|
عن: موندياليزاسيون وتحت أي بند تصنف زيادة ترامب لعدد الجنود الأميركيين في الشرق الأوسط وأفغانستان مع تواتر عدد الهجمات بالدرونات على دول العالم. منذ عام ١٩٧٣ أعطى الكونغرس الأميركي الرئيس صلاحيات واسعة للحسم في المجال الحربي ما مكنه القيام بعمليات حربية دون العودة إلى السلطة التشريعية، موسعاً بذلك سلطاته الحربية بحد ذاتها. بالنسبة لترامب المجال الوحيد الذي نشط فيه هو وفريقه النرجسي هو فرض عقوبات قاتلة على الدول التي لا يستطيع النيل منها، فوزير خارجيته بومبيو لم ينفك يؤكد (الضغوط القاسية) على الدول مثل إيران وفنزويلا والتضييق على شعوبها لتثور في وجه حكوماتها الأمر الذي يقود بالنتيجة إلى تغيير الأنظمة، هكذا أصبحت واشنطن تلجأ إلى هذا الأسلوب ضد الدول التي لا ترغب بها. يمكن لهذا الشكل من العقوبات أن يكون قاتلاً، فالخزينة الأميركية تجمد التحويلات النقدية الجارية التي تمر عبر النظام المصرفي الدولي المرتكز على الدولار، والبنوك التي لا تمتثل لأوامر الولايات المتحدة تهدد بالعقوبات أيضاً، ما يعني أن العقوبات الأميركية قابلة للتطبيق على جميع أنحاء العالم حتى لو لم تكن البنوك والحكومات الأجنبية تتفق مع أميركا، ففي فنزويلا أدت العقوبات الأميركية إلى تجويع الشعب بسبب تجميد الواردات الغذائية ما اضطر الناس إلى الهجرة. آخر تطبيق للحرب الاقتصادية كانت الولايات المتحدة قد مارسته على العراق في الفترة الواقعة بين ٢٩ كانون الأول و ٣ كانون الثاني الماضيين، حيث اغتال الجيش الأميركي انطلاقاً من قاعدتين له في العراق ٢٥ من رجال المقاومة الذين كانوا قد شاركوا مؤخراً في محاربة داعش، تلاه اغتيال سليماني وأبو مهدي المهندس وثمانية عراقيين آخرين في هجوم بطائرة درون بالقرب من مطار بغداد، وليس مستغرباً أن صوٌت البرلمان العراقي بعد ذلك على سحب القوات الأجنبية من أراضيه. إن عدم استقرار العراق منذ عام ٢٠٠٣ هو بسبب استمرار الوجود الأميركي له بحجة محاربة داعش، فيما أن سبب وجوده هو لاستهداف إيران وبطلب تقدمت به (إسرائيل)، وقد يكون العراق أقرب لإيران سياسياً منها إلى أميركا. وكان في رد بومبيو حول الانسحاب الأميركي من العراق تهديداً مبطناً حين قال: (من حقنا الحفاظ على آلية القوة المناسبة في المنطقة). الموقف العراقي المطالب بالانسحاب الأميركي يواجه عقوبات لم يسبق لها مثيل حيث أبدت الولايات المتحدة استعدادها لتدمير الاقتصاد العراقي بحال لم تحصل على ما تريد، فقد هددت بتجميد حساب العراق الموجود في بنك الاحتياط الفيدرالي بنيويورك ما يخلق أزمة سيولة مدمرة في النظام المالي للنفط... بعد العراق توجهت أميركا في حربها ضد حليفتها القديمة بريطانيا، فبريطانيا كانت مترددة حول الانسحاب من خطة العمل المشتركة الشاملة (JCPOA) مع إيران والذي يعود لعام ٢٠١٥، ووفقاً لصحيفة الغارديان، قام ريتشارد جولدبيرغ ممثل الأمن القومي الأميركي بزيارة لندن والضغط عليها للانسحاب من (JCPOA) وعدا ذلك فلن تتمكن من تعويض انخفاض تجارتها من السوق الأميركية ولا سيما بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي. خلال زيارته صرح جولد بيرغ لـ بي بي سي: (السؤال المطروح على رئيس الوزراء جونسون هو: فيما أنتم متجهون إلى البريكست... ماذا ستفعلون بعد ٣١ كانون الثاني حين تأتون للتفاوض مع واشنطن حول اتفاقية المبادلة الحرة؟ بالتأكيد من مصلحتكم ومصلحة الشعب البريطاني أن تنضموا إلى جانب ترامب وتوجهوا سياستكم الخارجية بعيداً عن بروكسل وتنضموا إلى حملة الضغط الأقصى لضمان أمننا جميعاً). جولدبيرغ محامي جون بولتون الرجل المعادي لإيران وهو من هدّد البريطانيين نيابة عن ترامب وكان يشغل منصب كبير مستشاري مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية (FDD) وكان قد تمّ تعيينه في مجلس الأمن القومي، هذه المؤسسة التي يمولها كبار المليارديريين اليهود الأميركيين، بمن فيهم الرأسمالي بول سينجر وبرنارد ماركوس ويلتقي عملاؤها مع ممثلي اسرائيل، والمنظمة معروفة بجهودها الحثيثة لإثارة الحرب مع إيران، ولطالما سعت للضغط على السياسة الأميركية ضد إيران والشرق الأوسط. لدى ترامب أيضاً المحافظون الجدد الذين يقدمون المشورات المستمرة مثل ديفيد ورمسير (وهو شريك آخر لبولتون) ومستشار الأمن القومي، حيث قدم ورمسير مؤخراً سلسلة مذكرات للبيت الأبيض يدعو فيها إلى زعزعة القيادة الإيرانية الأمر الذي سيزعزع استقرار البلاد، وربما يكون ورمسير هذا قد لعب دوراً مهماً في منح الضوء الأخضر لقتل سليماني. الخبر الجيد -هذا إن كان هناك شيء جيد- أن جولدبيرغ استقال في الثالث من الشهر الجاري، بحجة أن الحرب على إيران لم تتطور بسرعة بالنسبة له ولمؤسسة الدفاع (FDD)، لكن الواقع أنه تعاطف مع العديد من صقور المحافظين الجدد الذين اخترقوا سياسة ترامب على المستويين الثاني والثالث ودخلوا في تطور الأحداث والعمل في السياسة الجارية واقعياً، وقال أيضاً أنه حين يتعلق الأمر بإيران والوجود العسكري الأميركي غير المنطقي في الشرق الأوسط فهذا يعني أن (إسرائيل) واللوبي هما من يقود الدفة الأميركية. |
|