|
فضائيات لطالما ينحسر مفهوم الحوار الحق لصالح أي حديث في أي لقاء ما بين طرفين ( ضيف ومضيف ) .
تفرز هذه البرامج _ اللقاءات ، ما يمكن أن نطلق عليه مسمّى الضيف الذكي ، بدلاً من المحاور الذكي .. وسيبقى الأمر كذلك مادام هناك معدٌّ لبرنامج ما ، يختلف عن المقدّم .. ثنائية ( المعدّ ، المقدّم ) تفرض نفسها بقوة في شاشاتنا الوطنية .. ثنائية تكبّل المقدّم وتمنعه فيما لو أراد ، من إنشاء أي حوار حقيقي . ذلك أن المقدّم الناجح هو من يستنبط من خلال الحوار ، الأسئلة القوية ويلتقطها من ثنايا ما ينطق به الضيف ، كي تُغنى القضية الحوارية المناقشَة . الحاصل في برامجنا أن هذا المقدّم يبقى أسير أسئلة يقرؤها على ضيفه ، ولا يجوز له _ على ما يبدو _ أن يبتعد عن حدود يرسمها له المعدّ ، ولا إنش أو حتى ميلمتر واحد .
هكذا تأخذ معظم اللقاءات الفنية _ الثقافية هيئة سؤال وجواب ( ع الماشي ) وبلا حوار ووجع قلب . . ما تقدّمه إضاءات سريعة لاتكاد تكفي لاستبيان ملامح القضية الأولى التي يتم السؤال عنها ، ثم بسرعة الريح يتم القفز الى السؤال ( القضية ) التالية .. ولهذا تفترض هذه النوعية البرامجية ضيفاً لمّاحاً ليسدّ فراغ المقدّم .. إذ على الضيف أن يعرف تماماً ما يقول ، وبأكثر العبارات تكثيفاً واختصاراً . برنامج ( منا وفينا _ تلفزيون الدنيا ) استضاف مؤخراً الفنان جهاد سعد ، وخلال مدة البرنامج ( ساعة واحد ) تم ّ التطرّق لأهم جوانب المشهد الثقافي السوري _ سينما ، مسرح ، تلفزيون _ عبر سؤال الفنان سعد عن تجربته مع هذه المؤسسات الوطنية . بصراحة .. تبدو هنا استضافة فنان _ مسرحي ، مفيدة لكن مكرورة بذات الوقت .. غالبية ما يطلقونه من آراء لاسيما بمجال المسرح والسينما ، بتنا نحفظها غيباً . يُعلن سعد .. المسرح السوري سيموت إن بقي على هذه الحالة ، لافتاً الى ضرورة تغيير القوانين التي تحكم المسرح لدينا منذ عام 1966 م الى الآن . وفي السينما يقول .. لايوجد سينما في سورية ولايوجد لدينا نجوم شبّاك ، لأنه ببساطة لايوجد صناعة سينما. وتسأله مقدّمه البرنامج ريم معروف عن تجربته في التلفزيون السوري من خلال برنامج ( خبرني يا طير ) ، فيصرّح لن أُعيد التجربة إذا كانت بنفس الطريقة .. موضحاً .. عندما تتسع الفكرة تصبح بحاجة الى مزيد من الخدمات . ( منا وفينا ) مثله مثل غيره من مجموعة برامج تُطرح بالجملة على اعتبار أنها حواريات فنية _ ثقافية ، وإن كانت لاتتعمّق بفكرة _ مشكلة محددة ، إلا أن لها ميزة قطف الآراء من أفواه هؤلاء الضيوف .. ومعلومكم رأي وراء رأي .. ممكن أن يؤثر ، على مبدأ ( نقطة ورا نقطة ) .. آراء هي ليست بالجديدة ، ولكن جيد أن يعيد الفنانون ممن لديهم هاجس ثقافي حقيقي ، طرحها ، كلّما سنحت لهم الفرصة ، لعل التكرار ينفع .. ولربما بالخطأ أو عن طريق الصدفة استمع القائمون على تلك الواجهات الثقافية ( مسرح _ سينما _ تلفزيون ) على بعض من شجون وهموم الفنانين التي هي في جوهرها ليست سوى مشكلات تعاني منها تلك المؤسسات .. وتحول دون سيرها إلى الأمام .. منذ زمن يُعلي هؤلاء أصواتهم مذكرين .. مطالبين .. حاثين .. لفعل أي شيء .. وعلى ما يبدو كلما ارتفعت أصواتهم ، صمّ البعض آذانهم .. وكما لو أنهم يعتبرونها نغمة ( نقّ ) لا أكثر ولا أقل .. و لنا و لهؤلاء الفنانين المهتمين كل الترف لو أعطى ذلك ( النقّ ) مفعوله . |
|