تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


لنقرأ معاً..

الافتتاحية
الأربعاء 26/3/2008
بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود

لا نريد أن نجعل الولايات المتحدة الأميركية مشجباً نعلق عليه كل المشكلات, ولا سيما ما يتعلق منها بالخلافات العربية.. لا حاجة لنا لأن نفعل, لأن الولايات المتحدة لم تترك لنا فرصة لذلك, هي التي تقول وتعلن, ولسنا نحن الذين نكتشف.. تقول:‏

- إنها مع إسرائيل ضد العرب, ودائماً.‏‏

- إنها مع طرف فلسطيني ضد آخر..‏‏

- إنها مع طرف في لبنان ضد آخر.‏‏

- إنها مع دول عربية ضد أخرى, وتسمّي وتوصّف محاور واتجاهات, بل تحدد الأبطال, والقادة العظماء وحتى الشهداء.‏‏

- هي التي (أوصت) بمقاطعة قمة دمشق ورفضت المبادرة العربية.‏‏

هذه معطيات معلنة للسياسة الأميركية في المنطقة, وبالتأكيد فإن ما خفي كان أعظم, لكن نتعامل فقط مع ما ظهر وأعلن منهم وليس منا.‏‏

تستطيع الولايات المتحدة أن تقول وتعلن كل ما تقوله وتعلنه, هذه مصلحتها, وهي التي تحددها, نقف منها موقف الممانع عندما تتعارض مع مصالحنا, وهذه من طبيعة الأمور, فكل أمة أو شعب يسعى لمصالحه..‏‏

في كل ما أوردته, أين المصلحة العربية?!‏‏

هذه سياسة, لا مصلحة لأي عربي فيها, حتى أولئك الذين يسكتون عنها ?! صحيح هم يحددون مصالحهم, وليس نحن من يحددها لهم, لكن ستقترب مصالحنا كثيراً عندما نقترب من قراءة ما يجري, ماذا يمكن أن نقرأ عندما لا تترك لنا الولايات المتحدة فسحة أمل بأي عدالة, أو أي إمكانية لنظرة بعين واحدة للجميع, أو الوقوف على مسافة منطقية من الجميع, هل نقرأ أن الولايات المتحدة دولة صديقة للعرب?!.وأن المصلحة القومية أن نربط أمننا القومي بالموقف الأميركي?!.‏‏

المصالح العربية متطابقة دون أي احتمالات أخرى..‏‏

القراءة الدقيقة والصادقة للمصلحة العربية المشتركة (وباعتبار مصلحة كل بلد عربي - بما هي مصلحة شعبه) لدعوة الولايات المتحدة لمقاطعة قمة دمشق, تخلق الريبة دون أي شك في موقف كهذا .‏‏

طبعاً لم يصغ العرب للدعوة الأميركية, وفي ذلك يمكن للولايات المتحدة أن تكتشف أن العرب هم العرب, أمة لها مصالحها وآمالها وآلامها المشتركة.. وأن القفز من فوق ذلك يحتاج إلى أبعد من شد عضد زعيم عربي أو صناعة زعيم آخر.‏‏

أنا لا أعتقد أن المخابرات ومراكز البحث ومراكز القرار في أميركا تجهل ذلك أو تتجاهله, لكنها تعمل على تغيير الأجواء بالنفس الطويل من خلال إثارة أفكار يتلقفها إعلام لها فيه ما لها.. فيضغط ليجعل منها طوفاناً تصعب مقاومته.. ولعلّ بعضاً من هذه الصورة متحقق مبدئياً.. لكنه رخو وهش ومحدود التأثير..‏‏

هذا ما أكده الإصرار السوري على حماية مؤسسة القمة العربية عن طريق عقد قمة دمشق, بأحسن الصور, وأكثرها هيبة وأبهة.. وستكون..‏‏

لكن..‏‏

ربما إنه وفي إطار سياسة النفس الطويل لذرّ الغبار في العيون والآذان .. أرادت أميركا ومن معها بدءاً (بإسرائىل),وانتهاء (بإسرائيل).. أن تنتهك كرامة وحرية العقل العربي عن طريق فرض رؤية تبعثر القراءات العربية عن بعضها, وتحجبها بسحب الغبار.‏‏

أليس مسّاً بالعقل والكرامة العربية أن (توصي) أميركا كل العرب بمقاطعة قمة دمشق?!‏‏

لماذا? أليس ذلك تعدياً على القرار العربي مهما كان مصدره.. نحن في سورية نحسب حساباً لتأثير مثل هذه (التوصية) رغم قناعتنا بأن السياسي العربي لا يرضى أن يكون موصى عليه, بما يمسّ سيادة قراره وكرامته?!‏‏

هي القمة بإجراءاتها الأولى ,واستعداداتها الكاملة.. دمشق تغص بالضيوف والمشاركين والزوار والمراقبين من كل حدب وصوب والعرب إلى عاصمتهم ساعون .‏‏

كل ذلك يؤكد مقدرة سورية على كسب التحدي من الذين أوصوا بالمقاطعة, فكان النجاح الأكيد.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية