تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


شـــمعة فــي نفـــق

الافتتاحية
الأحد 17-1-2010
بقلم رئيس التحرير أســـــــــعد عبـــود

لست مراهناً على نتائج كبيرة من اجتماع إسلام أباد الثلاثي «باكستان- إيران- أفغانستان»، إنما يمكن الرهان على التوجه.

أعني: إن لم يفعل لقاء من هذا النوع بشأن أمن هذه المنطقة واستقرارها- ضمناً مكافحة الإرهاب- فلن يفعل أحد.‏

واقع أسود، وحالة تهدد بالهلاك، والإرهاب يزداد تفشياً و«محاربوه» يثيرون في العقل ألف ريبة، إذ إنهم يخوضون حرباً بطريقة لا يمكن أن يكونوا مقتنعين بالنصر فيها!! أبداً.. وبغض النظر عن أي موقف من طرفي الحرب أو من أطرافها.. فهي غير قابلة للحسم ولاسيما بمتابعة عمليات القصف الأعمى والعشوائي لقرى وبلدات في باكستان وأفغانستان يزيد من سقوط الضحايا ويزيد من رفض شعوب المنطقة لأسلوب وطريقة ومفهوم التدخل الغربي بإدارة وقيادة الولايات المتحدة.‏

لقد خلق التدخل الغربي، بحسن أو سوء نية، بيئة أنموذجية لتنامي الإرهاب.. وواقعاً فظيعاً لحياة الناس.. ولا أحد يعلم إلى أين الوصول؟!‏

محاربة الإرهاب؟!‏

حسن.. هل يتوقعون أنهم بهذا الأسلوب سيصلون قريباً إلى تصفية عسكرية كاملة للقاعدة وطالبان..؟!‏

هل هاتان المنظمتان هما الوحيدتان اللتان تمارسان الحرب ضدهم هناك، سميناهما إرهاباً أو غيره..؟!‏

هل في حسابهم معاناة ملايين البشر في وديان وجبال الموت في تلك المنطقة؟!‏

ثم هل ترى الإمبريالية العالمية أن أعداد البشر في آسيا تصلح لتجريب القتال والأسلحة وربما وسائل الفتك والدمار الشامل؟.‏

لم يعد ما يجري في آسيا تحديداً في باكستان وأفغانستان مقبولاً للعقل.. هذا إن كان العقل قد قبله في يوم.‏

إذا كانت المسألة محاربة إرهاب.. فبتقديرنا أن اجتماع اليوم كعنوان لتعاون إقليمي لمواجهة الإرهاب والعنف.. هو عنوان للأجدر بالمواجهة.. أعني دول المنطقة دون تردد.. ودون قبول النصائح الخارجية.. إيران.. باكستان.. أفغانستان.‏

مثل هذا التفاهم والتعاون الإقليميين يمكن أن ينجم عنهما برامج لأعمال حقيقية لمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه.. والتجربة حتى اليوم لا تخفي أن إقصاء هذه الدول عن تعزيز وحماية أمنها واستقرارها لتكون تلك مهمة غيرها، قد فاقم كثيراً في الأوضاع وجعلها بعيدة عن الحل..‏

أمن واستقرار المنطقة لخدمة استقلالها وسيادتها وشعوبها يكمن بعمل مشترك لدولها طابعه الصدق والجدية والفعل القوي.. هو ممكن أكثر مما رأيناه حتى اليوم من فعل يهدف أولاً لخدمة مصالح الدول الأخرى والامبريالية الرأسمالية.‏

واقع آسيا مخيف جداً.. ليس من اليوم.. بل منذ سنين مضت.. منذ تركها الاستعمار للاستقلال ولم يتركها.. فتعاظم العداء واشتدت الكراهية وكان النزوع -على الطريقة الرأسمالية– للحسم العسكري.‏

تشتتت الدول وكثر البشر واشتد الفقر وتفاقمت المجاعات.. هل من بيئة أفضل لنشوء ونمو الإرهاب؟!‏

نعم.. هناك بيئة أفضل..‏

هي البيئة التي وفرتها أساليب محاربة الإرهاب المتبعة منذ ما قبل غزو أفغانستان وإلى ما بعد إرسال 30 ألف جندي أميركي في مهمة جديدة في المنطقة.‏

هل يقبل العقل البشري كل هذه الآلام لأي شعب كان.. أفغانستان.. باكستان... وغيرهما..‏

أفغانستان دولة ضعيفة..‏

باكستان وإيران دولتان قويتان..‏

بتعاونهما مع دول جوار أخرى.. وبالإصرار على المواجهة الفعلية بعيداً عن التدخلات يمكن أن يتجهوا إلى الحل.. لكن ليس على مبدأ «أغني معك وأرقص مع غيرك».‏

مضى على زمن التحرر الوطني من الاستعمار الغربي أكثر من نصف قرن.. بل أكثر من ستين عاماً.. ولا حلول.. لأن مقدرات هذه الدول ظلت معلقة بالقاطرة الغربية.. فما العمل؟!‏

الفعل لآسيا والدعم من باقي دول العالم بما فيها الغرب وليس العكس..‏

لابد أن يستعيد القرار الوطني سيادته..‏

الاستقلال الثاني.. هكذا سمّاه السيد الرئيس بشار الأسد.. هو صاحب التجربة الناجحة في الحفاظ على سيادة القرار الوطني في سورية.‏

a-abboud@scs-net.org

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية