تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


التهديد الذي يفوق القنبلة الذرية!

دراسات
الثلاثاء 3/1/2006م
دعد السليمان

بقلم: مارتن رولاكوت

بإمكان العالم الاستمرار مع وجود الأسلحة النووية لكن هل سيستمر في ظل سياسة الولايات المتحدة?‏

كيف يمكن مناقشة المسألة إن تم التحقق من وجود قنابل ذرية في إيران? مجرد طرح مثل هذا السؤال أمام الإدارة الأميركية ستعتبره تقريباً خيانة عظمى, أما الدول الأوروبية فلها وجهة نظر أخرى حيث ترى أن من الحماقة طرح سؤال كهذا, والأفضل أن تتجنب إيران الأسلحة النووية قدر الإمكان, والسؤال الحاسم هنا هو كم ستكون التطورات القادمة محفوفة بالمخاطر? الوضع خطير للغاية وذلك عندما تبرر الولايات المتحدة حربها على العراق وتؤيدها حليفتها إسرائيل وتزداد الخطورة عندما تفكر أميركا بفرض عقوباتها على العراق أما الدول الأوروبية فتسعى جاهدة للتوسط بين الولايات المتحدة وإيران بما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني.‏

إيران بدورها وعدت باستئناف نشاطها لتخصيب اليورانيوم خلال الأسابيع القادمة, وباستمرار الوضع على هذا المنوال سترفع الولايات المتحدة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن, ومن المحتمل أن تتنحى إيران خطوة جانبية وتستجيب لإعادة المفاوضات, ومن المحتمل أن تتفاقم الأزمة في المستقبل المنظور.‏

ومن الواضح عدم تمكن أوروبا وأميركا من التوصل إلى حل حاسم حول قضية إيران التي باتت أصعب من الحرب على العراق, وإن استمرار هذا الصراع مع إيران حتى النهاية لن تجد أميركا التي تعيش في حالة عزلة, حليفاً أوروبياً يساندها سواء في فرض العقوبات أو في الأعمال العسكرية, وهذا يعود لسببين الأول: هو أن إيران لا تنتهك التزاماتها بالشرعية الدولية, والثاني هو أن الاتحاد الأوروبي لا يرى برنامج إيران النووي خطيراً بالشكل الذي تنظر إليه إدارة بوش.‏

تتجلى أهداف إدارة بوش في إبعاد إيران عن الساحة الدولية, وبدا من الواضح مساعي الأميركيين لعقد مؤتمر في نيويورك لإيقاف التخصيب التكنولوجي, لكنهم يتصرفون وكأن غايتهم الوحيدة تطبيق القانون الدولي ويعقدون الآمال العريضة على مجلس الأمن لتطبيق أقصى العقوبات بحق إيران, على الأقل خلال شن الحرب على العراق ادعوا بكثير من الجدالات الشرعية التي كانت تأتي جيئة وذهاباً ليثبتوا صحة قرارهم بالحرب لكن الآن ما من قانون دولي يحلل لهم الحرب على إيران, ستكون الحرب على النشاطات النووية الإيرانية بلا مبرر ولا قانون شرعي, وإسرائيل تقرر وتوكل مهام الحرب وتكاليفه الباهظة للولايات المتحدة.‏

إن كلمة الحرب كبيرة جداً خاصة عندما يكون ضحاياها مدنيين أبرياء وتسوء أكثر عند استخدام الإشعاعات النووية. على كل حال ستقابل إيران الهجمات ضدها بالمثل, وتكمن الكارثة الحقيقية في أن أميركا تستخدم مجلس الأمن وتطالب بإدانة إيران.‏

في ظل هذه الأوضاع غير المستقرة من الطبيعي أن تسعى إيران لتطوير برنامجها النووي السلمي الذي تزعم إسرائيل أنه يشكل خطراً جسيماً عليها. وفي النهاية ستتمكن طهران من تضييق وتقييد دائرة إسرائيل وأميركا لأن برنامجها النووي لن يشكل تهديداً لأحد وعلى العكس ما يستدعي المخاوف أكثر هو وقوع مثل هذه الأسلحة تحت أيدي قوى دولية تتستر خلف الشرعية الدولية وتقبل بحجة الديمقراطية وتبرر بكذب فاضح ما تفعله.وإن احتكمنا إلى كل عقل سليم وجدنا أن القضية لا تكمن في برنامج إيران النووي وإنما في الصراع الرئيسي بين الولايات المتحدة وإيران.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية