|
دين ودنيا إنه الإعلامي الأول في صفوف أصحاب رسول الله ] بلال بن رباح الحبشي نزيل مقبرة باب الصغير في دمشق القديمة, حيث القباب الخضر المتناثرة التي تزيد المكان هيبة وسكينة, في غرفة صغيرة تهبط إليها بدرجتين تجد قبره المغطى بالأنوار والأسرار الروحية, التي شرف الله بها الشام إذ أبقى جسده الطاهر فيها. إنك لا تستطيع أن تقف ساكناً في ذلك المكان, دون أن تتذكر تاريخه المضني من الكفاح الذي يرسم دروب النور. حين كان سيده أمية بن خلف يخرجه إذا حميت الظهيرة ويطرحه على ظهره فوق الرمال الملتهبة, ثم يأمر فتحمل صخرةٌ كبيرة لتوضع على صدره الأسود الذي ضم قلباً أبيضاً وسع العالم بطهره, لمّا قرر أن يدفع ثمن الإيمان غالياً جداً وتحمل من المشقة والصعاب مالا يعلمه إلا الله, في سبيل أن تشرق شمس الهداية في عصر الظلام. حرر أبو بكر بلالاً وأعتقه, فصحب الرسول ] ولازمه حتى حان موعد الهجرة إلى المدينة, فكان بلال مع من هاجر من الأصحاب وصار خازناً على بيت مال الرسول], ومسؤولاً عن إكرام ضيوفه في المسجد وتوزيع الأموال التي يأمر بها الرسول إلى الصحابة, ولم يكن بلال ليكتفي بهذه المهمات ويغفل عن الجهاد في سبيل الله فانضم إلى جند الإسلام وسل سيفه لا يفوت غزوة , مع أن الرسول ] بشره بالجنة لما قال : ( لما أسري بي في الجنة سمعت خشخشة فقلت يا جبريل ما هذه الخشخشة قال هذا بلال ). فتح الله لرسوله مكة ودخل الرسول الكعبة مهللاً ومعه بلال يكبر فيها , ثم أمره أن يصعد فوقها ويؤذن بصوته الندي , الله أكبر .. الله أكبر. بقي مع الرسول يؤذن له للصلاة والرسول يقول له: ( أرحنا بها ) أي بالصلاة حتى اختار النبي ] جوار الله وانتقل إلى عالم الخلود, ومضى بلال ولا زال يتردد في سمعه قول الرسول]: (يابلال ليس عمل أفضل من الجهاد في سبيل الله) ... فأعد لنفسه زاداً ومضى إلى الشام يرابط في ثغورها حتى توفاه الله سعيداً مبتسماً في سنة عشرين للهجرة وهو يردد بصوته الذي اهتزت له الشام : غداً ألقى الأحبة ...... محمداً وصحبه. من المدهش أن عدداً من حكام سورية أيام السلطنة العثمانية اختاروا أن يدفنوا عند أعتاب بلال بن رباح رغبة في جوار الصحابي الجليل. |
|