تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من يستحق ثقة البوح غير الأم ?

مجتمع
الجمعة 2/11/2007
ميساء الجردي

الآن تكشفت الصورة لدى نهى وأصبحت واضحة مثل الشمس, فكل مانصحتها والدتها عن رأيها بصديقتها (سمر)

كان صحيحا وليس بدافع الخوف فقط, وقد لا مت نفسها كثيرا لأنها أخطأت في الحكم على الأمور ولم تكتشف معدن صديقتها إلا متأخرة بعد أن تعرضت لخيانة كبيرة من قبلها.. ببساطة لقد سرقت منها خطيبها وتزوجت به حيث إنها لم تكن تخفي أي شيء عن علاقتها بخطيبها وائل وكانت تسرد لهذه الصديقة كل أسرارها بأدق التفاصيل, وكانت تدعوها للخروج معها عند لقاءاتها معه, فكانت النهاية أن تحول هذا الشاب للزواج من الصديقة.‏

هذه القصة سببت مشكلة نفسية كبيرة لهذه الفتاة التي أعرفها جيدا بحكم القرابة وهذا ما دفعني لطرح هذا الموضوع والسؤال: بمن يفترض أن تثق الفتاة لتبوح بأسرارها? وكيف يجب أن تكون علاقة الأم بابنتها المراهقة?‏

سألت طالبة في كلية الحقوق تدعى ريما باشا , لمن تبوحين بأسرارك فأجابت: خلال فترة الإعدادي والثانوي كنت أبوح لصديقاتي بكل ما يصادفني من مشكلات حتى ببعض الأمور التي تتعلق بالمنزل, ولم أكن ألجأ إلى أمي لأنني لم أشعر أنها تعي المرحلة أو المشكلات التي أمر بها, وفجأة وبعد مرحلة الثانوي أدركت أن خالتي مقربة مني, فكانت تسألني عن دراستي وعن أصدقائي وجميع أحوالي وأحسست أنها تتفهم كل ما أرويه لها دون عصبية, وتقدم لي الحلول الصحيحة, لذلك هي الآن أقرب الناس مني لأنها تقدر أفكاري ومسألة من الأقرب وبمن يجب أن تثق الفتاة هذا الأمر يحدده أسلوب المعاملة في المنزل وبالتأكيد إذا لم تكن الأم واعية لمرحلة المراهقة عند أولادها فسوف يتجهون إلى الغير, والفتاة بشكل عام تهتم بالشخص الذي يشعرها باهتمامه ويقدم لها المساعدة حتى لو كانت ليست حقيقية وأنا بالفعل أتمنى أن تعاملني أمي كصديقة وألا تغضب وتثور عن أي مشكلة بسيطة دون أن تستمع إلي حتى أنهي حديثي.‏

السيدة تغريد ريشة قالت: بعد الأم يصعب كثيرا حفظ الأسرار والمجتمع المادي الذي نعيشه الآن, مجتمع المصالح فرض عادات وقيما تبرر للبعض أن يغدر أو يستخدم سرا و يبوح به في لحظة ضعف, وعن نفسي إن علاقتي مع أولادي علاقة صداقة وليس هناك أسرار تخفى بيننا وحتى أشيائي الخاصة جدا أبوح بها لأولادي.‏

لكن بطبيعتي أشعر أن الاعتراف العلني يريح أكثر من البوح لشخص ما, فأنا أفكر بصوت مسموع, ومعظم ما أفكر به أنطق به وأقوله.‏

ومن الملاحظ أن مجتمع اليوم يعتمد على تجميل النفس واستخدام عبارات مطاطة تخفي أكثر مما تظهر, وتدرج عادة المجاملة بين الفتيات والنساء وهذا برأيي خطيئة أكثر مما هو فضيلة.‏

أيتها الأم اعتمدي أسلوب المصارحة‏

الدكتورة هناء برقاوي أستاذة في جامعة دمشق وضحت الأمر بقولها: إنه يختلف تبعا للفترة العمرية التي تمر بها الفتاة, ففي بداية الدخول إلى المدرسة وما بين 6-12 سنة أعتقد أن الأبوين أحدهما أو كليهما أو الأخ الأكبر هم موطن سر الفتاة, وأسرار الفتاة هنا لها طابع مختلف فهي خلافات مع صديقاتها, مع أبناء الجيران, أو أذية في المنزل, فتخاف وتلجأ إلى الأقرب منها في المنزل, ولكن ما أن يمتد عمر الفتاة لمرحلة أخرى حتى تتكون لديها أمور تخجل من البوح بها للأهل, فتكتفي بالبوح لأختها التي ترتاح لها أو صديقة تجدها مقربة وذلك خوفا من أن يصل هذا الأمر إلى مسامع الأسرة أو الأم فتلقى هذه الفتاة ما لايحمد عقباه, خاصة في مرحلة المراهقة وتبدل حالات الشعور بالجنس الآخر, فتخشى من الأم, نظرة المجتمع الذي يرفض أي مشاعر تجاه الجنس الآخر, وهنا تبقى الصديقة مسكن الأسرار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية