تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لـــم يعـــد بإمكاننـــا أن نبقـــى بســــطاء...

مجتمع
الأحد 17-1-2010
غانم محمد

لم يعد (الكوخ والحصيرة) ملجأ للحب ولم تعد أي فتاة تقبل أن تطير مع حبيبها الى هذا الكوخ مهما حاول الفنان محمد اسكندر ان يقول ذلك في اغنيته (مين الشاغل بالك ياسميّرة ياصغيرة) ولم يعد احد يستطيع ان يقنع حبيبته كما فعل فريد الاطرش وهو يغني:

(لقمة صغيورة تشبعنا عش العصفورة يقدينا.. ونعيش بالجمعة سبع ايام كل اوقاتها غرام بغرام) ولم يعد كلام الشحرورة صباح مقنعا وهي تغني للبساطة:(ع البساطة البساطة ياعيني ع البساطة بتغديني خبز وزيتون وبتعشيني بطاطا).‏

ولم تعد اي فتاة تنتظر حبيبا يأتيها على فرس ابيض، بل اصبحت تنتظره يأتي بالشبح والمرسيدس موديل سنتها، والكوخ لم إن يكن كل مافيه يشع(رخام وسيراميك واثاث من اغلى الموجود) فإنه لن يكون وسيلة اغراء لهذا الحب.‏

البساطة في هذه الايام اصبحت بمقاييس مختلفة كلياً عن السابق وعندما تقول لك اي فتاة أنها تقبل بأبسط الشروط فهذه الشروط البسيطة تتضمن المنزل الذي لاينقصه اي شيء من الفرش وادوات المطبخ والادوات الكهربائية والغسالة الاوتوماتيك وغرفة النوم.. الخ.‏

ولنفترض ان الشريكة قبلت بالبساطة الفعلية حقا وقبلت الارتباط بشخص فقير ماديا فإن هذا الفقير ماديا ينتفض فجأة على واقعه ويثأر سلفاً لاي محاولة ابداء التعاطف او الشفقة عليه من قبل اهل شريكته فتكون وجهته الاولى مصرف التسليف الشعبي ليحصل على قرض ومن ثم يلتفت الى رفاقه وزملائه في العمل ليعمل (جمعية) يأخذ الدور الاول فيها ثم يدور على محلات المفروشات والتجهيزات المنزلية ليضمن شراء مستلزمات بيته بالتقسيط وعندما يأتي الناس للمباركة له بالزواج يبذخ في تقديم الضيافة حتى لايشعر احد بفاقته وعندما تشاهده زوجته لاحقا شارد الذهن تائه البال تعلم أنه يفكر كيف يدبر اموره وهو المطالب بدفع حوالي (15) الف ليرة شهريا بينما مايقبضه بالكاد يصل الىهذا الرقم!‏

قد تتطور مظاهر الثأر من الواقع الصعب لبعض الشباب الى امور اخرى، فعندما تأتي زوجة احدهم وتقول له: زوج اختي اشترى سيارة جميلة مع انه موظف مثلك فقد يستدين مبلغ (100) الف ليرة ويدفعها قسط سيارة ويضيف لاعبائه عبء دفع القسط الشهري لهذه السيارة اضافة لمصروفها..‏

هذه القصص ليست من نسج الخيال وهي حالات موجودة حولي وحولكم وحيث تلفتم ستجدون من هذه النماذج الامر الذي يزيد بنية مجتمعنا قلقا واضطرابا خاصة وان بعض الجهات التي تمنح هذه التسهيلات لشراء السيارة لاتفكر الا بالبيع، اما ماسيخلفه هذا البيع على المواطن فهذه مسألة لاتعنيها لكنها تعنينا كمهتمين بقضايا الناس لانها قد تؤدي الى الاختلاس والى قبول الرشوة وربما الى سلوكيات نتفق جميعا على خطورتها على المجتمع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية