تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إسقاطه.. حلم إسرائيلي

قاعدة الحدث
الخميس8-11-2012
 إعداد: سليمان قبلان

يعتبر الشعب الفلسطيني حق العودة مقدساً لأنه حق تاريخي ناتج عن وجودهم في فلسطين منذ الأزل وحق شرعي، وقانوني ثابت، وخلال أكثر من نصف قرن من الزمن من عمر النكبة،

بقي رفض اللجوء والتمسك بحق العودة. أحد أكبر تجليات إصرار الفلسطينيين على حقهم في الحياة الحرة الكريمة، كبقية شعوب العالم، ورفضهم التحول إلى مجرد أرقام في سجلات دولية. وإن النضال لأجل حق العودة قانوني ويتطابق مع القانون الدولي، وقرارات الأمم المتحدة وشرعة حقوق الإنسان، وحق الشعوب في تقرير مصيرها. كما أن الترحيل والطرد وحرمان الأفراد والشعوب من حق العودة والجنسية وحرية الحركة، وخصوصاً العودة إلى الوطن تعد مخالفة لأبسط قواعد القانون الدولي والإنساني.‏‏

وشكل النضال من أجل العودة النظرية الأساسية لدفاع الفلسطيني عن نفسه، وحماية هويته الوطنية، وشخصيته المستقلة، وكان الدافع الأساسي لاندلاع الثورة الفلسطينية، بكل ما لها وما عليها. وسعت الولايات المتحدة لطمس هذا الحق من خلال سلسلة طويلة من مشاريع التوطين، أو التعويض،والتأهيل والتهجير إلى أماكن أخرى من العالم، حيث أرادت إسرائيل حل مسألة اللاجئين وحقهم في العودة من خلال مجموعة من المشاريع تحت شعار تبادل السكان، أو القضاء على المخيمات، أو الترحيل، أو إجبار الدول العربية (على تحمل مسؤوليتهم)، دون أن تتحمل إسرائيل أي مسؤولية تجاههم، علماً أن أوساطاً كثيرة في إسرائيل تنتظر فرصة سانحة لترحيل المزيد من الفلسطينيين إلى الدول العربية.‏‏

من جهة أخرى أرادت بعض الأنظمة العربية، كل حسب غايته وأدواته، استغلال قضية العودة وتوظيفها؛ بعضهم خدمة لقضية العودة، وبعضهم الآخر للتخلص من الفلسطينيين خوفاً من التوطين، وآخرون لاحتواء التأثير غير المواتي لإيديولوجيا الثورة الفلسطينية.‏‏

وخلال أكثر من ثلاثة عقود، بقيت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، والإطار الأكثر مناسبة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومن أهمها حق العودة. لكن اتفاقات أوسلو والتفاهمات التي تلتها أثارت مخاوف مشروعة لدى اللاجئين من أن تؤدي إلى تهميش حقوقهم، وظهرت على السطح دعوات لتشكيل وحدات للدفاع عن حق العودة تختص بشؤون اللاجئين وحقوقهم، وتشرحها للاجئين والشعوب العربية والعالم. وغدت هذه الوحدات من أبرز مكونات الحراك الداخلي الفلسطيني. وتخوف منها بعضهم، وساندها آخرون، فحاول بعضهم احتواءها، وأراد نشطاء استغلالها كمنابر سياسية.‏‏

باحثون سياسيون حللوا الأوضاع السياسية والإقليمية والدولية، واتساع رقعة الدعم الأمريكي لإسرائيل والتبني العلني السافر لأهداف السياسة الإسرائيلية وحربها العدوانية وتبرير ممارساتها والدفاع عنها دون اكتراث بالقانون الدولي، ولا بقرارات الشرعية الدولية أو معاهدات جنيف أو حقوق الإنسان، فأكدوا -الباحثون- أن لا مجال للتسوية، أي تسوية أزمة الشرق الأوسط، وجوهرها القضية الفلسطينية، وخصوصاً قضية اللاجئين الفلسطينيين. وإذا كانت مشاريع التسوية الأمريكية في الماضي تهدف إلى احتواء القضية الفلسطينية، عبر طمس قضية اللاجئين وتصفيتها بالتوطين أو ما شابه، فإن مشاريع التسوية الحالية تهدف إبقاء الحديث عن التسوية مستمراً، وقد لا تعدو القضية أن تكون «طبخة حصى» وخصوصاً أن بعض الأنظمة العربية، متخاذلة أو عاجزة أو متفككة.‏‏

مؤخراً, روّج (الإسرائيليون) بأن العودة تتم إذا رجع اللاجئ إلى مكان ما في الضفة أوغزة، وهذا يعني إسقاط حق العودة مقابل قيام دولة فلسطينية في غزة والضفة, لكن محللين أكدوا أن هذا خداع سياسي ومناورة مكشوفة، فإن عودة اللاجئ لا تتم قانوناً إلا بالعودة إلى بيته الأصلي، ولا تتم العودة بتغيير عنوان اللاجئ من معسكر إلى معسكر آخر، ثم إن قيام دولة فلسطينية حق للفلسطينيين بموجب حق تقرير المصير لهم الذي أكدته الأمم المتحدة عامي 1969 و1974، وليس مقايضة عن حق العودة.‏‏

صحيح أن قضية عودة اللاجئين تشكل جوهر القضية الفلسطينية، ويتوقف حلها على مدى قدرة الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، لكن هذه القضية عربية في الوقت نفسه، وإن شكل حلها فسيؤثر حكماً «سلباً أو إيجابا» في حل القضايا الأساسية للشعوب العربية، بدءاً من الديمقراطية وانتهاءً بشكل الدولة ومضمونها. وثمة جانب إنساني أساسي لقضية عودة اللاجئين، تفرض على المجتمع الدولي التمسك بقراراته، وضمان استمرار الاونروا في تقديم خدماتها، والأهم من ذلك توفير حماية طويلة الأمد للاجئين الفلسطينيين استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية واتفاقيات جنيف.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية