تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


مراكز الدراسات....

آراء
الخميس8-11-2012
 ديب علي حسن

معرفة العدو نصف النصر، بل هي كله دون ريب، وثمة قول مأثور ينسب إلى النبي محمد(ص): من عرف لسان قوم أمن شرّهم.

وبالتأكيد اللسان هنا بالمعنى الشامل والواسع جداً انطلاقاً من أنه اللغة والأدب والفكر والعادات والتقاليد وما إلى ذلك عله محمول باللغة التي هي اللسان.‏

هل عرفنا لسان عدونا أم عرفنا عدونا... ربما تكون الإجابة مرة وقاسية... نعم علمنا عدونا ولكننا لم نعرفه، والمعرفة هي غير العلم بالشيء.‏

عرفنا لسانه... علما لسانه، بل نذهب إلى أبعد من ذلك ونقول تحدثنا بلسانه وصرنا كأننا ناطقون باسمه لكننا لم نعرف أو نعي أبعاد ما نفعل.‏

هنا ربما يسأل أحدما ما مبرر هذا السؤال؟ أسارع إلى القول لمعرفة العدو ألف وسيلة ووسيلة، الطرق شتى متعددة، ومعروفة ولكنها في المحصلة تصب معطيات المعرفة كلها في مراكز دراسات وبحث ورصد ومتابعة، ومعالجة، وتخضع لكل ألوان الدراسة والبحوث من قبل فريق متكامل، ويصل الدارسون إلى نتائج يضعونها أمام تصرف من يعنيهم الأمر، وهؤلاء هم الذين يبنون خططهم واستراتيجياتهم على أساس المعطيات التي وضعت أمامهم...‏

تتنوع مهام مراكز الدراسات وتوجهاتها، لكنها في النهاية تخدم أهدافاً محددة أنشئت من أجلها، تغدق عليها الأموال، وتقدم المنح والمساعدات التي تدفعها إلى انجاز المزيد من الدراسات والأبحاث الحقيقية.‏

ومما لا شك فيه أن الجميع يعرف أن ما تتعرض له سورية من مؤامرة كونية ليس وليد اليوم أبداً، بل عملوا عليه منذ عقود وعقود وإذا كانت تشير التسريبات أنهم فعلوا ذلك منذ عام 2007م أي وضعوا المخطط... فمنذ متى وهم يقومون بدراسة مجتمعنا بكل تلوناته، ومكوناته وانتماءاته، كم مركز دراسات شارك... وكم من المستشرقين ومن يعمل معهم تناول هذا المجتمع بدراسات ومعطيات وبحث عن مكامن الضعف ونقاط القوة ووضع ذلك أمام من بيده صنع القرار...؟!‏

نعرف أنه ما من مطبوعة مهما كانت تافهة تصدر في سورية إلا وتشترى منها مجموعة نسخ وترسل إلى الولايات المتحدة الأميركية يحللون، يدرسون، يوجهون وعلى النقيض تماماً ما من كتاب سوري ينشر في دور نشر خاصة مهما كانت أهمية يصل إلى مكتبة مدرسية أو جامعية أو مركز دراسات أو....‏

هنا أود أن أسأل: أين مراكز دراساتنا... كم عددها..؟‏

ماذا قدمت...‏

أعرف أنه لدينا مركز دراسات استراتيجية في جامعة دمشق ولست من يقيم انجازاته ربما هي كثيرة ومهمة ولكن أين منشوراته، مطبوعاته... ماذا ترك من أثر بين الباحثين والمتابعين..؟! ما الذي يحتاجه... ما الذي يتطلبه عمله...‏

في كل وزارة مديريات تعنى بالبحث والتخطيط وحتى أقسام بحوث ودراسات مثل وزارة التربية مثلا لبحوث ومناهج... ولكن على أرض الواقع الإنجاز تحت الصفر، والدليل على ذلك مناهجنا التي كانت خشباً ذات يوم وصارت حصى في هذه الأيام مع مجموعة التأليف الجديد.... سلوا المدرسين والطلاب كيف مسخ الهم الوطني من كتبنا وكيف شوهت الذائقة وأغرقوا طلابنا في متاهات هم لا يجيدون الغوص فيها...‏

لوكان لدينا مراكز دراسات حقيقية لأجريت بحوث ودراسات حول هذه النقطة.‏

في الإعلام والدراسات السياحية... كل يوم نسمع المحللين السياسيين يصولون ويجولون، يقولون في دراسة صدرت عن مركز دراسات كذا وكذا، وقال الباحث الفلاني وقال ولكننا لا نسمع استشهاداً واحداً بدراسة أجراها مركز دراسات عربي... ويهمني هنا سورية، وبعض مراكز الدراسات المهمة إن وجدت...‏

ربما سيأتي من يقول: أنتم لا تعرفون لدينا مراكز دراسات، ولدينا.. وتنجز دراسات وتقدم معطياتها لمن يهمه الأمر... وهنا نرى أن ثمة احتمالين، الأول: إن هذه المراكز قد قامت فعلاً بدورها مشكورة ونتمنى لو كان يظهر علينا وأن من يهمه الأمر لم يأخذ بما قدمته أبداً، ألقى بذلك على الرف...‏

والاحتمال الثاني أنها قدمت دراسات ومعطيات غير حقيقية ليست ذات مصداقية أبداً، وفي كلتا الحالتين لا بد من إصلاح الخلل والوقوف عند أسبابه.‏

وهنا على الهامش هذا يقودنا إلى طرح السؤال التالي: ماذا تفعل جمعية الدراسات والبحوث في اتحاد الكتاب العرب.... وماذا تفعل آلاف رسائل الماجستير والدكتوراه في تخصصات التربية وعلم الاجتماع والفلسفة...‏

مراكز الدراسات الحقيقية لها وجودها على الأرض، وقدرتها على تقديم معطيات لصانع القرار مهما كان موقعه... نتابع ونقرأ ما ينشر من مخططات أنجزتها مراكز دراسات غربية وكيف تضع رؤى استراتيجية لسنوات وسنوات... ولكننا هنا لم نسمع حتى تعليقاً على أي دراسة أشارت إلى أمر ربما الكثيرون من مسؤولي مراكز الدراسات لا يعرفون أسماء عشرة إعلاميين لدينا، وكذلك المسؤولون... المهم في الأمر أن يسطروا ردوداً تنفي وتسفه ما قالته هذه الدراسة أو تلك وهذا المطلوب منهم سواء مراكز رصد ومتابعة أو غيرها ومجموع الهامش يصبح متناً وقوة تخريبية، كما أنه يمكن أذا أحسنا الاستفادة منه وتوجيهه يصوب ويوجه... لكن هل ناديت من يسمع أشك!! آه لو كانوا يسمعون أو يتابعون أو يرصدون ما ينشر وما يقال لأراحونا من شلال الدم الذي يجتاحنا‏

هل نذكرهم أن الخطط التي تنفذ على أرض سورية منشورة في وسائل إعلام كثيرة، لكن أحداً لم ينتبه... لم يأخذ بها، ظنوا أن الأعداء يتسلون معنا... لكن المؤلم ألا نتعلم من التجربة المرة.‏

d.hasan09@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية