|
مرايا اجتماعية صرخة أطلقتهاالكاتبة والإعلامية اللبنانية جمانة حداد مستعرضة واقع المرأة، ليس في ظل الثقافة العربية وحسب، وإنما كذلك في الغرب... وفي السطور القادمة أتعرض لمرور سريع على ما تناولته الكاتبة في هذا الكتاب. أبدأ من آخر فصل في الكتاب حيث تعترف الكاتبة حداد ومن دون صراخ، إنها قتلت شهرزاد، كونها نموذجاً مؤذياً للنساء حيث وضعت النساء في موقع الضعيف، ليسايرن الرجل وشهوته ولو حتى بقصة مشوقة، أو طبخة لذيذة، لتنال رضى الرجل المانح والمستفيد.و برأيها كان على شهرزاد عدم قبول التسوية مع شهريار ومواجهته حتى الرمق الأخير. الكاتبة جمانة حداد، تقول إنها إمرأة عربية تمشي على الطريق بثبات وقوة، وترفض السير قرب جدار إرث المرأة منذ الأزل، جدار الدين والسلطة والجنس. الذي يكبل المرأة ويحد من طموحاتها، حريتها ومكانتها، «والحل برأيها هو الهدم، ثم الهدم، ثم الهدم، فالبناء من جديد رجالاً ونساءً معاً واليد في اليد». وتتساءل عن نصيب المرأة من الثورات العربية فتقول: هل الثورات التي تجري اليوم في العالم العربي هي أيضاً ثورات نساء؟ في هذا المعنى، هل هي ثورات حقاً؟كما تتساءل متى تنتقل المرأة في العالم العربي من أزمة «أعطوني حقوقي» إلى صرخة «سآخذ بيدي حقوقي»! متى تؤمن بأن حقوقها هذه.. ليست ترفاً.. بل أولوية؟! متى تصدق أنها لم تولد فقط لتتزوج وتنجب وتطيع وتختبئ وتباع وتخدم ذكور عائلتها؟ متى تعي أن الحديث عن الديمقراطية هراء.. من دون استتباب مساواتها مع الرجل؟! وأن الحديث عن الحرية هراء من دون احترام حريتها. معظم فصول الكتاب تؤكد أن المرأة لا يمكن اختصارها بعناصر تافهة مثل ارتداء حمالات الصدر وامتلاك شعر طويل أو إستخدام المكياج، وتدعو الكاتبة أن تكون المرأة امرأة لذاتها، لأي ذات أخرى. خصوصاً ذات الرجل. الأب والأخ والزوج والحبيب والابن، إذا كانت المرأة تحتاج إلى الرجل. فالرجل يحتاج إليها أيضاً، لكن الفرق هائل بين الحاجة إلى الآخر والاتكال عليه، وإذا كان لا بد للمرأة من أن تتساوى مع شيء أو أحد، «فلتتساوى إذاً مع هويتها كأنثى لا غير، ومع كيانها الجوهري الذي يخبئ تحولاً مستمراً» فإن المرأة ليست ناقصة عقل ولا هي دون الرجل فهماً وحكمةً ولا هي عورة ولا موضوع إغراء. ولا يجوز الاستمرار في النظر إليها بعين القبيلة الذكورية والتذرع بالدين لحرمانها من حقوقها كإنسان. «هكذا قتلتُ شهرزاد: اعترافات امرأة عربية غاضبة» دعوة للمرأة العربية للتفكير والبحث في نفسها عن نفسها وتحدي النماذج المفروضة عليها سلفاً في الدين وفي السياسة وفي المجتمع. وصرختها محاولة لمواجهة التحديات المسبقة التي تفرض على الأنثى لتدجين حريتها، أثمن ما تملك، وأن لا تستسلم لقدرها وللحدود المفروضة عليها. هي دعوة لخلق «إمرأة قوية بما يكفي لتعيش وتقول لا، حتى عندما يفترض هذان، العيش والرفض، أن تمنى بخسائر». فهو يلخص واقع المرأة العربية ويستعرض بشفافية وصراحة مدهشة حقائق ووقائع تعيشها المرأة تحت ظروف سياسية واجتماعية محبطة! وفي السياق تتحدث الكاتبة عن نفسها فهي نشأت في كنف والدين تقليديين وتعلمت في مدارس الراهبات اثناء سنوات الحرب الأهلية اللبنانية التي أصابتها برهاب قصف القنابل والقتل المجاني للناس، لكن تلك السنوات علمتها حب القراءة، فكانت تقرأ لتعيش وتكتب دوي انفجارات الحرب. القراءة أكسبتها التحرر والوعي. وكان مصيرها، وهي في الثانية عشرة فقط أن تقرأ مؤلفات مصنفة «للراشدين فقط»، كتباً خطيرة جداً أفضلها مذيلٌ بتحذير: «هذا الكتاب كفيلُ بتغيير حياتك». هذا عدا عن إتقانها القراءة باللغة الفرنسية الذي فتح لها آفاقاً واسعة للقراءة الحرة في مواضيع الجسد والشهوة والكتابة عنهما لاحقاً بالسليقة، وبدون إيحاءات مواربة وكليشهات مغلوطة. وطبعاً لم يكن سهلاً أن تكتب امرأة، بلا مساومات في مجتمع شرقي وعربي يصدر أحكاماً بلا رحمة، لكن ثقتها بنفسها التي درّبتها على تحمل الجدل دفعها سنة 2006، لإصدار مجلة «جسد»، وهي مجلة فصلية تعنى «بآداب الجسد وعلومه وفنونه». ليست بورنوغرافية أو إباحية، «لكنها تشق طريقاً مجهولاً وصعباً وغير آمن في مجتمع مفهوم الشرف فيه لا يزال محصوراً بين فخذي امرأة» وتعمل حاليا كرئيسة للقسم الثقافي في جريدة النهار. |
|