تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أمهات على مقاعد الدراسة

مجتمع
الأحد 13/7/2008
ميساء العجي

أحياناً ما يقطع مشروع زواج مفاجىء مسيرة حياة طالبة في المرحلة الثانوية وأحياناً قد تكون في المرحلة الجامعية عن دراستها ولعل الكثير من الطالبات قد يترددن قبل الإقدام على الزواج ومنهن من تحاول تأجيله حتى إنهاء دراستها,

لكننا نجد بعضهن يسعين للتوفيق ما بين الدراسة والحياة العائلية الجديدة, فيعملن مع ازواجهن المتفهمين على الجمع بين متطلبات الدراسة ومتطلبات البيت وتوجد باستمرار فئة ثالثة من الطالبات تتخلى نهائىاً عنوتتفرغ للحياة العائلية, ثم لا تلبث بعد سنوات من الزواج أن يتملكها الحنين للدراسة, فتعود إليها بعد أن تكون قد أصبحت أماً لطلاب وطالبات.‏

فما عدد الامهات الطالبات في مجتمعنا? وهل يمكن لأحد مناقشة حق المرأة المتزوجة في متابعة دراستها شرط ألا يكون ذلك على حساب بيتها وحياتها العائلية? وإلى أي حد استطاعت الامهات الطالبات التوفيق بين واجبات الدراسة وواجبات المنزل? وهل وجدن في سبيلهن إلى ذلك معارضة من الزوج أو من المجتمع?! وما المشكلات التي اعترضت سعيهن لإتمام دراستهن بشكل كامل?‏

سعينا من أجل أولادنا..‏

السيدة مريم الحسون تقول إنها قد تعرفت على زوجي في المرحلة الثانوية وكونه كان جاهزاً من الناحية المادية والعملية استطاع أن يؤمن حياتنا العائلية واستطاع أن يفتح بيتاً..فتزوجنا وانشغلت بالحمل والأولاد.. حتى وصل الحال بي إلى أن تركت الدراسة وجلست بالمنزل وتفرغت لتربية الاولاد, إلا أن زوجي طلب مني العودة إلى الدراسة حتى أكمل تعليمي وأحصل على شهادة جامعية استطيع من خلالها مساعدة أولادي بدراستهم, لذلك بدأ زوجي بتأمين الجو المناسب لدراستي داخل المنزل وبذل قصارى جهده لتربية ثلاثة أطفال حتى استطيع متابعة دراستي وبذلك نكون أنا وزوجي قد عملنا وبذلنا قصارى جهدنا من أجل أولادنا.‏

حماتي رفضت مساعدتي..‏

السيدة سهام الجندول تقول: بعد زواجي وانشغالي بالحياة العائلية وإنجاب الاولاد, قررت متابعة دراستي والعودة إلى مقاعد الجامعة من أجل الحصول على الشهادة الجامعية التي كنت قد بدأت بدراستها وأنهيت السنوات الأولى منها, لكنني بعد انجابي للأولاد ووصولهم إلى مرحلة عمرية جيدة يمكنهم البقاء عند والدة زوجي تفاءلت , لكن حماتي وبكافة الطرق والوسائل رفضت بقاء أولادي عندها كونها امرأة كبيرة لا تستطيع الاعتناء والاهتمام بأربعة أطفال فليست لديها المقدرة على ذلك, فبدأ اهتمامي يتوزع بين اولادي وبين دراستي إلى أن قل اهتمامي بدراستي واتجهت للاهتمام بالاولاد ومشكلاتهم وهمومهم وأسهر على رعايتهم رعاية كاملة حتى لا يشعروا أنه ينقصهم أي شيء..‏

زوجي منعني من الدراسة‏

غيثاء السعيد تقول إنها تزوجت من ابن عمها الذي كان يحمل الشهادة الثانوية العامة فقط وكانت هي في المرحلة الثانوية متفوقة, فسعت إلى دخولها الجامعة ومتابعة دراستها الجامعية بعد انجابها لطفليها الاثنين غسان ومحمد كما أنها قررت تكثيف دراستها داخل المنزل أكثر من الجامعة والاهتمام بالدراسة داخل المنزل, بالإضافة إلى اهتمامها بأولادها وزوجها وبيتها إلا أنها وجدت من زوجها معارضة كبيرة على دراستها بحجة أنها تبعدها عن بيتها وأسرتها وعائلتها وذلك مرة بعد أخرى.تركت الجامعة وابتعدت عن الدراسة كون زوجها يرفض أن تتابع زوجته دراستها الجامعية وتحصل على شهادة علمية أعلى من شهادته.‏

تقول غيثاء: وبذلك بدأت تحصل المشكلات العديدة بيني وبين زوجي ما اضطرني إلى إلغاء فكرة الدراسة الجامعية من رأسي.‏

رأي المرشد الاجتماعي‏

المرشدة الاجتماعية سهام العيطون تقول إن حالات زواج الفتيات أثناء الدراسة ليست كلها ناجحة ولا تتم معظمها عن رضا تام من الأهل وأحياناً تتمسك الطالبة بعلاقتها مع الشاب واهمة أن هذا هو الحب وعندما تجد معارضة من الأهل والمحيطين فإنها تزداد عناداً وتمسكاً برأيها وغالباً ما يستمع الأهل بالنهاية للرأي الخاطىء ويتم الزواج, إلا أنه توجد بعض الحالات التي تنجم عن عدم إدراك الأسرة وعدم وجود الوعي الكافي نتيجة لقلة تعلم الأبوين فيتخذون قرار تزويج بناتهم بشكل غير دقيق ويتسرعون بتزويج الفتيات الصغيرات مبررين أن الزواج هو بالنهاية مصير كل فتاة..دون أن ننكر أن نمط الأسرة اليوم قد تحول من أسرة كبيرة مؤلفة من جد وجدة وأبوين, و لكن اليوم لم يعد دور الأم مقتصراً على تربية الابناء والعمل داخل المنزل وخاصة بعد تطور ايقاع الحياة السريع الذي أصبح له شأن كبير بالحياة الاقتصادية للناس جميعاً.‏

لذلك اتجهت المرأة لاستثمار وقتها بأفضل وجه ممكن لتحقيق الاكتفاء الاقتصادي لها ولعائلتها إلى جانب زوجها.‏

ونجد اليوم مع ازدياد الوعي لدور المرأة ومكانتها بالمجتمع وأهمية دورها داخل أسرتها, ما دفعها إلى السعي لتعزيز مكانتها بتثقيف نفسها ولذلك أصبحنا نجد اعداداً كبيرة من النساء يتسابقن على مقاعد الدراسة وذلك لتحسين الوضع العلمي والاقتصادي ولتحقيق رغبات دفينة -أو لغيرها من الأسباب أصبح لدى المرأة الدوافع التي تدعوها إلى تعزيز مكانتها في المجتمع أكثر فأكثر كذلك أصبحت توجد مسألة القلق على المصير التي لعبت دوراً في توجه ربة المنزل نحو الدراسة, أيضاً مع انتشار ظاهرة الخلافات الزوجية أكثر فأكثر ازدادت ظاهرة توجه الأم للدراسة دون أن ننسى دور وسائل الاعلام بإبراز دور المرأة في مختلف المجالات, الأمر الذي ساهم بزيادة الوعي لدى المرأة لحقوقها وسعيها لتعزيز تضامنها لتنمية الاجيال القادمة.‏

وأكدت سهام أن الطالبات الامهات صورة مشرقة للمرأة التي تسعى لتأصيل دورها كفرد فعال في المجتمع له افكاره ومبادئه وله أهميته بالمؤسسة الاجتماعية الحياتية.‏

لكننا لا نستطيع أن ننكر بعض المعوقات التي تعترض الأم الطالبة اثناء دراستها ومن هذه المعوقات عدم توفر المكان المناسب لرعاية الاطفال عند غياب الأم للدراسة,كذلك الزوج الذي لا يعد باستمرار عنصراً مساعداً لزوجته, فأكثر الازواج لا يشجعون زوجاتهم على استكمال دراستهن بل يزدن من مسؤوليات الزوجة واعبائها اليومية حتى يعيقوا مخططاتها التي تضعها لدراستها ويقحمونها بصراع ما بين أسرتها وبين دراستها لذلك يجب على كل امرأة تزوجت أن تسعى لإكمال دراستها, لأن الوضع الحالي لا يتحمل الجهل, والتربية باستمرار بحاجة إلى عقل منفتح.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية