تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قراءات في الصحافة الإسرائيلية... غضب إسرائيلي حاد من تلويح ميتشل بقطع المساعدات

ترجمة
الأحد 17-1-2010
إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة

أحدثت تصريحات جورج ميتشل المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط والذي لوح خلالها بوقف المساعدات الأمريكية عن اسرائيل ما لم تتحرك قدما باتجاه التسوية ردود أفعال غاضبة على المستوى الرسمي والشعبي في اسرائيل ،

فقد علقت مصادر في مكتب نتنياهو:، إن «الجميع يعرف أن السلطة الفلسطينية ترفض استئناف محادثات السلام فيما نفذت إسرائيل خطوات مهمة لتحريك العملية، والسلطة الفلسطينية هي التي يجب أن تغير طريقها وبالتأكيد ليس حكومة إسرائيل».‏

العمل وفق المصالح‏

فيما قال وزير التربية في حكومة نتنياهو، غدعون ساعر، خلال اجتماع الحكومة إلى أنه «يجب التوضيح إلى أنه في الموضوع السياسي ستعمل إسرائيل وفقا لمصالحها المهمة وليس انطلاقا من علاقاتها مع دول أخرى». وأضاف «أعتقد أن الإدارة الأميركية تعرف أن من يمنع إجراء مفاوضات سياسية هي السلطة الفلسطينية التي تضع شروطا مسبقة لم يتم وضعها في الماضي» في إشارة إلى مطلب السلطة الفلسطينية بتجميد الاستيطان في القدس الشرقية والضفة الغربية.‏

أما ردة الفعل الحادة فقد كانت من قبل وزير المالية،يوفال شتاينيش الذي قال :«إن بإمكان إسرائيل تدبر أمرها من دون الضمانات الأميركية للقروض التي تحصل عليها إسرائيل من جهات دولية ،ونقلت مصادر إعلامية إسرائيلية عن شتاينيتش قوله خلال اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي إنه «لا يتعين علينا استخدام هذه الضمانات ونحن نتدبر أمرنا جيدا دونها». وأضاف إنه «قبل أشهر قليلة فقط اتفقنا مع وزارتي المالية والخارجية الأميركيتين على الضمانات للعامين 2010 و2011 ولم تكن هناك أي شروط». واعتبر أن «إسرائيل تبذل كل جهد بما في ذلك مبادرات نية حسنة غير سهلة من أجل استئناف المفاوضات ولا توجد لدي أية مؤشرات تدل على أنه ستمارس ضغوط علينا بواسطة الضمانات».وقالت مصادر في مكتب شتاينيش إن الدعم المالي الأميركي يساعد على رفع تدريج اعتماد إسرائيل دوليا وتخفض حجم الفوائد التي تدفعها، لكن إسرائيل لم تحتج حتى الآن لهذه الضمانات من أجل تسديد قروض.‏

زلة لسان‏

من جهته أمل وزير السياحة في حكومة نتنياهو، ستاس ماسيجنيكوف، من حزب «إسرائيل بيتنا ان تكون أقوال ميتشل «زلة لسان بائسة وأعتقد أنه لم يقصد ذلك. فصواريخ القسام ما زالت تسقط في أراضينا وتهديدات ميتشل لا تخدم التقدم بالعملية السياسية».في حين امتنع نتنياهو لدى افتتاحه جلسة الحكومة عن التطرق إلى أقوال ميتشل لكنه تطرق إلى إطلاق صاروخ وقذائف هاون من قطاع غزة باتجاه إسرائيل في الأيام الماضية. وقال إنه ينظر بخطورة بالغة إلى ذلك وإن «إسرائيل» سترد على أي عملية إطلاق صواريخ بشدة. وشن الطيران الحربي الإسرائيلي غارات على قطاع غزة أسفرت عن مقتل فلسطيني.‏

