|
قاعدة الحدث ومع أن المواقف من الحق التاريخي للفلسطينيين تراجعت بسبب دخول الواقعية السياسية في المصطلح السياسي الوطني وهيمنت على العقلية السياسية للقادة، لكن هذا لا ينفي عودة اللاجئين إلى أرضهم المسلوبة لأنه حق مقدس وثابت، أقرته القوانين والشرائع الدولية والمواثيق العالمية لحقوق الإنسان.. ولأنه حق فلا يخضع للتفاوض أو المساومة أو التنازل، ولا يسقط أو يستبدل أو يغيّر مفهومه، ولا يحق لأحد العبث أو التفريط به أو التنازل عنه بأي ثمن مهما كانت صفته. ومع أن هذا الحق «عودة اللاجئين» من الملفات النهائية العالقة في المفاوضات مع الإسرائيليين مثلها مثل الحدود والمياه، فإن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال عدم التزام السلطة الفلسطينية بالثوابت الوطنية التي أقرتها المجالس الوطنية بهذا الشأن، فتصريحات محمود عباس رئيس السلطة لقناة إسرائيلية والتي اعترف خلالها أنه «لا يريد العودة إلى مسقط رأسه في صفد التي أصبحت داخل إسرائيل» بدا فيها كأنه يتخلى عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ما أثار غضبا شعبيا عارما واستنكارا سياسيا وانتقادات واسعة من قبل شخصيات وقوى ومنظمات وهيئات فلسطينية في الداخل والخارج، ما دفع الرئاسة الفلسطينية إلى التأكيد أن موقفها ثابت بشأن حق العودة وذلك ردا على الانتقادات الموجهة ضد تصريحات عباس الذي نفى فيما بعد تنازله عن حق العودة مؤكدا أن حديثه عن صفد موقف شخصي، ولا يعني التنازل عن هذا الحق حسب زعمه، لكن ترحيب رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز تدحض تلك المزاعم، معتبرا أن ما أطلقه عباس تصريح علني شجاع ومهم وأن هذا الموقف يتوافق تماما مع مواقف إسرائيل. الغضب الشعبي الواسع بين أوساط الفلسطينيين تصاعدت حدته بعدما رأت أن هذه الدعوات والمبادرات التي أطلقت تشير إلى إخضاع حق العودة للمساومة والمقايضة وهي دعوات مشبوهة، وتأتي مخيبة لآمال الشعب الفلسطيني وتدخلا سافرا على الحقوق الشرعية للاجئين، وشكلت صدمة لكل وطني، داعية إلى المحافظة على الحقوق التي لا يحق لأحد التنازل أو التفريط بها، فوزارة العدل الفلسطينية أكدت قدسية هذا الحق وثباته بموجب القانون الدولي وأحكام الميثاق العالمي لحقوق الإنسان لأنه ملك جماعي وفردي لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني شردهم الاحتلال، مبينة أن أي صوت يقر بالتنازل عن حق العودة هو صوت «غريب ومتنكر للثوابت ومخالف للإجماع الوطني الفلسطيني» الذي قدم التضحيات للحفاظ عليه، وهذا ما أكده أيضا وزير الشباب والرياضة والثقافة في الحكومة المقالة محمد المدهون، فيما استنكرت منظمة «ثابت» لحق العودة تلك التصريحات، معتبرة أن حق العودة لا يسقط بتقادم الزمن، وأن كل من يتنازل عن هذا الحق لا يمثل الفلسطينيين لأنه يخيب آمالهم ويقدم خدمة مجانية للاحتلال. كما أدانتها لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الوطني مشيرة إلى أن هذه التصريحات تمس جوهر الحقوق الفلسطينية والثوابت الوطنية، ولا تعبر عن الإرادة الحرة المتمسكة بكامل الحقوق التاريخية، فيما استنكرت طلائع حرب التحرير الشعبية قوات الصاعقة التصريحات «التفريطية» مؤكدة أن حق العودة هو جوهر قضية فلسطين وأنه لا سلام ولا استقرار في المنطقة دونها، ودعت الجميع إلى الوقوف في وجه التنازلات المتلاحقة التي تقود إلى تصفية قضية فلسطين، وفي الوقت ذاته أدانت أيضا رئاسة هيئة أركان جيش التحرير الفلسطيني وفصائل تحالف قوى المقاومة الفلسطينية والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية، واعتبرت أنها لا تمثل إرادة الشعب الفلسطيني ومواقفه، بل تصب في اتجاه تصفية القضية الفلسطينية ومؤامرة الشرق الأوسط الجديد الأميركي الصهيوني، وتشكل تطورا خطيرا يتعارض مع أبسط قواعد الالتزام الوطني والقومي وتتنافى مع الحق والعدالة وهي مرفوضة جملة وتفصيلا، ورأت أن مبدأ اللقاء مع وسائل الإعلام الصهيونية يتماشى وسياسة التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب وهذا استهتار صارخ بمشاعر أبناء الشعب الفلسطيني ونضالهم وبدماء الشهداء ومعاناة الأسرى القابعين في ظلام المعتقلات الصهيونية كما أن مثل هذه اللقاءات الإعلامية لا تخدم إلا الكيان العنصري الصهيوني بشكلها الفج وهي بمضمونها شكلت صفعة لكل قيم الشعب الفلسطيني ومبادئه، لأنها تعبر عن تنازلات وتفريط بالحقوق التاريخية في محاولة يائسة لإبداء حسن النيات للعدو الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية على أبواب تحركات وأوهام السلطة الفلسطينية في الأمم المتحدة. إلى ذلك حذرت حركة فتح الانتفاضة من خطورة تصريحات عباس مؤكدة أنها تعد وعدا جديدا لايقل خطورة عن وعد بلفور المشؤوم التي جاءت في ذكراه دون أن يرف له جفن وأن المقاومة خطاً ونهجاً وممارسة وفعلا كفاحيا يبني المشروع الوطني الفلسطيني والحركة الوطنية الفلسطينية وليس عبر حوارات عقيمة انكشفت وظيفتها فثبت عقمها في بناء مشروع وطني فلسطيني. |
|