|
آراء أحياناً يجهل أو يتجاهل أحدنا هذه المعادلة التي تشد المواطن إلى أخيه المواطن، مهما كان ثقل العبء على عاتقه، لأن الكلمة الطيبة هي مفتاح المقاربة بين الأنا والأنا الآخر، وذلك بغض النظر عن المكانة التي يشغلها صاحب الأنا الأولى أو صاحب الأنا الثانية. في سياق الإشارة إلى هذه المعادلة، فإن من يحتل المركز الأول في مكان عمله وزيراً كان صاحب هذا المركز أم معاوناً لوزيره أم مديراً في مكان عمله وسوى ذلك، حين يتجاوب مع المواطن يوم يطرق بابه راجياً تلبية طلب هو محق في طلبه، يكون بالفعل مستحقاً لمكانته حيث يعمل، لأن الوظيفة، مهما كانت رفيعة، فليست امتيازاً كما نعلم، بل هي شرف يطلب إلى شاغلها أن يكون في مستوى علاقته بالوطن والمواطن معاً. من هذا المنطلق، يستغرب أحدنا عندما يتلقى شكوى من مواطن في سن الشيخوخة، يطرق باباً لمسؤول في وزارة ما، على سبيل المثال، فتجيبه مديرة مكتبه أو سكرتيرته بلهجة هجينة «بعدين بعدين، المدير مشغول» ودون أن يحدد متى يأتي زمن هذه الـ «بعدين». هذه العبارة وأمثالها تدفع بصاحب الحاجة أحياناً، حتى إذا كان شاباً لا متقدماً في السن، تدفعه إلى الإيمان بأن المسؤول عن معاونيه هو من يتحمل المسؤولية المعنوية بالدرجة الأولى لأنه لم يخترهم جيداً من جهة، أو لأنه قصر في مراقبتهم وتوجيههم كما ينبغي في سياق خدمة المواطن من جهة أخرى وبذلك يرتد العتب عليه. لا عتب... بل أكثر؟ هذه الخاطرة، ألحت عليّ كي أخطها على ورقتي هذا الصباح، لأنها «حدث» كأي حدث يستحق التوقف عنه متسائلاً: لماذا نجد الوزير في وزارته في منتهى الدماثة، وكذلك نجد نائبه أو معاونه المباشر، بينما مدير أو مديرة مكتبه لا يرتقيان إلى هذا المستوى حتى تحت تأثير ظرف خاص يتعلق بضغط العمل؟ في سياق هذا الـ«حدث» وإن كان حدثاً عابراً أو عادياً في تقدير البعض، فمن المؤكد أنه يعكس صورة سيئة عن الإدارة بكل مستوياتها في نهاية المطاف، فهل يعي المسؤول، أي مسؤول في الدولة تبعات تصرف معاونيهم ومديري مكاتبهم على شخصه قبل سمعة إدارته؟ ولا أعتقد أنني بحاجة إلى التذكير، في هذه المناسبة، بأن «كل عمل يؤديه هذا المسؤول أو ذاك له انعكاسات على أشخاصنا» وذلك على حد تعبير قائدنا الخالد الرئيس حافظ الأسد، مخاطباً الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران يوم رحب به في دمشق سنة زارها في سنة 1984 خلال تطرقهما إلى مقولة الروتين والبيروقراطية أضيف أنه في سياق مفهوم العلاقات بين الناس، إن لم تكتسب هذه المعادلة الأخلاقية مكانتها اللائقة بها، فستبقى مصدر مفسدة في الإدارة مهما كان شأنها علياً، فما بالنا لا نأخذ العبر من كبار قومنا؟ |
|