وكان المبعوث الأميركي الى الشرق الأوسط السيناتور السابق جورج ميتشل لوح عشية زيارته بتقليص ضمانات القروض التي تمنحها الولايات المتحدة لإسرائيل إذا لم تقم بتحريك محادثات السلام مع الفلسطينيين للتوصل إلى حل قائم على أساس دولتين. وقال ميتشل في مقابلة مع الإذاعة العامة الأميركية ان القانون الأمريكي يتيح منع جزء من ضمانات القروض لإسرائيل. إلا أنه أردف أنه ينبغي إبقاء جميع الخيارات مفتوحة إلا أن واشنطن لا تؤيد استخدام مثل تلك الوسائل. وأنه ينبغي على الولايات المتحدة إقناع الطرفين بالعمل من أجل مصلحتهما. وقال ميتشل إن بتقديره يمكن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين خلال سنتين بالحد الأقصى، إلا أن تطبيقه قد يستغرق سنوات. وعن ادعاء «إسرائيل» بتخفيف الإجراءات الأمنية في الضفة الغربية قال: بالنسبة للإسرائيليين إن إزالة الحواجز وتخفيف الإجراءات الأمنية يعتبران أمراً كبيراً، ولكن بالنسبة للفلسطينيين هذا غير كاف. يجب مكافأة الفلسطينيين على تأييدهم للمفاوضات». ودافع ميتشل عن طلب الإدارة الأمريكية من إسرائيل تجميد الاستيطان، وقال إن الولايات المتحدة لم تعترف يوما بضم القدس الشرقية لإسرائيل. رغم ذلك أضاف ميتشل قائلا: « يمكننا أن نضيع 14 عاما آخر في الجدل، أو الدخول في مفاوضات تحل الخلافات بشكل يلائم طموح الجانبين. وأردف: يجب أن نتذكر أن للإسرائيليين «دولة مزدهرة». هم يريدون الأمن ، ويستحقون ذلك».‏

معضلة استئناف المفاوضات‏

ونقلت صحيفة هآرتس اليوم عن مسؤولين في الإدارة الأميركية قولهم خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي «إننا نقترب من استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية». وأضاف المسؤولون الأميركيون إنهم متفائلون أكثر من الماضي حيال احتمالات استئناف المفاوضات «خصوصا على ضوء التغير في توجهات دول عربية». ووفقا للمسؤولين الأميركيين فإن الأردن ودولا عربية أخرى تمارس ضغوطا على الفلسطينيين من أجل أن يوافقوا على استئناف المفاوضات. وأكد السيناتوران الأميركيان جو ليبرمان وجون ماكين، اليوم الأحد، على أن الكونغرس لن يدعم مبادرة لتقليص الضمانات الأميركية لإسرائيل. وقال ليبرمان في مؤتمر صحفي عقده في القدس مساء اليوم إن «أي محاولة للضغط على إسرائيل وجرها إلى طاولة المفاوضات من خلال سحب دعم لها لن تحظى بموافقة الكونغرس». وأضاف ليبرمان: إنه سيعمل في الكونغرس على إحباط خطوة كهذه التي اعتبرها أنها «ليست ناجعة وليست صحيحة».‏

من جانبه قال ماكين في المؤتمر الصحفي إنه «رغم أني أقدر ميتشل إلا أني واثق من أن هذا ليس موقف الإدارة الأميركية».‏

وطالب وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، خلال لقائه ليبرمان وماكين بأن يستمرا في دعمهما لإسرائيل وتمثيل مصالحها أمام الإدارة الأميركية. وقال باراك «إني سعيد مع السيناتورين والصديقين القديمين لإسرائيل واللذين أثبتا دعمهما لها في الأوقات العصيبة وأنا واثق من أنهما سيستمران في تقديم الدعم لإسرائيل». وكان ميتشل صرح خلال لقاء مع شبكة تلفزيون أميركية أمس أن الولايات المتحدة قد تقلص الضمانات الممنوحة لإسرائيل في حال عدم استئناف المفاوضات بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية. وقال ميتشل إنه «بإمكان الولايات المتحدة بموجب القانون أن تقلص أموال الضمانات لإسرائيل» لكنه أضاف: إن المس بالضمانات ليس خيارا مطروحا الآن.‏

