تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اقتصاد أوروبا يتدحرج باتجاه الأسوأ

مساحة للرأي
الاثنين 27-5-2013
بقلم د. قحطان السيوفي

لايخفى أن اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي التي تحاول لعب دور ما في السياسة الدولية تعاني اليوم الكثير من تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وانعكس ذلك بالمزيد من البطالة وعجز الموازنات وتضخم حجم الدين العام..

.ونجم عن ذلك المزيد من ضعف الدور السياسي لاوروبا...آخر التقارير الصادرة عن مكتب الاحصاءات في الاتحاد الأوروبي (اليوروستات) في نيسان 2013 تشير بوضوح الى عمق الأزمة الاقتصادية الخانقة في أوروبا حاليا: البطالة سجلت ارتفاعا في دول منطقة اليورو ليصل معدلها الى مستويات قياسية (12,1%) ووصل هذا المعدل في اليونان الى (27,2%) وفي اسبانيا الى (26,7%). بالمقابل فإن عجوزات الموازنات في معظم دول منطقة اليورو سجلت ارقاما عاليه غير مسبوقة...ولكن وبسبب الاجراءات التقشفية الشديدة التي فرضت على العديد من دول منطقة اليورو بهدف السيطرة على العجز المالي فإن تقارير مكتب الاحصاءات الأوروبي اشارت الى تراجع نسبة العجوز الى الناتج المحلي الاجمالي في دول منطقة اليورو الى (3,7%) في عام 2012 بعد أن كانت االنسبة (6,4%) في عام2009. من ناحية أخرى ارتفعت نسبة الدين العام الى الناتج الاجمالي من (80%) عام 2009 الى نسبة (90,2%)في عام 2012 .وكشفت دراسة بريطانيه أن (5)ملايين أسرة بريطانية تعتمد على الاقتراض أو السحب من مدخراتها السابقة لتغطية احتياجاتها الغذائية الشهرية ويدلل ذلك على أن هذه الأسر تقترب يوما بعد آخر من حافة الفقر. هذه الدراسة -حسب المحلل الاقتصادي البريطاني (هانس نيل) ترفع النقاب عن حجم المأزق الاقتصادي البريطاني الراهن. في بريطانيا أيضا كل أسرة من أصل خمس أسر بريطانية دخلها الشهري لايغطي فاتورة الغذاء (حسب احصاءات نيسان 2013) وهذا يتجاوز الابعاد الاقتصادية الى ابعاد مستقبلية لأن هذه الاسر ستقلص استهلاكها الغذائي الى أدنى مستوى وستلجأ الى تناول أطعمة أقل جودة مما سيؤثر على صحة المواطن البريطاني الآن ومستقبلا...وهذا سيساهم في زيادة ميزانية الصحة الحكومية بدرجة أكبر...ما يعني عمليا أن سياسة التقشف الحكومية غير مجدية وتؤدي الى المزيد من المتاعب الاقتصادية. ألمانيا حذرت - على لسان وزير ماليتها (فولفانغ شويبليه) ـ من أن التمديد الذي منحته المفوضية الأوروبية لفرنسا واسبانيا لمدة سنتين لخفض العجز مشروط باتخاذ البلدين اصلاحات واضحة...(لأن الوضع الاقتصادي في فرنسا واسبانيا سيء ومتدهور)...حسب تعبير الوزير الألماني.‏

وجهة نظر ألمانيا تقوم على الاعتقاد بأن النمو القائم على الدين هو نمو غير مستدام ولكن هذا الرأي بدأ يتزعزع على ضوء الاوضاع الاقتصادية السيئة في العديد من الدول الأوربية...منذ ثلاث سنوات ونيف وسياسات التقشف المالي هي السائدة في عملية صناعة السياسة الاقتصادية في أوروبا انطلاقا من أن السياسات الاقتصادية التي تؤدي الى زيادة مستويات الدين العام هي سياسات غير مستدامة وتنعكس لاحقا بمزيد من تراجع النمو...وهذه النظربة تختلف عن المنهج الكينزي لمعالجة مشكلة الركود ...حيث تلجأ الحكومات الى زيادة الانفاق العام على مشروعات عامة لمعالجة تراجع الطلب الكلي...ولكن أوروبا الضعيفة والمرهقة اقتصاديا لجأت الى التقشف كسياسة لمواجهة الأزمة تحتاج اليوم لسياسات أخرى لرفع قدرتها على مواجهة النمو في ديونها...على ضوء التخبط في الوضع الاقتصادي الذي تعيشه دول منطقة اليورو في مواجهة الأزمة الاقتصادية الحادة التي عصفت بمعظم بلدان الاتحاد الأوربي بما في ذلك دول الامبراطوريات البائدة كبريطانيا وفرنسا التي تحاول استعادة نفوذ ضائع ...لكن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في أوروبا وخاصة منطقة اليورو جعلتها مهدده بالتفكك وعاجزة عن تحقيق احلامها السياسية لاستعادة أدوارها المفقودة في العالم العربي... ووجدت نفسها في ظروف صعبة ومربكة جدا تعاني من عجز سياسي واوضاع اقتصادية ضعيفة جدا ولم تتمكن القمم واجتماعات وزراء الاقتصاد والمال في اخراج أوروبا من أزماتها العميقة... واصبحت اقتصاداتها المنكوبة تتدحرج من السيء الى الأسوأ.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية