تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الحالة الوطنية 3

خَطٌ على الورق
الثلاثاء 17-11-2015
أسـعد عبــود

لن تكون المهمة التي سأطرح ضرورتها بشكل أولي سهلة التنفيذ.. لكن لا بد من التذكير بها، ثم أنا لا أرى نفسي أول من فكر بالأمر. اتجه عديدون للبحث بشأن هجرة السوريين،

و أعتقد أنه أقيمت ندوة « مشكورة» لهذا الغرض منذ فترة وجيزة. أنا أرى أن المسألة خطيرة و مهمة و ضرورية لدرجة أنها لن تضيق ذرعاً بكل جهد يبذل ولو على مستوى فكرة.‏

بالمناسبة أنا أخشى التعويل على حكايات المنتديات و الندوات هذه، رغم أهميتها. و قد تابعت على شاشة التلفزيون أمس ندوة عربية في دمشق استهدفت ما وصف بإنشاء شبكة عربية اعلامية لمقاومة الارهاب. ليس ثمة من ينكر أهمية هذا الجهد و ضرورته. إنما أنا و خلال حياة اعلامية استمرت حتى اليوم نحو نصف قرن، شاركت خلالها عشرات الندوات و المنتديات و المؤتمرات تناولت قضايا شتى و شاركت فيها هيئات و منظمات محلية و عربية واقليمية و دولية، لا أتذكر واحدة منها عرفت مقرراتها المتابعة لتصل إلى نتيجة أو للحفاظ عليها كمقررات، على الأقل، بل تبخرت كالزيوت العطرية.‏

أعود الآن إلى مسألة هجرة السوريين مؤكداً أنني لا ألوم أي مهاجر على هجرته بل أتضامن معه و خاصة منهم من أجبرته ظروفه، و لم يقده حب الترحال و الملل من الأوطان، والمسألة ليست بأي شكل أنت مع أم ضد.‏

أتناول الحالة اليوم من جهة السوريين في البلدان و المواقع التي وصلوها أو ينشدونها. لقد كتبوا بآلامهم ما تجاوز كل اعتبار و رسموا طريقاً للعذاب أبكى الكثيرين. من وصل منهم بلد الهدف و من يسعى، ليس بينهم من اختتم عذاباته، و لن يكون ذلك ما لم يسعى إليه من يدعمه و يساعده على أن يستطيع تنظيم شؤون حياته حيث هو. ثم لننتبه جميعاً فهذه القوى الشابة القادرة الفاعلة التي غادرتنا إلى أرض المغترب القسري أو المختار ، ستتعرض لاستغلال ينزل من مستوى موقعهم الانساني !! الأغلبية الساحقة منهم ستستخدم للأعمال الوضيعة في بلدان لم تعد النساء فيها راغبات في الانجاب فأصبحت أعدادهم في تراجع فلا يجدون بينهم من يجمع مخلفاتهم من خلفهم!!.‏

بكل الحالات ومهما كانت ظروفهم و أينما حلت بهم الأرض يجب متابعة شؤونهم واستمرار خلق حالة تواصل و ترابط مع وطنهم بقدر ما نستطيع ومهما كانت الظروف. تصوروا أن من بوابات الهجرة أن يأخذ السوري جواز سفره و يمزقه ثم يرميه كي تفتح له بوابة لجوء !!.. تصوروا أن بين المثقفين و أساتذة الجامعات من اتبع هذا الاسلوب!!. طبعاً أنا لا ألوم أحداً إنما يسكنني الألم و تعايشني الحيرة : من الذي ابتدع هذه الطريقة المسيئة لبلد المغادرة كي تقبل التوبة عن الأوطان؟!‏

مسألة البحث عن المغتربين و السعي لربطهم بالوطن قضية قائمة منذ زمن بعيد نسبياً، وقد احدثنا أكثر من مرة وزارة للمغتربين واليوم هي مضافة إلى الخارجية. و الحقيقة أننا نحتاج الآن - أشد الحاجة - هيئة للمهجرين .. وزارة أو غيرها ، اهم ما فيها أن تبعد عن الفاسدين والمستغلين. الذين يتابعون ما يفعله المدعين وما أكثرهم‏

المهمة صعبة ... كبيرة ...عظيمة ... تتطلب حشد الجهود ولن تضيق بأي جهد وتحتاج أكثر ما تحتاج العمل الجدي المنظم والصبور.‏

as.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية