تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سقوط النظريات والمفاهيم الإسرائيلية

شؤون سياسية
الأحد 13/7/2008
د. صياح عزام

في الثاني عشر من تموز /2006/ بدأت الحرب الإسرائيلية على لبنان بمباركة ودعم من قبل الإدارة الأميركية, حيث أعلن الرئيس الأميركي /بوش/ منذ اللحظات الأولى لبدئها تبني هذه الحرب,

وتبريرها أمام الرأي العام الأميركي والدولي من خلال اعتباره لها أنها دفاع عن النفس...! ومع حلول الذكرى الثانية لهذه الحرب لابد من وقفة قصيرة معها نستعرض من خلالها ملابسات وظروف شنها, وبعض النتائج وتداعياتها.‏

بدايةً, إن هذه الحرب لم تكن رداً على عملية أسر وقتل بعض الجنود الإسرائيليين التي قام بها حزب الله اللبناني- كما ادعت إسرائيل - بل أعد لها مسبقاً, وبعبارة أخرى فإن مشروع تدمير لبنان قدمته إسرائيل إلى الإدارة الأميركية طبقاًَ لما ذكرته جريدة /سان فرانسيسكو كرونيكل/, وكان موضوع مناقشات سياسية جرت في المنتدى العالمي السنوي الذي ينظمه معهد »أمريكان انتربرايز« سنوياً, حيث اجتمع كل من /بنيامين نتنياهو/ رئيس وزراء إسرائيل السابق و/ديك تشيني/ نائب الرئيس الأميركي في 17 و18/6/2006 مطولاً مع/ريتشارد بيرل/ و/ناتان شارانسكي/ لإعداد خطة الهجوم على لبنان, وبعد بضعة أيام منح الضوء الأخضر لإسرائيل للبدء بالتنفيذ.‏

وهنا لابد من الإشارة إلى نقطة هامة وهي أن إسرائيل اضطرت إلى الانسحاب من الجنوب اللبناني عام 2000 تحت تأثير ضربات المقاومة اللبنانية لجيشها, الأمر الذي جعل حقدها يزداد على هذه المقاومة, وظلت تتحين الفرصة المناسبة لمحاولة الثأر منها, والقضاء عليها, باعتبارها أصبحت عقبة في وجه المشروع الصهيوني.‏

وعلى سبيل المثال منذ عام 2000 ظلت الطائرات الإسرائيلية تنتهك الأجواء اللبنانية بشكل شبه يومي حسب تقارير قوات الأمم المتحدة في لبنان, وتراقب نشاطات المقاومة وتحركاتها.‏

وكان الإسرائيليون يتصورون أن المقاومة لاتصمد أمام أية حرب منظمة, وعلى مايبدو أن البعض منهم كان لايزال يتذكر قول وزير الحرب السابق /موشي دايان/ عن المقاومة الفلسطينية بأنها حسب تعبيره (بيضة في يده) يستطيع سحقها متى يشاء, ولكن المفاجأة كانت كبيرة - كما هو معروف للجميع - فقد وجدت إسرائيل أن هذه البيضة قد تحولت في لبنان إلى جمرة متأججة لم يستطع التدمير الإجرامي الوحشي للبنان أن يقضي عليها, بل تلقت إسرائيل على يدها هزيمة لم تكن تتوقعها, وانتصر شعب لبنان بفضل دعمه لمقاومته الوطنية.‏

لقد نجحت المقاومة الوطنية اللبنانية في إسقاط النظريات والمفاهيم الحربية الإسرائيلية بل أكثر من ذلك, تمكنت من رد نظرية »كي الوعي« إلى نحور الإسرائيليين بعد أن اعتادت المؤسسة العسكرية على »كي الوعي« العربي عبر المزيد من القوة والبلطجة والتدمير والقتل والإجرام.‏

كذلك نستطيع القول وبكل فخر واعتزاز إن الانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية شكل أيضاً نكسة جديدة تضاف إلى النكسات التي أصيبت بها الإدارة الأميركية في مغامراتها سواء كان ذلك في العراق أو أفغانستان, حيث بات من المعروف أن إسرائيل - كما أشار إلى ذلك الكثير من المراقبين - خاضت الحرب في لبنان بالوكالة عن الولايات المتحدة.‏

ومن المستغرب أن الرئيس /بوش/ ادعى - كعادته - أن إسرائيل قد انتصرت في الحرب على لبنان, هذا الكلام مستغرب ومدهش في الوقت نفسه, فطالما أن إسرائيل نفسها اعترفت على لسان أكثر من قائد عسكري وسياسي فيها بأنها هزمت, وطالما أن تقرير لجنة/فينو غراد/ الأول ومن بعده الثاني اعترف صراحة بأن إسرائيل لحقت بها هزيمة جراء التقصير في عدة جوانب عسكرية, وجراء تخبط القيادة السياسية, فكيف يمكن لعاقل أن يصدق مزاعم/بوش/ بأن إسرائيل انتصرت?!‏

إضافة إلى ذلك, فأحاديث الرئيس /بوش/ حول انتصاراته في العراق وأفغانستان أصبحت معروفة, وصارت شبه مضحكة, لأن الحقائق تدل على غير ذلك, تدل على فشل ذريع في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها من الأماكن.‏

علاوةً على ما نقدم, فقد أعقب الحرب الإسرائيلية على لبنان صيف عام 2006 عاصفة من الجدل والاتهامات والاحتجاجات داخل إسرائيل بسبب الإخفاقات المتعددة في تلك الحرب, والتي مازالت مستمرة حتى الآن.‏

فالصحف الإسرائيلية /هآرتس ويديعوت أحرونوت وغيرهما/ اعترفت على لسان معلقيها الكبار بهذا الفشل والإخفاق في الحرب, سواء كان الفشل المخابراتي فيما يتعلق بتوقع قدرات حزب الله, أو في المواجهات الميدانية مع مقاتلي هذا الحزب, حيث لم تستطع القوات الإسرائيلية أن تتقدم لأمتار في الأراضي اللبنانية, ورأت أيضاً أن الفشل, تمثل في تراجع وتقلص أهداف الحرب, فبعد أن كان الهدف في بداية الحرب القضاء على حزب الله, تراجع هذا الهدف ليصبح فقط إبعاده عن خطوط التماس قليلاً, وليس عن طريق القوات الإسرائيلية, بل عن طريق استجداء قرار سياسي من مجلس الأمن تدعمه أميركا وحلفاء إسرائيل الآخرون.‏

في ضوء ماتقدم تبقى حقيقة قائمة يتجاهلها البعض وهي التالية:‏

إن المقاومة الوطنية اللبنانية حققت نصراً للبنان وللعرب باعتراف الصديق والعدو, وبالتالي فإن كل من يطالب بنزع سلاح المقاومة أو تحجيمه, لاشك بأنه يخدم إسرائيل وأسيادها, ولانبالغ إذا قلنا بأنه عميل محترف, لأن هذا السلاح يدافع عن كرامة العرب في كل مكان, ويدافع عن لبنان قبل كل شيء. ألم تصل إ سرائيل إلى بيروت أكثر من مرة, لأنها لم تجد أمامها من يواجهها?.‏

أما في الحرب الأخيرة فكانت تعمل جاهدة على التقدم لمسافة عدة أمتار على الحدود, إلا أنها لم تستطع كما أشرنا. على أية حال وكما قال سيد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله إن أية قوة في الدنيا لن تستطيع أن تنزع هذا السلاح, وكل يد تمتد إليه سوف تقطع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية