|
دراسات بل امتد طغيانها وجبروتها الى الكون والفضاء معتقدة أن هذا العالم بما فيه من أرض ومياه وهواء مستباح لها, ولأن أنانيتها بلغت حدوداً لا تطاق, رفضت, وما زالت ترفض التوقيع على ميثاق كيوتو للحد من انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري,إرضاء لعدد من شركاتها الجشعة حتى لو حلت الكوارث بالعالم أو أميركا نفسها. ومن المعروف أن الولايات المتحدة, ومنذ قمة الأرض الأولى عام 1998 واتفاقية كيوتو للحد من الارتفاع الحراري ترفض الانصياغ لأي اتفاقية دولية تجبرها على وقف تلويث الهواء في العالم بثاني أوكسيد الكربون وغاز الفريون, وسائر الغازات الضارة التي تنتجها المصانع وعوادم السيارات والمكيفات مدعية أن ارتفاع حرارة الأرض لا ينجم عن تراكم غازات التلوث على ما يقوله العلماء, وخصوصاً الأميركيون منهم الذين باتوا يجاهرون بحقيقة أن الغازات التي تنجم عن احتراق الوقود في الدول الصناعية هي السبب الرئيسي للتلوث في الأرض, وكذلك للارتفاع المستمر في حرارة الكوكب الأرضي وما يتبعه من آثار مخيفة. وليست مصادفة أن العام 2005 شهد عدداً غير مألوف من كوارث البيئة. ففي تشرين الثاني الماضي, وجد اختصاصيون من جامعة روتفرز الأميركية أن مستوى مياه المحيطات عالمياً أصبح أكثر ارتفاعاً عما كان عليه عند بدء الثورة الصناعية, وقدروا أن البحار ترتفع بمعدل ميللمترين سنوياً, وأجبر سكان الجزر المرجانية في جنوب المحيط الهادي على مغادرتها. في القمة العالمية للتغيرات المناخية التي بدأت أعمالها في الثامن والعشرين من تشرين الثاني الماضي في مدينة مونتريال بكندا بحضور 180 دولة و2500 مندوب و120 وزيراً للبيئة, وقفت إدارة بوش في هذ القمة وحيدة تواجه العالم, وتعبر بوقاحتها المعهودة, على عدم الالتزام بأية اتفاقية دولية رغم أنها تلوث الهواء في العالم بنسبة تصل الى 24% مع أن عدد سكانها لايتجاوز ال4% فقط. وهنا لانضيف جديداً, إذا قلنا إن الكارثة الكونية تستفحل من جراء ثقب الأوزون الذي لم يوفر أميركا من الأضرار الناتجة عن التوسع في ثقبه. وأميركا تعلم قبل غيرها الكم الهائل من الكوارث التي ستحل بالبشر فيما لو استمر التلوث على وتيرته الحالية, وفيما لو استمرت الولايات المتحدة في تجاهل تحذيرات العلماء من أخطار ارتفاع مستوى مياه البحار وانخفاض مستوى مياه الأنهار والأعاصير وحرائق الغابات واتساع ثقب الأوزون وما ينجم عنه من تسرب الاشعاعات الضارة بالإنسان والحيوان واستمرار ارتفاع درجات الحرارة بما يهدد النظام الكوني بأخطر العواقب. فقد أكد عدد من الباحثين البريطانيين أن ارتفاع حرارة الأرض يمكن أن يؤدي الى انخفاض منسوب المياه في الأنهار في المناطق المحيطة بالبحر المتوسط والأمازون,ووسط الولايات المتحدة ما يمكن أن يضر بالزراعة والمدن في هذه المناطق. وأكد الباحثون في تقرير لمركز هادلي أنه إذا استمرت انبعاثات الغاز المسببة للدفيئة بالوتيرة الحالية فإن ذلك سيكون له تأثير كبير على الأنهار في عدد كبير من مناطق العالم قبل نهاية القرن الحادي والعشرين. وقدم المركز, وهو فرع من مكتب الأرصاد الجوية البريطاني دراسته على هامش مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيرات المناخية في مونتريال. في هذا المؤتمر ظهر عمق الهوة بين الولايات المتحدة والأسرة الدولية حول وسائل مكافحة ارتفاع حرارة الأرض جلياً, وقال رئيس الوزراء الكندي بول مارتن في افتتاح الاجتماع الوزاري للمؤتمر إن مسألة الدفيئة تتطلب رداً على المستوى العالمي, ولا يمكن لأي دولة أن تعزل نفسها عن الأسرة الدولية إزاء ارتفاع حرارة الأرض. وقال الرئيس الفرنسي جاك شيراك في رسالة وجهها عبر التلفزيون الى المؤتمر:إن التغييرات المناخية تكشف عن واقع ملح إذ إنها تشكل أخطر تهديد لمصير البشرية, ودعا شيراك الى تحديد تعهدات جديدة للحد من انبعاث الغازات لمواجهة هذا التحدي عند انتهاء مدة بروتوكول كيوتو عام ..2012 ويلزم هذا البروتوكول الدول الصناعية خفض انبعاث الغازات التي تسبب ارتفاع حرارة الأرض بشكل ملموس. وهاجم السياسة الأميركية قائلاً:(إن الدول لن تواجه التغييرات المناخية من خلال اجراءات آنية أو مباحثات غير رسمية أو اتفاقات جزئية). وفي رسالة تليت على هامش المؤتمر دعا 25 عالم اقتصاد أميركي, بينهم ثلاثة حائزون على جائزة نوبل, الولايات المتحدة الى مكافحة ارتفاع حرارة الأرض (بجرأة) معتبرين أن كفة الدفيئة على ازدياد دائم. وقال هؤلاء العلماء (يبدو لنا في غاية الأهمية أن تبدأ الولايات المتحدة في الحد من انبعاثات الغازات التي تسبب ارتفاع حرارة الأرض) وجه النص الى الرئيس الأميركي جورج بوش وأعضاء الحكومة الأميركية وأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الأميركيين. ويقترح العلماء على السلطات الأميركية تطبيق (سياسة تحفيزية) مرفقة باستراتيجية تسويقية للحد من هذه الانبعاثات الحرارية. وفي بداية مؤتمر التغيرات المناخية طرحت عدة اقتراحات منها, إما الإبقاء على اتفاقية (كيوتو) أو تعديلها أو إلغائها, وألح الأوروبيون على تبني اتفاقية جديدة للحد من انبعاثاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على أن يبدأ سريانها منها عام ,2010 ولكن الأميركيين كعادتهم رفضوا كيوتو من الأساس ورفضوا أي نقاش حول مستقبل المفاوضات المناخية عبر الأمم المتحدة أو أي اتفاق يمكن أن يفرض على أميركا التزامات مادية أو معنوية حول سياستها المناخية. إدارة بوش المتغطرسة تعلم كل العلم مدى الكوارث التي ستحل بالبشرية جراء استمرار التلوث وارتفاع درجات الحرارة, ومع ذلك تمضي في غيها واستهتارها بمستقبل البشرية جمعاء. |
|