وفي نفس السياق ، أوردت معاريف ايضا ،ان المبعوث الأمريكي الى الشرق الأوسط، جورج ميتشل هدد ملمحا بان الولايات المتحدة قد تستخدم العقوبات تجاه اسرائيل فتوقف إعطاء الضمانات إذا لم يكن هناك تقدم في المفاوضات مع الفلسطينيين. «حسب القانون الأمريكي، يمكننا أن نوقف الدعم للضمانات لإسرائيل»، قال في نهاية الأسبوع ميتشل في المقابلة مع الشبكة الأمريكية بي.بي.سي ، «مثلما فعل بوش الاب». وواصل حديثه قائلا ان على الولايات المتحدة ان تحافظ على الخيارات مفتوحة «برأيي يجب مواصلة محاولة إقناع الطرفين أن هذه مصلحتهما. أعتقد أننا حقننا بعض التقدم وسنواصل مساعينا لإعادتهما الى المفاوضات. الواقع هو أن للولايات المتحدة ايضا جزراً وعصياً في نفس الوقت، وأنت ملزم بان تكون جد حذراً بالنسبة لطبيعة موعد استخدامهما».‏

ومع ذلك، حاول موظف كبير في البيت الأبيض تهدئة الخواطر قليلا فقال: «القانون بالفعل يسمح بتأجيل الضمانات ولكننا لا نقترح هذا. لا يوجد تهديد ونحن لا نريد أن نهدد، فقد نريد أن نعيد الطرفين الى طاولة المفاوضات».‏

تصريحات أثارت غضباً‏

واضافت الصحيفة ان تصريحات السناتور ميتشل، عشية زيارته الى المنطقة، أثارت غضبا في أوساط محافل سياسية رفيعة المستوى في «اسرائيل». وقال مصدر سياسي كبير في القدس «إذا كان حقا يقصد ذلك، فهذا يضع في شك كبير مهمته وقدرته على ان يكون وسيطا. فبعد كل ما فعلته اسرائيل – خطاب بار ايلان لرئيس الوزراء، تجميد البناء في المستوطنات – فان الحديث بلغة التهديد أمر لا يفهم ولا يدرك. اسرائيل ترى ذلك بخطورة شديدة. إذا لم يتراجع فانه يضع قيد الشك قدرته على مواصلة كونه وسيطاً في النزاع».‏

وأردفت معاريف قائلة :« في اسرائيل يأملون ان الحديث يدور عن كبوة من ميتشل وان الأمور لن تحظى بإسناد من الرئيس بارك اوباما. إضافة الى ذلك تقدر محافل سياسية ان الخطوة على أي حال، إذا ما تحققت، سيعرقلها الكونغرس. وقدرت ان «الكونغرس سيفشل مثل هذه الخطوة. فالأمريكيون لم يفرضوا عقوبات على ايران، وهم يهددون بفرض العقوبات على اسرائيل؟». وجاء من مكتب رئيس الوزراء التعقيب التالي على تصريحات ميتشل: «الكل يعرف أن السلطة الفلسطينية ترفض استئناف محادثات السلام، بينما اسرائيل اتخذت خطوات ذات أهمية لتحريك المسيرة. من ينبغي ان يغير طريقه هو السلطة الفلسطينية، وبالتأكيد ليست حكومة «اسرائيل».‏

الصحافة الاسرائيلية لم تختلف في ردود أفعالها عن المواقف الرسمية الاسرائيلية ، لكنها حذرت من ان تتحول مثل هذه التلويحات الى مواقف عملية ، وهو أمر من شانه ان يشجع الطرف الفلسطيني على اتخاذ مواقف اكثر تشددا ازاء التقدم في عملية التسوية ، فتحت عنوان « توقعات عالية جدا» كتب شموئيل رونزر في معاريف يقول :«ما الذي نصدقه التصريح أم الإنكار؟ هذا هو نوع المعضلات التي تكثر إدارة اوباما عرضها على اسرائيل في المدة الاخيرة. هذا ما كان من رئيس فريق البيت الأبيض، رام عمانويل، الذي قال أو لم يقل ان أمريكا قد ضاقت ذرعا بالصدام الإسرائيلي– الفلسطيني المرهق، على أي حال أعطى لمحادثيه شعورا ان السياسة الاسرائيلية تثير غضبه. وهذا ما قاله ولكن بقوة اكبر مبعوث اوباما الخاص جورج ميتشل، الذي تحدث بلا ريب عن المس بالضمانات – المقابلة مسجلة قريبة المتناول للمشاهد – لكن يمكن التساؤل أقصد أم لم يقصد تهديد اسرائيل.يقولون في البيت الأبيض ان ميتشل في الحصيلة العامة أجاب سؤالا نظريا لمجري المقابلة جوابا نظريا. «ما الذي تستطيع الولايات المتحدة فعله من أجل لي ذراع حكومة اسرائيل؟» – تستطيع ان توقف الضمانات. كان يستطيع ان يقترح بنفس القدر قصف تل ابيب، أو إرسال قوة إنزال بحري الى شاطىء عتليت. تستطيع الولايات المتحدة من جهة نظرية ان تقرر فعل شيء كهذا.‏

وتابعت الصحيفة تقول :«اخطأ ميتشل، سواء قصد التهديد أم لم يقصد. إذا هدد فإنه قد قوى انطباع أن إدارة اوباما تنوي مواصلة الضغط على اسرائيل بعد التنازل «ذي السابقة» (كشهادة الادارة نفسها) وهو التجميد. بعبارة أخرى: اوباما معني أن يهب لمحمود عباس دفعة أخرى على الحساب، عوض موافقته على العودة الى مائدة المباحثات. وإن لم يهدد فانه يكون قد عكر الجو بغير حاجة الى زلة لسان لا حاجة لها، قبل بضعة أيام من زيارته. تحدث هذه الأمور مع ساسة ذوي خبرة ايضا، لكنها تحدث مع إدارة اوباما اكثر قليلا. فكل أسبوع ونجمه المناوب. ميتشل هذا الأسبوع، وعمانويل في الأسبوع الماضي، وفي الأسبوع الذي سبقه حنة روزنتال التي وجهت انتقادا الى السفير الإسرائيلي، وقبلها هيلاري كلينتون التي اطرت نتنياهو على نحو أثار امتعاض البيت الأبيض».‏

الاستمرار على الانتظار‏

وخلصت معاريف للقول :»ان ميتشل بتلميحه الى امكان منع الضمانات، يهب لعباس سببا اخر للوقوف والتفكير: أهذا هو حين العودة للمحادثات أم لا يزال يوجد ما يكسبه الفلسطينيون؟ إليكم النصيحة التي أسدتها إليه أمس فقط المقالة الافتتاحية لصحيفة «بوستن غلوب»: «ان مهمة أوباما الفورية هي ان يستخلص من نتنياهو لفتة نظر أقوى تقيد الاستيطان الإسرائيلي». معنى ذلك الاستمرار على الانتظار»‏

وعلقت صحيفة اسرائيل اليوم بدورها على تلويح ميتشل قائلة :«كلام جورج ميتشل على امكان ان تشترط الولايات المتحدة ضماناتها لإسرائيل بالتقدم في المسيرة السلمية يؤالف الاعتراف بأنه لا يحل للهدوء الذي ساد علاقات الولايات المتحدة بإسرائيل أخيرا ان يضللنا. ان إجراء تجميد الاستيطان ربما نجح في منع مواجهة مع الادارة، لكن التوترات الخفية لا تزال على حالها وليس من الممتنع ان تعود لتطفو على السطح.يمكن ان نقول في الجانب الايجابي ان الادارة من المحقق انها تقدر الان ان جهودها الأولية لإملاء مطالب صعبة على اسرائيل على خلفية الهشاشة للفلسطينيين كانت غير مجدية بل انها أضرت باحتمالات تفاوض حقيقي.‏

وأضافت الصحيفة :«برغم ان الكونغرس أجاز تأييده للدولة اليهودية، فان إدارة اوباما ما زالت لم تلمح بأي طريقة الى انها تميل عن تصميمها الأولي على تفتير العلاقات الخاصة المكشوفة بإسرائيل.في واقع الأمر تستعمل من وراء ستار ضغوطاً باهظة على اسرائيل كي تتبنى المقترحات السرية غير المصدقة التي قدمها رئيس الحكومة السابق ايهود باراك للفلسطينيين في أول ولايته.أجل، تلك الصفقة التي رفضها رئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن، اشتملت على التخلي عن جميع المناطق التي احرزناها في حرب الأيام الستة، الى جانب تبادل أراض للحفاظ على الكتل الاستيطانية المركزية. لم يقترح اولمرت نقل السيطرة على جبل الهيكل الى جهة دولية تحت سيطرة عربية. بادر اولمرت الى ذلك وهو ضعيف من جهة سياسية وبغير اعتبار لحكومته أو للكنيست أو لأي جهة أخرى. وكانت حكومة نتنياهو منذ البدء مصممة على موقفها وفحواه ان المبادرات الخاصة ليست ملزمة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية