تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأدب الفيتنامي على العالم.. انطلاقة جديدة

ثقافة
الأربعاء 8-5-2013
ترجمة: مها محفوض محمد

جيل جديد من الأقلام الشابة الفيتنامية يحاول الابتعاد عن ابكاء القارئ على مأسي الحروب التي شهدتها منطقته ويعود الى كلاسيكيات الأدب الفيتنامي والفلسفة الكونفوشسية وكيفية تأملها للكون.

من أبرز هذه الأقلام الكاتبة «دوان كام تي» التي قدمت دراسة معمقة عن الأداب الفيتنامية بعنوان «كيف يكتب فيتنام المعاصر» وهي تعمل في التأليف والترجمة الى الفرنسية وقد انشأت مؤخرا مجموعة الاداب الفيتنامية للطباعة والنشر.‏

وفي مقابلة مطولة لها مع مجلة الاداب الفرنسية تسلط دوان الأضواء على الزوايا المجهولة من هذه الثقافة البعيدة حيث تقول:‏

تشهد الثقافة الفيتنامية حاليا تحولات على أكثر من صعيد فأدابنا تجتاز مرحلة ثرية بالمتغيرات أنجبت باقة من الأقلام الشابة الموهوبة تتابع مسيرة عمالقة الكتاب الفيتناميين المتأثرين بالفلسفة الكونفوشسية المؤمنة بالتقمص والتجسيد.‏

وتسهم تلك الأقلام في الترويج لتلك الروحانيات الفكرية التي تعمل بناء النفوس قبل الأجساد وتصنع الأمة الفيتنامية الحية عبر التاريخ،فالأديب الفيتنامي اليوم يؤمن أكثر من الماضي بأن الكونفوشسية هي طريق الخلاص أيضا يتساءل عن معنى الحياة على غرار الفلاسفة ليغدو بعد ذلك فيلسوفا.. و كونفوشيوس كما هو معروف فيلسوف صيني (551 - 479 ق. م) أسس نظاما أخلاقيا يضع في المقام الاول الجهد المستمر لتثقيف و تطوير الذات و بالتالي تحقيق الانسجام بين النسيج الاجتماعي الواحد.‏

بمعنى أخر ليس الاديب مسؤولا هنا عن مداواة أمراض المجتمع و انما مهمته التساؤل عن عسر الحضارة الانسانية في عصره.. ويأتي ابطال المؤلفات الحديثة في غالبيتهم شخصيات هامشية تتساءل ماذا يحمل لها هذا القرن.‏

انها شخصيات لا طموح لها و لا تعير اهتماما للعبث لكنها تسعى لتفسير الاحداث كما يبدو للقارئ عندما يظهر غضب كل من الاديبين الفيتناميين نغوين هويثياب و باو نينيه في رواياتهم الكلاسيكية.‏

أما جيل الروائيين الشباب فقد تضاعفت كمية الغضب عندهم من الحروب التي تهز منطقة جنوب شرق اسيا فيعبر عدد منهم عما سيخلفه «التوحد «الذي يحمله مدمنو الانترنت لمجتمعهم من عزلة و عدوانية و من أبرز هؤلاء الادباء فونغ دييب في روايته «بلوغر «حيث تدمن بطلة الرواية على الشبكة العنكبوتية و هي فتاة غير ناضجة يزداد خجلها و انطواؤها عندما تقابل الناس فيتساءل هذا الروائي: أي علاقة هذه تقوم بين الجيل الشاب و بين الثقافة الرقمية ؟ بالأخص تأثير الانترنت السلبي على هذا الجيل الصاعد مع وصول حفنة من مدمني النت الى حافة اليأس.‏

أما الروائية الأكثر فلسفة فهي ثوان التي تطرح في أعمالها الرحلات الافتراضية للشباب الفيتنامي عبر الانترنت و ما تحمله تلك المحطات من احباط حينا و تشاؤم أحيانا خاصة عندما يصل هذا المسافر دون حقيبة الى بلاد العم سام و تتوقف ثوان عند الشرخ الذي أحدثه خروج الفيتناميين من مجتمعهم في الماضي الى فضاء افتراضي لا علاقة له بواقعهم.‏

و تتابع الكاتبة دوان كام تي: لأن ثلاثة أرباع الشعب الفيتنامي ولد مع أواخر الحرب الامريكية على فيتنام نجد هذا الجيل الشاب من الادباء شديد الطموح ليخوض غمار الرواية الحديثة بعد ان هجر القصة القصيرة التي سادت في النصف الاول من القرن الماضي و تستعرض الباحثة الفيتنامية أشهر أدباء بلادها مثل نجوين فيت ها و هو صاحب رواية «فرصة امام الله «التي صدرت عام 1999 ولاقت نجاحا كبيرا حيث يبتعد هذا الاديب عن النمطية في وصف حقول الأرز و الجدات قرب المدفأة ليتبع أسلوبا صداميا يتناول فيه أوضاع البلاد المجاورة.‏

هكذا تختار دوان المؤلفات التي تصدرها مؤسستها للنشر و التي تنافس الاصدارات الكورية و اليابانية المترجمة الى لغة موليير و يسير أنصار الكاتب نجوين فيت ها على خطاه لأنه روائي متجدد أطاح بأسلوب السرد التقليدي و خلط الأشكال الروائية مع ان ذلك لم يمنعه من التمسك بكلاسيكيات الادب الفيتنامي و الفلسفة الكونفوشسية و كيفية تأملها للكون و تختم دوان بالقول: بعد أن تناول أدبنا الحرب مطولا ها هو ينفتح على العالم بسبب النزوح وهجرة الأدباء الى خارج البلاد، أو ليس الأدب بحثاً مستمراً عن الاخر؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية