|
دراسات هل فعلاً التدخل التي نفذته قوات الناتو الهدف منه طابع انساني من أجل حقن الدماء كما يزعم أصحاب الديمقراطية أم إن ما جرى على أرض الواقع هو تجاوز وصولاً إلى التطاول على سيادة ليبيا ومقدراتها!؟ إن القرار الصادر عن مجلس الأمن بخصوص ليبيا جعل الكثيرين يقفون عنده ويتناولونه عبر التحليل من حيث سرعة القرار وسهولة تبنيه ما أعطى الضوء الأخضر للمشاركة في الحرب، وهذا يجعلنا نطرح جملة أسئلة وإشارات استفهام حول استقامة القانون الدولي والسيناريوهات المتوقعة والتي يراها الغرب والناتو واقعية ومناسبة حول ما جرى ويجري في ليبيا. كل من يراقب ما جرى في ليبيا وعلى مدى أشهر ومن خلال عمليات قوات الناتو أن الأمور كانت تأخذ طابع المد والجزر، وكان واضحاً الهدف إطالة أمد العمليات العسكرية بين المعارضة والقوات النظامية من جهة، ومن جهة أخرى القيام بتدمير جميع البنى التحتية والقدرات الاقتصادية من خلال طائرات الناتو تحت حجة حماية المدنيين. بكل الظروف يرى المراقبون والمحللون أن الحملة العسكرية على ليبيا تعتبر أول تدخل تحت ذرائع انسانية كما يقال في التاريخ المعاصر يجري وفقاً لأصول القانون الدولي وبموافقة جامعة الدول العربية، ويقول أصحاب هذا الرأي أن تسديد الضربات الجوية إلى قوات النظام السابق كان نابعاً من الرغبة في وضع حد لإبادة السكان المدنيين المعارضين للنظام الليبي السابق والحيلولة دون وقوع كارثة إنسانية واسعة النطاق، أما وجهة النظر التي تقابل تلك تقول من خلال رأي الخبراء أن عمليات قوات الناتو في ليبيا تجاوزت اطار قرار مجلس الأمن الدولي، وباتت تشكل تطاولاً على السيادة الوطنية ودعماً للمعارضة المسلحة في حرب أهلية اتضحت معالمها وانعكاساتها السلبية نراها على أرض الواقع عبر أشكال مختلفة ومتنوعة، وخصوصاً أن النظام الليبي السابق كان نظاماً شرعياً رغم اختلافه وخصوصيته عن غيره. الأمر الأخر هو أنه تم ضرب قوات المعارضة آنذاك أكثر من مرة من قبل طائرات الناتو تحت عبارة عن طريق الخطأ، وبالطبع كل ذلك يجعلنا نقف مطولاً حول ما جرى ويجري في ليبيا من قبل قوات الناتو، وما هي الابعاد الحقيقية على طبيعة هذا التدخل والتي ذكرنا سابقاً كان سريعاً تحت عنوان حماية المدنيين، والسؤال الذي يبدو أو يجب طرحه ما هي الحماية الحقيقية التي قدمت، والسؤال الاخر ما هي الأبعاد الحقيقية لهذا التدخل، كل ذلك يطرح بسبب الكثافة الهائلة للعمليات القتالية التي نفذتها قوات الناتو ضد قوات النظام السابق، والتي كانت تحت ذريعة حماية المدنيين ولكن ما جرى من تدمير ممنهج لجميع القدرات الليبية الاقتصادية والاجتماعية يطرح إشارات استفهام كبيرة بدأ الكثيرين يتحدثون بها بصوت مرتفع. ويمكن القول من خلال ما تم استعراضه وعبر المعطيات والمواقف الدولية والاقليمية جراء ما جرى في ليبيا ومن خلال عدد الطلعات الجوية لحلف الناتو وقصفها أهداف محددة في ليبيا والتي هي مثبتة إضافة إلى السفن الحربية التي قامت آنذاك بدوريات في البحر الأبيض المتوسط والتي شكلت حصاراً واضحاً آنذاك، يتبين من كل ذلك إنه كان من المطلوب إطالة أمد العمليات العسكرية من جهة وتأجيج الحرب الأهلية من جهة أخرى لتبقى هذه الحالة من الكراهية تتصاعد في المجتمع الليبي لتدمير ما تبقى من مقدرات الشعب الليبي عبر تأجيج الخلافات فيما بعد، وهذا ما يتم رصده من قبل المراقبين والاختلافات والتباينات التي حصلت بعد سقوط النظام السابق ووضع الميليشيات على الأرض وانعكاس ذلك سلباً على مجمل الحياة وتفاصيلها على ليبيا. إن ما جرى من معطيات عبر الآليات الدولية من خلال مجلس الأمن الدولي يجعل العدالة الدولية أمام امتحان صعب وهو سياسة المعايير المزدوجة من جهة وما يجري في العالم من أحداث دامية تقابل بصمت دولي، وهذا ما يجعل المحللين يقفون عند ذلك مطولاً أمام المؤسسات والهيئات الدولية وأن موضوع تفعيلها أو تحجيمها أو الابتعاد عن أخذ دورها يبدو أنه يرتبط بالمصالح الحقيقية لأميركا تحديداً واستراتيجيتها إن كانت على المدى القريب والبعيد، وهذا يجعل الجميع يلاحظ أن المؤسسات الدولية هي مرهونة سياسياً تحركها كيفما تشاء الولايات المتحدة الأميركية تحت تسميات براقة عناوينها أضحت معروفة. أهم عناوينها الحرية والديمقراطية المزعومة والكلام الناعم عن حماية المدنيين..الخ إن ما جرى ويجري في فلسطين عبر السنوات السابقة يؤكد أن العدالة غائبة أو هي متغيبة، بالرغم من المجازر التي ارتكبت وترتكب بحق الشعب العربي الفلسطيني، الأمر الآخر والذي يمكن الحديث عنه كمثال المحكمة الجنائية الدولية وآلية عملها والتي أضحت تهدد كل الأنظمة التي تعارض مشيئة الولايات المتحدة الأميركية وهذا يطرح أسئلة كثيرة منها هل فعلاً تعتبر المحاكم الدولية آلية مناسبة لمنع الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، أم هي أداة للضغط السياسي. المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب تأسست في بادئ الأمر بعد الحرب العالمية الثانية، ولم يكن أحد تقريباً يشكك آنذاك، في مصداقية محاكمة الزعماء السياسيين والعسكريين في ألمانيا النازية، وعلى الرغم من أن النزاعات التي بحجم الحرب العالمية الثانية ظلت في طي الماضي، إلا أننا نسمع في السنوات الأخيرة تقييمات متشائمة أكثر وأكثر لنشاط المحكمة الجنائية الدولية على لاهاي والمحاكم المختصة بيوغسلافيا ورواندا، ويثير المزيد من الشكوك اختيار النزعات التي تهتم بها المحاكم الدولية، وكذلك حق دولة معينة على محاكمة دول أخرى. بكل الظروف يوجد رأي يتنامى عالمياً حول أن القانون الدولي بات اليوم ليس وسيلة للتحقيقات النزيهة وغير المتحيزة، بقدر ما تحول إلى وسيلة للضغط والابتزاز السياسي والمساومات، وقد تراكم أكبر عدد من التساؤلات فيما يخص الولايات المتحدة التي توجه تهم جرائم الحرب إلى كل من لا يروق لها من زعماء وساسة الدول الأخرى، فيما تحجب عن المحاكم الدولية حق محكمة المواطنين الأميركين ورغم ازدواجية المعايير البادية للعيان على للمرافقات الدولية إلا أن الكثيرين يتساءلون عن دور المؤسسات الدولية وغيابها عن تطبيق وتحقيق العدالة لشعوب مسلوبة الحرية والأرض وحقوقها مغتصبة وعلى طليعة هذه القضايا هي القضية الفلسطينية وما شهدته من تراخي المجتمع الدولي حيال ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الإنسانية. |
|