|
شؤون سياسية عاد الحديث إلى الواجهة عن دراسته المهمة في هذا المجال ولاسيما أن الحديث ترافق مع رضوخ إسرائيل لعملية تبادل الأسرى وما يتبع ذلك من نتائج يضاف إلى ذلك ترافقه مع ذكرى حرب تموز عام 2006م. في هذه الاجواء يعود النقاش إلى كتابه المهم جداً والصادر في دمشق عن دار الفكر وتحت عنوان: »الصهيونية وخيوط العنكبوت«. المحللون المتابعون والدارسون لحركة التاريخ وصيرورته يؤكدون أن قوة إسرائيل المتغطرسة التي تبدو فيها ليست إلا سراباً ووهماً بلا جذور وقد أثبتت الوقائع صحة ذلك, بل إن حكام إسرائىل أنفسهم يعرفون حقيقة الأمر وأن ثمة انكساراًخطيراً أصاب هذا الكيان. ماذا سيبقى من كل هذا? بعد أن يستعرض المسيري مجموعة وقائع كان شاهداً عليها وتدلل على كره الكثيرين ممن خدعوا بالهجرة إلى (إسرائيل) كرههم لحالهم وواقعهم.. بعد ذلك يقول: كان علي أن انتظر حوالى عشرة أعوام لأسمع عن نهاية إسرائىل من مصدر آخر وهو الجنرال (بوفر) قائد القوات الفرنسية التي حاولت غزو مصر عام ,1956 ففي محاضرة له في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الاهرام عن دروس حرب تشرين الأول عام 1973 حكى القصة التالية: بعد أيام من حرب 1967 ذهب بوفر ليقابل رابين, وكانت القوات الإسرائيلية لا تزال في طريق العودة إلى قواعدها, وكان الجنرال الفرنسي مع الجنرال الإسرائىلي يحلقان بالطائرة فانتهز بوفر الفرصة وهنأ رابين على انتصاره ولكن باغته رابين بالقول: لكن ماذا سيبقى من كل هذا ومع اندلاع انتفاضة 1987م حذر (إسرائيل هاريل) المتحدث باسم المستوطنين من أنه إذا حدث تقهقر ما من جانب إسرائيل (أي شكل من أشكال التنازل) فلن يتوقف عند الخط الأخضر (1948) إنما سيكون هناك انسحاب روحي يمكن أن يهدد وجود الدولة. وهو تحذير ينطوي على قدر كبير من الحقيقة ففي الحروب القومية كما يقول هاريل نفسه تلعب الروح المعنوية دوراً أساسياً, وروح الإسرائيليين في حالة تراجع. وحسب المسيري فإن موضوع نهاية إسرائيل بدأ يقلق الإسرائيليين منذ سنوات وقد أصبح على قائمة الاهتمامات الفكرية والوجدانية الصهيونية, فعلى سبيل المثال نشرت يديعوت أحرونوت في كانون الثاني 2002م مقالاً بعنوان: يشترون شققاً في الخارج تحسباً لليوم الأسود, واليوم الأسود هو اليوم الذي لا يحب الإسرائيليون أن يفكروا فيه, وفي مقال لياعيل باز ميلماد (معاريف كانون أول 2001م).بدأ الكتاب بالعبارة التالية: (أحاول دائماً أن أبعد عني هذه الفكرة المزعجة ولكنها تطل في كل مرة وتظهر من جديد.. هل يمكن أن تكون نهاية الدولة كنهاية الحركة الكيبوتسية, هناك كثير جداً من أوجه الشبه بين الأحداث التي مرت على الكيبوتسات قبل أن تحتضر وتموت وبين ما يجري في الآونة الأخيرة مع الدولة). أما ابراهام بورغ فيقول: نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا, وهناك فرصة حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني, قد تظل هناك دولة يهودية ولكنها ستكون شيئاً مختلفاً, غريبة وقبيحة«. وفي الفصل نفسه يتابع المسيري عرض الوقائع ليصل إلى السؤال الأساس: هل تنهار إسرائيل من الداخل ويعود من جديد لتقديم الأدلة على ذلك.. نعم إنها خيوط العنكبوت وقد ازدادت تمزقاً وصارت أكثر ضعفاً وهي في الأصل واهية. |
|