تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


محطـــــــات ثقافية

ملحق ثقافي
الثلاثاء 3 /1/2006
فايز خضور

في المغارب العربية ، ومنذ الربع الاخيرللقرن العشرين ،يدور صراع مصيري، في السروالعلن، وعبر الاثير. هذا الصراع يكرس الانفصال الوجودي والروحي ،ما بين مشارق العرب ومغاربهم ، حول عروبة« البربر » - ولاعلاقة هنا بالبرابرة المغول والتتار ،

وزعامات هولاكو ، وتيمورلنك.- وقد انبرى للتيار النافي عن البرر عروبتهم، حشدمن المثقفين العرب ، على رأسهم الدكتور علي فهمي خشيم، استاذ الفلسفة وتفسير الحضارة ، في ليبيا ، أولوبيا ، كما وردت في اللغات القديمة ، فكان « للغة » الحكم الفيصل ، الى جانب البيئةالصحراوية التي تربط الجزيرةالعربية في المشرق، بالصحراء الليبيةوما تلاها في المغرب..!! الباحثون لاينازع واحدهم الاخر في وحدة لغات الشعوب القديمة، في الرافدين والشام والجزيرة فيسلكونها ضمن ما يسمونه « اللغات السامية». ثم عمد هؤلاء الباحثون الى « البربرية » أو « الامازيغية » معتبرين إياها وريثة اللغة الليبية القديمة، فسلكوها والمصرية القديمة ضمن ما أسموه « اللغات الحامية» قاطعين بينها وبين اللغات السامية عندهم. ولكن عدداً من العلماء ، لاحظوا العلاقةبين هاتين المجموعتين اللغويتين ، ودعوالى انتظامهما في مجموعة واحدة أسموها « المجموعة السامية / الحامية.» لكن الرأي الذي غلب واستقر في الاذهان كان القول بأن « البربرية »لغة قائمة بذاتها متميزة ، منفصلة. وعلى هذا تنامت الدعوة « الامازيغية ». بل هي استشرت بصورة تنذربالسوء والخطرعلى حد تعبير الدكتور خشيم. « العرب الامازيغ» أو « الامازيغ العرب ». لافرق فإنهما ليسا سوى لقبين ، أو تسميتين. وتسمية« العرب » لم تكن معروفةقبل القرن الثامن قبل الميلاد ، وقد سجلت أول مرة على الالواح الاكاديةفي مدينة « صور»: أريبي ، أروبو ،أربي،أرابي.. إلخ.. والهمزة مبدلة من العين في الحرف المسماري ، بمعنى أهل البداوة أو الصحراء ، من غير سكان بيوت الطين والحجر في المدن والقرى. وأما « الامازيغ » فهو التعبير الذي يطلق على فريق صغيرمن أهل الشمال الافريقي. الذين يدعون « البربر» وهي تسمية موروثة عن الرومان وقد سرت زمناً طويلاً ، منذ العصر الروماني ، وما تلاه ، و إن هذه الجماعة عرفت عند اليونان باسم « الليبو » أو « اللوبو » وعرف الشمال الأفريقي من غرب وادي النيل حتى المحيط الأطلسي باسم « ليبيا » أو « لوبيا » في اللسان اليوناني ، وهي تسمية محرفة عن المصرية القديمة «ربو» ، وهي أصلاً « أربو» سقطت همزتها التي كانت في الأصل « عربو » أي العرب ، الأعراب ، البادون ، البدو ، أهل الصحراء. تماماً كما هي تسمية أهل جزيرة العرب التي كانت تطلق على فريق منهم ثم عمت.. « العروبة » إذن ليست صفة خاصة بأهل الجزيرة أو على وجه التخصيص أهل نجد و الحجاز فقط. انها صفة تعم ما كان غربي وادي النيل من الأقوام « البادية » وهم من حفظت تاريخ وجودهم و مظاهر هذا الوجود ، التسجيلات الهيروغليفية المصرية ، و الآثار اليونانية ، و الكتابات اللاتينية. وهذه « العروبة » صفة كانت على طائفة من الناس البادين ، شرق وادي النيل و غربه. ثم أطلقت على من حولهم ، حتى إن كانوا قد استقروا و سكنوا القرى و الدساكر ، فهم « العروبيون ». فما حصل في المشرق العربي. ذاته قد حصل مع مغربه.و لقد كتب الكثيرون من المخلصين الشرفاء عن مخاطرالدعوة الاقليميةالبربرية، وبينوا المؤامرة الاستعمارية لفصل هذا الجناح عن جسد الامة. وكتبوا عن الهجرات المتبادلة ما أدى الى امتزاج سلالي عرقي ، متين وعن التاريخ المشترك في مدافعةالغرب حضارياً ، وعسكرياً وسياسياً واجتماعياً ، منذ الصدام ما بين روما وقرطاجنة ، والى عصر الفتوحات الاسلامية، وحتى عصر الاستعمار الحديث. وأشاروا الى وحدة العادات والتقاليد والديانة ،والاسطورة ،والسلوك اليومي ، بل وحدة « العقلية » والتشابه في أنماط الحياة والمصيرالمشترك..!!‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية