تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ماذا وراء جولات كيري في المنطقة؟

شؤون سياسية
الاثنين 27-5-2013
 بقلم: نواف أبو الهيجاء

خلال اقل من ثلاثة اشهر قام وزير الخارجية الامريكي جون كيري بأربع زيارات للمنطقة وتحديدا للقدس ورام الله .

كما انه زار تركيا ومصر والاردن . وزياراته تلك تذكرنا بجولات وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر في اثر حرب تشرين التحريرية التي سميت بالزيارات المكوكية والتي مهدت الدرب في النهاية لزيارة السادات للقدس ثم عقد اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة .‏

وزير الخارجية الامريكي له عدة اهداف من وراء زياراته المتكررة للمنطقة منها ما يتصل بالوضع في سورية ومحاولة قراءة امريكية للمواقف وتنسيق هذه المواقف بين حلفاء واشنطن . وهذا امر مفهوم . لكن زياراته الاربع لفلسطين المحتلة تهدف في ما تهدف الى تحقيق اختراق في الجمود الحاصل فيما تسمى العملية السلمية . أي وقف المفاوضات واصرار تل ابيب على الاستمرار في منهجها التهويدي لكافة المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية عموما وفي القدس بشكل خاص . تعكس لقاءات كيري مع المسؤولين الصهاينة في القدس المحتلة تحديداً السياسة الفعلية لواشنطن من مسألة القدس .‏

واذا كان كيري لم يصرح على الهواء اوفي المؤتمرات الصحفية التي يعقدها في القدس كما في رام بما كانت تتمحور حوله محادثاته مع الجانبين - السلطة والاحتلال - الا ان القليل من كلماته كان كافيا ليقول المتتبع ان كيري يريد ان تعود الحياة الى المفاوضات المباشرة بين السلطة والكيان الصهيوني بصرف النظر عن الموقف الصهيوني الثابت من ( سيناريو حل الدولتين ) . وهو السيناريو التي يريد الكيان الصهيوني كما الولايات المتحدة من خلاله تصفية القضية الفلسطينية بصورة نهائية . ذلك ان حل الدولتين يعني - صهيونيا - اعترافا فلسطينيا وعربيا بدولة يهودية للصهاينة في فلسطين - ما يعني اعترافا عربيا وفلسطينيا بأن العرب والمسلمين كانوا ( غزاة ومحتلين لفلسطين على مدى الخمسة عشر قرنا الماضية في الحد الادنى . كما ان التصور الصهيوني لهذا الحل يقول ببقاء المستوطنات في الضفة الغربية على ماهي عليه - أي بقاء نصف مليون مستوطن في الضفة الغربية وتحت السيادة الصهيونية المباشرة وذلك يعني ايضا ان الدولة الفلسطينية العتيدة ستقوم على 78%من اراضي الضفة الغربية مضافا اليها 3%من مساحة فلسطين التي هي مساحة قطاع غزة . الى جانب ذلك فحل الدولتين صهيونيا يعني تأمين الكيان الصهيوني بالسماح له بالابقاء على قوات عسكرية في الاغوار وطبعا تحت السيادة الصهيونية . في مقابل ذلك يتم تبادل الاراضي بين الطرفين فيقدم الصهاينة للفلسطينيين جزءا من صحراء النقب في مقابل الاراضي التي تقوم عليها المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية . كما ان حل الدولتين - صهيونيا وامريكيا - يقول بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني والاماكن المقدسة تحت الادارة الدولية ومفتوحة للاديان الثلاثة ( الاسلام والمسيحية واليهودية ) . اما حل قضية اللاجئين فهو جاهز ومتفق عليه في المبادرة العربية - الحل العادل الذي يعني ان يتم توطين معظم الفلسطينيين اللاجئين في اماكن تواجدهم - في الشتات في اوربا وامريكا والدول العربية - وعودة اعداد محدودة من اللاجئين الفلسطينيين الى ( (الدولة الفلسطينية ) والسماح بعودة بعض الاسر الفلسطينية الى فلسطين المحتلة عام 48 في اطار عملية ( لم الشمل ) . لكن الصهاينة ايضا سيفتحون ممرا يوصل القطاع بالضفة . وعلى الفلسطينيين اختيار عاصمة دولتهم - ربما في رام الله او السلوان .‏

ان العودة الى طاولة المفاوضات تستهدف الحق الفلسطيني في فلسطين وتريد من الفلسطينيين الاعتراف للصهاينة بدولة تبيح لهم طرد نحو مليون ونصف المليون فلسطيني ممن ظلوا مزروعين في الوطن منذ قيام الكيان الصهيوني .‏

التعويضات للاجئين ستدفع من اموال النفط العربي . هكذا تتم التصفية لصالح الكيان الصهيوني - وهي ذي الاهداف الحقيقية لجولات كيري . الى جانب انها ايضا تكرس الانقسام الفلسطيني وحالة الهوان عربيا .‏

Nawaf.m.abulhaija@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية