|
طلبة وجامعات على شيء فإنما تدل على جهل خصومها بطبيعتها وتقصير من أبنائها عن الدفاع عنها. من هنا أصبحت الجغرافيا اليوم بين فكي رحى عدو متحامل وصديق جاهل وربما كان الثاني أكثر خطوره لأن الجغرافي الذي يجهل طبيعة مادته ولا يقف عند حدود اختصاصه يضع نفسه في مصاف المتطفلين على موائد الآخرين وبذلك يصبح أشد ضرراً على مادته من الخصوم والمغتربين من هنا جاءت أهمية الدراسة التي وضعها الأستاذ الدكتور صفوح الخير أستاذ الجغرافيا في جامعة دمشق وتصديه لهذه المشكلة ليعرف على حقيقة الجغرافيا ويوضح أهدافها ويحدد ميدانها ويرسم مسارها ويعدد الأساليب والوسائل الفعالة لبلوغ أهدافها. ميدان الجغرافيا وحدودها ويبين د. صفوح الخير بأن الجغرافيا تعرف بأنها علم المكان الذي يشكل مفهوماً مهماً جداً في تاريخ الفكر الجغرافي بل يمكن أن ننظر إلى تاريخ الجغرافيا كله على أنه تاريخ لمفهوم المكان في الجغرافيا لأن المكان يمثل الناظم الفكري الأساسي للمنهج الجغرافي. من هنا يتبين بأن دراسة الأنظمة تمثل لب الدراسة الجغرافية التي تساعد على تحليل العمليات المختلفة والكشف عن العلاقات السببية والعلاقات المتبادلة وملاحظة بعض العوامل المؤثرة وتتبع التطورات المختلفة والتعرف على نواحي العصور والصعوبات المختلفة. ويتابع قائلاً: إنه لا يخفى أن الظاهرات في أي نظام تمارس حركتها في المكان من خلال المبادلات والتحولات والنقل والمواصلات والتي تتمثل بحركة المواد والطاقة والسكان بشكل منظم ومنسق ومقنن في أغلب الأحوال وأي دراسة مهما كانت وجهتها التطبيقية لابد أن تحلل هذه الحركة لتحديد طبيعتها وحجمها والتعرف على نسقها ونتائجها ومن هذا كله يستطيع الجغرافي أن يكتشف القوانين التي تحكم آلية المبادلات التي تسهم في إحياء المكان. ويستطرد د.صفوح قائلاً: لا خلاف في أن سطح الأرض هوميدان الدراسة الجغرافية قشرة الأرض ولكنه أيضاً ميدان لكثير من العلوم الأخرى والجغرافي يهتم بدراسته على قدم المساواة مع الجيولوجي وعالم التربة والنبات على سبيل المثال وإذا قصرنا الجغرافيا على سطح الأرض فلا يعني هذا أن نقتطع هذا السطح ونعتبره حكراً لنا وأن الآخرين من أصحاب الاختصاصات الأخرى ضيوف علينا. مناهج الجغرافيا ويشير د.صفوح إلى أن غاية العلم الأساسية هي دراسة المجال الكامل للمعرفة أي أنه ليس للعلم موضوع يختص به دون سواه ومع ذلك فإننا لا نصنف كل دراسة للحقائق على أنها علم من هنا فالعلم حين يرفض تقبل فرع من فروع المعرفة الواقعية فإنما يفعل ذلك بسبب منهج ذلك الفرع وعلى هذا فالعلم موحد عن طريق منهجه لا عن طريق موضعه والجغرافيا ليست وحيدة بين فروع المعرفة التي تتحدد شخصيتها بمنهج دراستها وليس بمادة دراستها إنما تشاركها علوم أخرى كثيرة مثل علوم الفلك والطبيعة والجيولوجيا والأركيولوجيا والباليونتوجيا...الخ وذلك على خلاف العلوم التي تتحدد شخصيتها بمادة دراستها كعلم النبات والحيوان والتربة والمياه. وعلى ذلك نرى أن هذه الدراسة تنطلق من البحث في الطرق التي تعتمدها الجغرافيا لتصبح علماً له من الدقة ما لبقية العلوم ولكنه سرعان ما يتخطى الجغرافيا ليتحول إلى بحث في طرق العلوم الكلاسيكية منها والحديثة. وهنا الجغرافيا تقدم الأمثلة والتطبيقات وطرق العلوم تدفعه إلى طرح مشكلات فلسفية منها مشكلة المكان الذي هو أساس البحث الجغرافي ومشكلة المعرفة..الخ. كما نميز ثلاثة مستويات لبحث العلوم الأول الطرق التجريبية التي بدأت مع كلودبرنار أو الطرق الكلاسيكية من ملاحظة وتجريب فرضية وقانون. الثاني الطرق الإحصائية التي هي بمثابة تعميق للمستوى السابق فثمة جمع المعلومات وتصنيفها وتمثيلها بواسطة الخرائط وأخيراً تحليلها وشرحها. بينما المستوى الثالث والجديد حقاً وهو الطرق الرياضية التي لا تلغي السابقة بل تجعل منها مدخلاً لها ومن هذه الطرق النماذج والبرمجة ، نظرية الشبكات والمباريات والمصفوفات وأسلوب المدخلات والمخرجات والمحاكاة..الخ. |
|