|
فضائيات إلا أن ما يقوم به لا يعدو لمسات بسيطة على الفواصل وتعديل طفيف على عناوين البرامج, وفي أحسن الأحوال تغيير وضعية المقدمة من الجلوس خلف الطاولة إلى الوقوف أمام الديكور. كل هذا ليس لأن المسؤول التلفزيوني محدود الأفكار لا سمح الله, وليس لأن البرامج المميزة تحتاج إلى كوادر على مستواها, وكذلك ليس لأن حرية حركة المسؤول متشابكة ومتقاطعة مع سلاسل الشبكات الأخرى, بل لأن عملية تحديد هوية القناة ليس فكرة متحولة يبتدعها كل من يشغل هذا المنصب. الهوية ليست لونا إضافيا أو برنامجا هنا وآخر هناك, الهوية نسيج متواشج مع كل ما تقدمه القناة, وهي تعبر عن أهداف المرسل الحقيقي (الممول) وهو هنا الدولة, وليس المرسل المباشر(المدير, المعد, المقدم..) إلا قناة, فالأخير ليس عليه أن يعيد تشكيل الهوية إنما أن يكون أمينا عليها. تخيلوا لو أن الهوية قابلة للتعديل مع كل تغيير لأحد المديرين أو المسؤولين في هذا المفصل الإعلامي! لكنا نشاهد قنوات أقرب ما تكون إلى (الأولى و الثانية والفضائية) المفارقة أن هذه المعادلة البسيطة والأساسية في عمل أي مسؤول غير واضحة لمن بيده القرار التنفيذي.. من هنا يبدو لي أن ثمة مشكلة حقيقية في طبيعة ارتباط هوية البرامج المقدمة بهوية التلفزيون السوري, أي العلاقة بين ما هو مطلوب وبين ما يقدّم. فمثلا :يريد التلفزيون أن يكون إخباريا, وفي الوقت نفسه أن يكون منوعا. يريد أن يكون محليا متوجها لمتلق سوري, وفي الحين عينه يريد أن يخاطب المتلقي العربي والعالمي. يريد أن يكون عميقا على المستوى الفكري وكذلك يريد أن يكون خفيفا وبسيطا..هذا التشابك بين المتناقضات يربك محصلة أي فكرة مهما كانت عظيمة أو هامة, لهذا من الطبيعي أن يكون المتلقي يتابع ندوة تلفزيونية عن مخاطر العالم أحادي القطب ويتبعه برنامج عن الدبكة الشعبية في الريف. وأعتقد أن هذا سيظل قائما طالما أن كل مدير أو مسؤول إعلامي يريد أن يشكل هوية القناة على هواه, مع أن كلمة الهوية لا علاقة لها لا بالهوى ولا بالهواء. |
|