|
آراء هل نختلف بأن أزمة الضمير هي أزمة تتزايد يوما بعد الآخر و كل ما يتم هو إخماد صوت هذا الضمير القلق حيث اختلفت الأخلاق وتغيرت بما يتماشى مع معطيات العصر، فانعكست الرؤى و انعدمت الثوابت و باتت كلمة الإنسانية فارغة من مضمونها، على هذا فالضمير هو قدرة الإنسان على التمييز بين الأمور التي تجري على الواقع و قيمه الأخلاقية... فإذا تعارضت و قيمه الأخلاقية فإما أن يرضخ أو أن يتصدى .. قليلون من تصدوا للاختيارات الواقعية يستحسنون الصالح و ينكرون السيئ وبذلك تمكنوا من سماع صوت الله في أعماقهم و تحقيق إنسانيتهم ،من بينهم الفيلسوف و الناشط السياسي وعالم اللسانيات نعوم تشومسكي المفكر اليهودي الأمريكي المولود في عام 1928 الذي يشتهر بنشاطه الفكري ومعارضته للسياسة الخارجية الأمريكية ، فضلاً عن انتقاده للاحتلال الاسرائيلي . في معرض حديثه لإحدى الصحف البريطانية يرى تشومسكي أن الخطر الحقيقي الذي يواجه المنطقة يكمن في الولايات المتحدة و إسرائيل، وأن الثورات العربية جاءت صدمة للقوى الغربية و على رأسها الولايات المتحدة لأن هذا سيكون أول التحرك تجاه استقلالية القرار في منطقة الشرق الأوسط و هذا يمثل تهديداً خطيراً لها، و في إجابة على سؤال عما إذا كانت اسرائيل ستبقى دولة خلال الخمسين عاما القادمة قال تشومسكي اليهودي المتهم بمعاداة السامية: «إن اسرائيل تنتهج سياسات من شأنها أن تزيد المخاطر الأمنية المحدقة بها إلى أقصى حد، فهي تختار سياسة التوسع على الأمن ، وتقود الى انحطاطها الأخلاقي و عزلتها و نزع الشرعية عنها كما يقولون اليوم، الأمر الذي سيؤدي -على الأرجح- الى دمارها في نهاية المطاف وهذا ليس بالشيء المستحيل». وتطرق تشومسكي الى الآمال الكبيرة التي كانت معقودة على أوباما عندما انتخب رئيسا للولايات المتحدة لأول مرة، أو خاصة بعد حديثه عن الشرق الأوسط، أنها لم تكن سوى أوهام. وأن خطابه عن الأمل و التغيير لم يكن له أي معنى البتة و أن تداعي القوة الأمريكية في العالم مستمر. انظروا الى هذا الرد الرائع لإنسان يحاول أن يسلط الضوء باتجاه حلول تفتح أبواباً كبيرة للعرب. سأله أحد الصحفيين لماذا تدعم أميركا اسرائيل رغم أن مصالحها في العالمين العربي والإسلامي كبيرة قال: «لن يكون هناك تحول جدي أمريكي بالنسبة الى اسرائيل إلا بوجود ضغط عربي و إسلامي على أميركا، ولا أعني بذلك شن الحرب عليها، بل فتح حوار من نوع جديد قائم على المصالح والندية و التبادلية، وأن ينتقل العرب من موقع المانح بالمجان الى الإفادة و الاستفادة، و هنا تستقيم المعادلة، و تعلم أمريكا أن الشرق الأوسط ليس صحراء قاحلة نفطية تجوبها الإبل بل هناك شعوب و حكام و أعين تراقب الأداء الأميركي. لدى العرب الكثير من الأسلحة و في مقدمها النفط، و هما سلاحان في سلاح واحد، سلاح الضغط على أمريكا و الغرب عموما و سلاح التنمية، و بدوري فإنني أنبه العرب الى أنه في حال عدم صحوتهم و استغلال هذا السلاح فإنهم سيجدون أنفسهم خارج دائرة الفعل، وفي حال تحول العرب عما هم عليه من طيبة زائدة على الحد من اتصالهم بالساحة الأميركية، من خلال شعاراتهم و أصدقائهم والمفاتيح المهمة في الميادين كافة فإنهم سيبثون موجات من الوعي و الأسئلة في أمريكا . السؤال الآن هل ينصت العرب لهؤلاء المفكرين و هم يشيرون للخطر و هل هناك آذان تسمع أم إن همها فقط الحفاظ على الكرسي.. متناسين أن أمريكا هي الدولة الوحيدة التي لها آلاف القواعد العسكرية في خليجهم والشرق الأوسط و في مناطق كثيرة. بقي أن نقول إن تشومسكي اتهم بمعاداته للسامية لأنه دافع عن حق أستاذ جامعي فرنسي في حرية التعبير كان يتبنى وجهة نظر مماثلة قبل 35 عاما و ما فتئ تشومسكي يجادل بلا هوادة عن حقوق الفلسطينيين . الآن السؤال إلى أين تتجه الأخلاق في عصر المتغيرات هل ستتجه الى التلاشي أم إن الضمير كقوة لابد سيتحرك ؟ |
|