تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أيها الثلاثون

ملحق ثقافي
13/11/2012
تامار سامي/ دبي:أيها الثلاثون! أيها الثلاثون! هلا جلسنا نتحادث؟

مررتَ دون إذني.. وسترحل دون رضاي.‏‏

عشرة العمر هانت.. واقتسام الهموم تجاهلت.. فأين الوداع؟‏‏

‏‏

سجنتني خلف قضبان السنين، والزمن السجان.‏‏

أيها الثلاثون! ذاهب إلى غير رجعة! بيديك مفتاح الزمان.. وقد تركتني بين الأيام‏‏

شبابي يتسرب بين مسامات الزمن.. وصباي في ضياع.‏‏

أيها الثلاثون! أين العمر الماضي؟ أين خبأت صباي؟ هلا جلسنا نتعاتب؟‏‏

عشتُ بك، وعشت فيّ.. وبيننا خبز ودمع.. فلتبقى نتسامر.‏‏

عشاء على طاولة عمري؛ العشاء الأخير قبل الصلب على محرقة العمر‏‏

هنا شموع تذوب.. ونبيذ من خمرة قصصي وأيامي، وبعض من أطباق‏‏

أحلامي..‏‏

اليوم فقط لأجلك.. يا أيها الثلاثون!‏‏

أيها الثلاثون لما العجلة؟ ما زال القمر خلف مسرح السماء يتهيأ ولم نبدأ نخبنا بعد..‏‏

يا ثلاثون الصبا: هل خسرتُ أنا عمراً.. أم ربحتُ زمناً؟‏‏

قبلاً كنت حلماً تأتي مع كل زلة فأرمي أخطائي عليك.. وفي زوايا مراهقتي‏‏

أقترف الخطايا وأستنجد بك لتعقّلني..‏‏

والآن أنت ههنا، لم تزد من عقلي إلا جنوناً.. ومن نضجي طفولة.‏‏

أيها الثلاثون! ها قد جئت؛ محملاً بخطايا الماضي وعبق الانتظار.‏‏

ناديتك في زمن أسبق لتعينني في طفولتي.. لكنك أصمّ‏‏

وعندنا أتيتَ، أوصدتُ أبواب حياتي وأزماني، ولكن عبثاً، فلديك كل المفاتيح.‏‏

خشيت اقترابك.. وها أنا أركض هاربة في صحراء العمر، بعدما تساقطت زهور الصبا ولا من ساقٍ.‏‏

عشنا جنوناً، مراهقة، وأحلاماً. وتاريخنا المليء بالخسارات واحد.. هلا جلسنا نتقاسم الغنائم؟‏‏

يا صديق كل ثانية! أتيتَ مرة ولن تعود.. فهلا أعطيتني قبل الوداع الأخيرة؟‏‏

باغتني قدومك ورحيلك.. ودقات قلبي خائفة حائرة ويداي ترتجفان..‏‏

تشبثت وغرزت مخالب أمنياتي بك.. فأدماني التعلق.. لكن قسوة عينيك وشغفك بالرحيل تركاني في خوف من الوحدة.‏‏

أيها الثلاثون! أنت ذاهب لتسقي من عمر روح أخرى، بعدما تطفلت على عمري ثلاثة عقود.. وامتصصت شبابي.‏‏

أما أنا؛ فلا بد أن أنتظر عمراً جديداً أشيب، يوصلني إلى نهاية المطاف‏‏

عمراً حكيماً زاهداً يقلني القطار إلى محطة أخيرة؛ لا وداع فيها.. ولا وحدة ولا حتى رشفة حزن، بل ليس إلا راحة أبدية.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية