|
دمشق التي عاثت فساداً في بعض المناطق والمدن السورية إلا أن أضرار المصارف لم تقتصر على ذلك بل تجاوزتها إلى أضرار بعيدة المدى على مستوى عملها
الاستراتيجي في كل ما قدمته من منتجات مصرفية وما وقعته من عقود خدمات وما مولته من قروض بالنظر إلى أن أغلب القروض التي مولتها المصارف العامة تمتد في أقٍساط سدادها على سنوات عدة تتجاوز الخمس وما يعززه ذلك من آثار على المصارف تبعاً لتراجع القدرة الشرائية لليرة السورية وما خسرته جزئياً من قيمتها نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمامها على حد سواء. تقييم بالليرة مصادر مصرفية شديدة الاطلاع تحدثت للثورة حول هذه المسألة موضحة أن المصارف تقيّم أعمالها وأرباحها وحتى خسائرها على مدى السنة بكاملها بالليرة السورية وبالنظر إلى قيمة الليرة السورية في الظروف الحالية والتراجع الاقتصادي الملحوظ نتيجة الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على الشعب السوري فإن المجال يفتح للتساؤل عن مصير القروض الممنوحة سابقاً وخاصة القروض طويلة الأجل منها ضاربة مثالاً على ذلك قرض موله أحد المصارف العامة قبل ثلاث سنوات بمبلغ اجمالي يصل الى 10 ملايين ليرة سورية مهما كان معدل الفائدة المترتب على مبلغ القرض على امتداد سنوات السداد لجهة قيمة مبلغ القرض الحقيقية بعد استرداده في وقت ارتفع فيه سعر صرف الدولار من 47 ليرة الى ما ينوف على 130 ليرة سورية وعلى ذلك يكون القرض قد استرد جزئياً بنسبة لا تتجاوز 15 الى 20٪ في أفضل الأحوال ما يعني خسارة حقيقية للمصرف في قيمة هذا القرض فما بالك بقروض بعشرات الآلاف قد تم منحها سابقاً قبل الأزمة لتسدد على مدى خمس سنوات الى عشر وخمس عشرة سنة منها عشرات القروض التي تصل مبالغ كل منها على حدة الى مليارات الليرات السورية. قروض الأوروبيين المصادر المصرفية أشارت الى الناجي الوحيد من هذه المعضلة جزئياً هي القروض التي مولت عن طريق بنك الاستثمار الأوروبي من خلال المصارف المحلية السورية، بالنظر الى ان هذه القروض منحت بالقطع الاجنبي وتحديداً بالعملة الاوروبية الموحدة (اليورو) على ان يتم استرداد قيمة القروض من المتعاملين باليورو كذلك وتحويل الاقساط مع الفوائد المترتبة عليها لبنك الاستثمار الاوروبي، فيكون المصرف امام حلين اثنين: فإما ان يسدد قيم القروض من صناديقه الخاصة، وفي ذلك خسائر اضافية يحمل شريحتها على عاتقه، واما ان يباشر اجراءاته القانونية للتحصيل من المقترضين لغاية السداد، وفي ذلك معضلات عدة، بالنظر الى ان التحصيل قد يكون معدوم الفرص بسبب سخونة بعض المناطق التي تقع فيها المعامل والمنشآت التي قامت على القروض ولاسيما في الارياف، مع الاخذ بعين الاعتبار ان القروض منحت من بنك الاستثمار الاوروبي لغاية استثمارية، وهي غايات لم يتحقق بعضها بسبب توقفها في الوقت الراهن نتيجة اجرام وتخريب المجموعات الارهابية المسلحة، او لم يبدأ العمل بهذه الانشطة الاستثمارية، او بدأ بها ولم تتحرك وتوقفت نتيجة لنفس الظروف ، وفي كل هذه الحالات تتابع المصادر المصرفية، فإن المصارف الوسيطة (المصارف السورية) مطالبة بالسداد على اعتبارها وسيطة وضامنة للقرض من جهة، ومن جهة اخرى فإنها ملزمة قانونا بملاحقة المتعامل حتى يباشر سداد المستحقات المترتبة على عاتقه. تحفظ على الملاحقة المصادر المصرفية سجلت تحفظها على الملاحقة لفرض السداد في الفترة الحالية لانعدام جدواه، ومع وجوب التفريق بين ملاحقة من يملك المال والسيولة ومستمر في العمل ويمتنع عن السداد، وملاحقة من لا يملك المال ولا يملك السيولة مع توقف منشآته او معمله عن العمل، بالنظر الى ان الاول يملك القدرة على السداد وبالتالي ملاحقته واجبة، في حين ان الثاني لايملك القدرة ولم يسدد نتيجة لظروفه. خسارة محققة كما تحدثت المصادر المصرفية عن ان الخاسر في كل الحالات هو المصارف نفسها ولو باشرت اجراءاتها القانونية، وتمكنت من التحصيل والحجز على ممتلكات المقترضين وباعتها بالمزاد العلني، لان قيم الضمانات من العقارات قد انخفضت في ظل الظروف الحالية وتراجع الطلب بشكل شبه كلي على العقارات من جهة، ومن جهة اخرى من الصعب اعادة التقييم مجددا خاصة بالنسبة للعقارات الواقعة في الارياف او المحافظات التي تشهد سخونة وتوتراً نتيجة اجرام وتخريب المجموعات الارهابية المسلحة، مع الاخذ بعين الاعتبار ان هذه العقارات لن تعاود الارتفاع بالنسبة لقيمتها بعد توقف الازمة مباشرة، بل تحتاج لوقت ليس بالقليل حتى تستعيد قيمتها وتعود معادلة العرض والطلب المكونة للقيمة والسعر الى توازنها، اضافة الى انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية وخسارتها جزءاً من قيمتها منذ فترة منح القرض الى الفترة التي يتم السداد خلالها، وبالتالي فإن الفارق بين القيمتين سيكون عبئا على عاتق المصرف وخسارة محققة يتحملها وحده. تسويات واعادة جدولة اما بالنسبة للقروض الممنوحة من بنك الاستثمار الاوروبي عن طريق المصارف المحلية كمصارف وسيطة، فترى المصادر المصرفية، بأن الامر يشكل معضلة لابد لها من الحل على مستوى الجهات الوصائية عبر تسويات تبرم مع بنك الاستثمار الاوروبي على شكل اعادة جدولة لهذه القروض او اي صيغة اخرى، استنادا الى الظروف الاستثنائية التي تمر بها سورية والتي هي ظروف حرب حقيقية، وبالتالي تعتبر ظروفاً قاهرة تستوجب آلية تعامل تتناسب معها، مع الاخذ بعين الاعتبار ان ضغط هذه القروض ليس بالقليل ويشكل تهديداً حقيقياً للقطاع المصرفي، مهما كانت شدة اجراءات ملاحقة المقترض للتحصيل. |
|