية ، لتخرج ميزانيتنا من معمعة المصاريف الخريفية بأقل الخسائر ، متسلحين باستراتيجيات ذكية من تدبير و تدوير و توفير و ترشيد ، و حكمة و ذكاء في انتقاء وجهات تسوق تراعي تواضع ميزانيتنا و تهالك دخلنا.‏

خريفنا هذا العام مختلف ، سيخالف قواعد الطبيعة ليكون مزهراً مورقاً ، فالصورة اختلفت عن سنوات حرب ألمت بنا عنوة ، و سحابات الإحباط و موجات طارئة لاكتئاب قد انقشعت من سمائنا السورية ، وكل شيء يعد بالسير نحو الأفضل ، وأوراق أيلول تعدنا بألا تكون صفراء متساقطة ..‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية