تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تحوُّلاتْ المجنون

ملحق ثقافي
13/11/2012
احمد مجمود حسن:إلى امرأةٍ بطعمِ الخبزِ

دافئةٍ كما تمُّوزَ‏‏

‏‏

باردةٍ كعصفِ الرِّيحِ في كانونْ‏‏

إلى ليلى منَ المجنونْ:‏‏

سلاماً يا بني عامرْ،‏‏

سلاماً يا بني الأعمامِ‏‏

قد جفَّتْ ضروعُ الأرضِ‏‏

مات الوردُ في الأكمامْ،‏‏

أرادوا الحبَّ بترولاً‏‏

وفَحْماً حَوَّلوا الأحلامْ،‏‏

وإنِّي راحِلٌ عنكُمْ‏‏

لأرضِ محبَّتي في الشَّامْ.‏‏

**‏‏

إلى امرأةٍ كغصنِ الفجرِ‏‏

تِيْهَ الدَّلِّ والعجَبِ،‏‏

إذا هبَّتْ رياحُ الشَّوقِ‏‏

مَيسَ البانِ والقصبِ،‏‏

أُخَبِّئُها معَ الذِّكرى‏‏

وأُظهِرُها معَ العَتَبِ،‏‏

وأُشعِلُ شمعَ أحرُفِها‏‏

نجوماً في سما هُدُبي،‏‏

إلى امرأةٍ بطعمِ الحبِّ‏‏

عنها قيسُ لم يتُبِ.‏‏

**‏‏

إلى ليلى منَ المجنونْ:‏‏

رسالةُ أهلكُمْ وصلتْ‏‏

قرأنا بين أسطُرها‏‏

بأنَّ الخيلَ ما صهلَتْ‏‏

وأنَّ فوارِسَ الهيجا‏‏

عن الأوطانِ قدْ رحلَتْ‏‏

وأنَّ رجالكُمْ جَبُنوا‏‏

وأنَّ خيولكُمْ قُتِلَتْ.‏‏

**‏‏

إلى ليلى منَ المجنونْ :‏‏

سلاماً من ربوعِ الشَّامْ،‏‏

سليني كيفَ يا ليلى وصلتُ الشَّامْ‏‏

وأيُّ قوافِلٍ حملَتْ‏‏

جنوني فيكِ‏‏

طالَ الدَّربُ‏‏

طالَ الدَّربُ يا ليلى‏‏

وأغرَقَ وجديَ الطُّوفانْ،‏‏

هزمتُ الخوفَ طُولَ الدَّربِ‏‏

والقفراءَ،‏‏

والنَّفراءَ،‏‏

والذُّؤبانْ،‏‏

ونمتُ على الغضى حيناً،‏‏

على الأشواكِ أحياناً،‏‏

وكالأفعى..‏‏

على الكثبانْ،‏‏

سرحتُ معَ القطا يوماً..‏‏

وأيَّاماً معَ الرُّعيانْ،‏‏

ببعضِ الخُبزِ يا ليلى‏‏

شرحتُ الحوتَ،‏‏

والعذراءَ للرُّعيانِ،‏‏

والميزانْ،‏‏

بِمِلء فمي منَ الألبانْ‏‏

قرأتُ عليهِمُ شِعراً‏‏

تشيخُ وتهرَمُ الأزمانْ‏‏

ويخلدُ فيكِ يا ليلى‏‏

كما الإنجيلِ‏‏

والقرآنْ.‏‏

قطعتُ البيدَ،‏‏

والقفراءَ،‏‏

والنَّفراءَ،‏‏

يُفزِعُ منظري الشَّيطانْ،‏‏

وكنتُ أحسُّ أنَّ الحبَّ لا يحتاجُ‏‏

لا بيتاً،‏‏

ولا أهلاً،‏‏

ولا عنوانْ،‏‏

وأنِّي في طريقِ الشَّامِ‏‏

لا أحتاجُ نجمَ القُطْبِ يَهديني‏‏

ولا لمنارةِ الرُّبَّانْ،‏‏

وأنِّي في طريق الشَّامْ‏‏

كانَ اللهُ في عَوني‏‏

فكنتُ أُحِسُّ باطمئنانْ،‏‏

كنتُ أشمُّ ريحَ الخُلدِ‏‏

في النِّسرينِ،‏‏

في الجُوريِّ،‏‏

والرَّيحانْ،‏‏

سلامَ الحبِّ يا ليلى‏‏

سلامَ العاشِقِ الولهانْ.‏‏

**‏‏

أنا في نجدْ‏‏

لا آسى على شيءٍ‏‏

أنا من نجد‏‏

لم أحملْ معي شيئاً‏‏

سواكِ‏‏

سواكِ يا ليلى،‏‏

وريحَ صَبا،‏‏

وذِكرى...‏‏

ليس بالإمكانْ،‏‏

وباقي نجدْ...‏‏

للنِّسيانْ.‏‏

**‏‏

أنا في الشَّامِ يا ليلى‏‏

أمامي «سوقُ ساروجا»‏‏

يغَصُّ بأجملِ الأثوابْ‏‏

فيهِ الجنزُ،‏‏

البْروكارُ،‏‏

والتُّركالُ،‏‏

والصيني،‏‏

حريرُ الشَّامِ يملأُ أيَّما دُكَّانْ.‏‏

أنا في الشَّامْ،‏‏

أنا في السُّوقِ‏‏

حيثُ تَزَاحُمُ الأزمانْ،‏‏

فهذا الجامعُ الأمويُّ قدَّامي‏‏

سأدخُلُهُ،‏‏

فمنذُ هُنيهةٍ قد كنتُ في الحَمَّامْ‏‏

نظيفاً صرتُ من نجدٍ‏‏

ومن بيدائها العجفاءِ‏‏

من حطَبٍ،‏‏

ومن نارٍ،‏‏

وريحِ سَخَامْ،‏‏

أنا في الجامعِ الأمويِّ‏‏

حيثُ اللهُ والإسلامْ‏‏

أصلّيِ الجُمعةَ الغرَّاءْ،‏‏

هنا وجهَ الوليدِ أرى،‏‏

وأمَّ الجمعَ شيخُ هشامْ،‏‏

هنا أحفادُ عبد الله‏‏

والعبَّاسِ‏‏

صلَّى جعفرٌ فيهم لوحدةِ كِلمةِ الإسلامْ.‏‏

**‏‏

أنا في الشَّامِ منْ زَمَنٍ،‏‏

حَفِظتُ بها جميعَ مواضِعِ التقديس والإلهامْ،‏‏

أنا في الرَّبوةِ الفيحاءِ يا ليلى‏‏

مع الأصحابِ‏‏

_ كم مقهى على بردى _‏‏

نُديرُ الرَّاحَ والأنخابْ،‏‏

دارَ الرَّقصُ...‏‏

يا اللهُ!‏‏

يا اللهُ كمْ هزَّتْ خُصُورُ الحُورِ ليلَ الشَّامْ!‏‏

أنا مع خيرةِ النُّدماءِ في أبهى جنائنها،‏‏

ينابيعٌ منَ الصَّهباءِ في أرضٍ منَ الأقمارْ،‏‏

هنا للحُسنِ آلهةٌ‏‏

هنا لا يعبدونَ النِّفطَ والدُّولارْ،‏‏

هنا في الشَّامْ‏‏

ليتَ ترى رِيامُ البيدِ ما قد يخطفُ الأبصارْ،‏‏

ونحنُ الآنَ في فرحٍ‏‏

نُغَنِّي...‏‏

نُنشِدُ الأشعارْ،‏‏

ليالي الأُنسِ يا ليلى‏‏

ليالي الأُنسِ والسُّمَّارْ،‏‏

نامي الآنَ،‏‏

نامي واضبُطي المِرياعْ‏‏

على الرُّعيانِ،‏‏

والقطعانْ،‏‏

وحَلْبِ التَّيسِ في الأخبارْ،‏‏

هنا لا يحلبونَ التَّيسَ يا ليلى،‏‏

هنا لا يشربونَ العارَ في الأخبارْ.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية