|
شؤون سياسية في نفس الوقت راحت أمريكا تنحى منحاً آخر في السياسة الدولية بالاعتماد على دول صغيرة تم تهيئتها لخدمة مصالحها , فوجدت (قطر) التي لا يتجاوز عدد سكانها 200 إلى 250 ألف نسمة ومساحتها الصغيرة التي لا تتجاوز قرية في صعيد مصر أو سورية والعراق مثلاً , واختارتها كأداة للتآمر على الدول العربية رغم أنها كانت من المحميات السبع الخاضعة للاستعمار البريطاني ولا تصلح حتى لمكونات الدولة , لكن قوى الاستعمار والامبريالية أعطوا (للدوحة) دورا كبيرا في تنفيذ المشاريع الاستسلامية التي تديرها أكثر دوائر المال إجراماً ووحشية , وكان هذا الدور خطيراً في المرحلة الراهنة التي تمر بها أمتنا العربية وذلك باحتلال العراق وتدمير ليبيا الدولة , ودعم السلفيين الإسلاميين في تونس والأخوان في مصر , والمؤامرة الكبرى على سورية العربية التي تبذل فيه (قطر) جهداً كبيراً لقتل الشعب العربي السوري وتدمير مؤسساته الخدمية . وعلى كل حال فالأسباب التي جعلت الولايات المتحدة الأمريكية تعتمد على (قطر) للتآمر على الأقطار العربية, وتنفيذها للمشروع الأمريكي الصهيوني مع تركيا وإعطاء دور أكبر لحكامها في محاربة المشروع العربي القومي الذي تقوده سورية العربية , وتنفيذ أهداف إسرائيل كدولة يهودية ولذلك فإن (قطر) وحكامها أصبحوا الناطقين الرسميين باسم البنتاغون وحلف شمال الأطلسي , في نفس الوقت وجدت أمريكا في (قطر) الدولة الفريدة في المنطقة العربية التي تخدم مصالحها العسكرية والسياسية والاقتصادية وذلك للأسباب التالية: أولاً: إن قطر تعتبر المكان الأمثل (خليجياً وعربياً) , في المنطقة العربية لكي تصبح القاعدة الأمريكية المثلى العسكرية والسياسية , وكذلك الاقتصادية نظراً لتوفرها على ثروات مثل حقول النفط والغاز, وثانياً: جيوبولوتيكياً , تعتبر قطر مكاناً مثالياً نظراً لمحدودية عدد السكان مع أصول عائلية وعشائرية متشابه الملامح مما يجعلها بقعة جغرافية مستقرة إلى حد كبير , وهذا الاستقرار هو المطلب الأول للدول العظمى للاطمئنان على خططها في سياساتها في المنطقة وضمان مصالحها في البترول والغاز لخمسين سنة قادمة , فأمريكا وحلفاؤها لاختيارها (قطر) القرية الصغيرة , وجدت أنها تسيطر على منابع النفط الخليجي إضافة إلى أنها تضع عين مراقبة على قوة إيران العسكرية في المنطقة , وثالثاً: أن وجود قطر في المياه الدافئة (البحر المتوسط والخليج العربي) تعتبر قاعدة أمريكية إسرائيلية على الأرض , فقطر مركز قوة لحلفاء أمريكا أيضاً , فيها العديد من القواعد العسكرية الجوية المتحركة, وأمريكا بوجودها في قطر لازالت تبسط جناحها العريض وتبسط سيطرتها على منطقة بالغة التأثير باعتبارها تسيطر على ثلاثة أرباع النفط العالمي وهذا هو سلاحها الأول للصراع مع العملاق الجديد (الصين) في مجال الاقتصاد العالمي. رب سائل يسأل لماذا قطر وليس واحدة من دول الخليج العربي..؟ ولماذا دولة خليجية وليست دولة عربية كبرى , والجواب هو أن اتفاقاً تم مع السعوديين بعد احتلال العراق بنقل قواعدهم الكبيرة إلى قطر وبحجة وجود متشددين إسلاميين, إضافة إلى السخط الشعبي ضد هذه القوات وخاصة في المنطقة الشرقية , وقد وجدت أمريكا وحلفاؤها أن الكويت الجارة للعراق قد فقدت أهميتها كموقع جغرافي وتفاعل اقتصادي في المنطقة خاصة بعد دخول القوات العراقية إليها وهروب أمرائها وحكومتها خارج البلاد , إضافة إلى مشاكل الحدود مع العراق وآبار النفط, وظهور التيارات القومية والسلفية وحل البرلمان الكويتي أكثر من مره , ولهذه المشاكل وجدت أمريكا وحلفاؤها أن هذه الدولة غير مستقرة في الوقت الحاضر , أما عمان فهي الأخرى في نظر الحلفاء وإسرائيل , فسلطنة منعزلة عن باقي شقيقاتها الخليجيات ولا تخدم المصالح الأمريكية مثل (قطر) , لأن عزلتها جعلتها بدون تأثير سياسي وإقليمي مما أبعدها الأمريكان عن قائمة الأوليات ناهيك عن مواردها النفطية المحدودة , ورغم أن الإمارات العربية المتحدة تعد الدولة التي جمعت المحميات السبعة 1971 كقوة خليجية إلا أن نظرة أمريكا والحلفاء إليها على أنها تخضع لأرضية قلقة غير مستقرة تحكم روح العلاقة بينها نظراً لكون كل إمارة منها يقودها حاكم خاص , ولولا الاقتدار المالي الذي تتمع به هذه الدولة لكان الانفصال حتمياً , ولهذا نجد أن القوى العظمى المحتمية بأمريكا ارتأت أن إمارة مثل (قطر) بديلاً عن (هون كونغ) المستعمرة الصينية السابقة , فوجدت (قطر) , التي لم تكن دولة ديمقراطية , ليس فيها برلمان , ولا تداول للسلطة , لا حريات , تقودها قناة مثل الجزيرة لخلق الفوضى في الأقطار العربية, وحكام يشترون الذمم بالأموال العربية لتقسيم الأمة , كل هذه الأسباب وجدت الامبريالية العالمية كما وجد اللوبي الصهيوني في (قطر) الأداة الكبرى لتحقيق أهدافها العدوانية على أرض العروبة , ومَثلْ (قطر) مَثلْ (إسرائيل) كليهما يوجهان السهم القاتل إلى قلب القومية العربية والإنسان العربي. أكاديمي وكاتب عراقي |
|