تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إلى اليوم بلا تحضير .. بعد 7 سنوات تفتح النافذة الديموغرافية بطرطوس .. ودعوة لمؤتمر وطني من أجلها..

مراسلون
الخميس 9-5-2013
ربا أحمد

يقال أنها هبة من هبات الله ونافذة تفتح وسط جدار سكاني كثيف ومتطلبات أكثر وارتفاع معدلات النمو ، إنها الهبة الديمواغرافية أوالنافذة الديموغرافية التي تعني تحول المجتمع إلى مجتمع فتي وتركز الكثافة السكانية في مرحلة الشباب .

2020 هو العام المقدر من مديرية تخطيط طرطوس والهيئة السورية لشؤون الأسرة لفتح نافذة محافظة طرطوس الديموغرافية ، وذلك بعد محافظتي السويداء واللاذقية ، حيث من المتوقع أن يكتمل انفتاح النافذة فيها خلال العقد الثاني من هذا القرن‏

، عندما يصل معدل الخصوبة الكلية فيها إلى /2/ مولود في الحد الأدنى و /2,19/ مولود في الحد الأعلى وفق مختلف السيناريوهات المحتملة للتطور الديموغرافي فيها ، ويصاحب ذلك تراجع نسبة الأطفال للنساء من 34% في العام 2010 إلى 30% -33% عام 2020 .‏

ومن المتوقع وفق ذلك أن ينخفض معدل النمو الطبيعي لسكان محافظة طرطوس من /1,52/ عام 2010 إلى /1,09-1,23/ عام 2010 ، مما يطيل في أمد السنوات الضرورية لتضاعف عدد السكان فيها من /46,1/ سنة عام 2010 إلى أكثر من /67/ سنة عام على الأقل في عام 2020 ,ما يعني أن هناك حوالي /7/ سنوات فقط تفصل محافظة طرطوس عن الانفتاح الكامل للنافذة الديموغرافية فيها ، الأمر الذي يعني وفق الهيئة السورية أنه يجب الاستعداد الجيد لتحويل العرض الديموغرافي المتوقع إلى واقع تنموي يمكّن السكان داخل القوة البشرية من الانخراط ضمن فئة المشتغلين وعدم بقائهم ضمن فئة السكان خارج قوة العمل أو حتى ضمن السكان داخل قوة العمل ,لكن من الباحثين عنه (أي المتعطلين) ، ليتحول الانخفاض في معدل الإعالة الديموغرافية إلى انخفاض في معدل الإعالة الحقيقية التي تقيس العلاقة بين حجم السكان من جهة وحجم السكان المنتجين أو حتى العاملين من جهة ثانية.‏

هل يجري الاستعداد؟‏

هل تم الاستعداد للنافذة من قبل الحكومة بشكل عام ؟ وهل يجري وضع الخطط المحلية اللازمة لهذا الأمر في محافظة طرطوس بشكل خاص؟ وهل يتم العمل على بناء المجالات اللازمة لانخراط هذه الفئة في المجتمع بشكل إيجابي وفي مقدمتها فرص العمل أو التمويل اللازم لها ؟‏

من يتابع عمل مديرية تخطيط طرطوس يجد أن المديرية بدأت تنادي بأن هناك ارتفاعاً في نسب الشباب بشكل واضح ومن خلال دراستها للواقع في المحافظة بشكل سنوي حيث ازداد الشباب ونضج المجتمع السكاني في طرطوس بين عامي ( 1994 ـ 2004 ) وازدادت الفئات العمرية فوق 15 سنة بشكل مطرد وانخفضت الفئات العمرية من ( 5 ـ 15 ) عاماً ويعود السبب في ذلك إلى تراجع معدلات النمو السكاني ، كما ازدادت فئة الكهول فوق /65/ عاماً بشكل ملحوظ ويعود السبب في ذلك إلى التقدم الصحي الكبير وارتفاع معدلات الأعمار في المحافظة .‏

ومن دراسة الهرم السكاني لمحافظة طرطوس بين عامي 2005 ـ 2015، نلاحظ أن الطفرة السكانية ( الزيادة الكبيرة ) الحاصلة في ثمانيات القرن الماضي والتي كانت تشكل عبئاً كبيراً على الحالة المعيشية في المحافظة عام 2005 بسبب وقوعها في بداية سن الشباب ومع ارتفاع معدلات التعليم في المحافظة فإنها تشكل فئة مستهلكه، فإنه من المتوقع أن تصل في عام 2015 إلى سن الإنتاج بين ( 25 ـ 35) سنه, وبالتالي فإن التحليل يفترض أن يزداد الدخل وتتحسن أحوال المعيشة في المحافظة عام 2015 ، والخطورة الكاملة في نسب البطالة المرتفعة وخصوصاً للفئات المتعلمة ,وكذلك نلاحظ أن قمة الهرم تصبح أعرض في عام 2015 ، مما يعني زيادة عدد المسنين ، ويعود السبب كما أسلفت إلى ارتفاع المستوى الصحي في المحافظة وزيادة الأعمار . إن هذا الأمر سيؤدي إلى فتح أبواب جديدة متسعة للإنفاق على خدمات الضمان الصحي والاجتماعي ( تقاعد ، رعاية مسنين ، صحة ) .‏

وانطلاقاً من عام 2015 إلى عام 2020 سيصبح هناك شواذ في الشكل الهرمي للفئات العمرية من شكل الهرم المعتاد (مثلثي) إلى زيادة في الوسط وخروجه عن القاعدة والرأس .‏

نقاط القوة و الضعف‏

مشاركة قوية للمرآة في النشاط الاقتصادي‏

انخفاض معدل الخصوبة في المحافظة بشكل يقترب معه من معدل الإحلال‏

خلل في الكثافة السكانية بين المناطق إذ ترتفع في مركز المحافظة إلى معدلات عالية‏

الفرص والتحديات‏

معدل أعالة منخفض و هو الأخفض على مستوى القطر‏

علاقة عكسية قوية بين نمو السكاني و تحسن الأوضاع الصحية‏

ارتفاع في القوة البشرية‏

حدوث الهبة الديموغرافية بدخول سكان المحافظة بانفتاح النافذة الديموغرافية فــي المحافظة ( نسبة أطفال أقل من 30% و نسبة السكان بين 15-64 سنة أكثر من 60%).‏

ارتفاع الكثافة السكانية و انتشار السكن العشوائي .‏

انتشار البطالة في صفوف الشباب و المتعلمين‏

ارتفاع نسبة كبار السن فوق 65 سنة‏

ما يعني هذا الكلام منذ سنوات تؤكد عليه مديرية تخطيط طرطوس ، وأكدت هذا الهيئة السورية لشؤون الأسرة منذ عام 2010 ، ولكن يبدو أن الكلام في مكان والعمل في مكان آخر تماماً .‏

مدير تخطيط طرطوس المهندس فواز الطاهر قال: تعتبر الهبة الديموغرافية "هبة " على اعتبار أن الفئة المنتجة أي الشباب هي أكثر من الفئتين العمريتين (الأطفال والشيوخ) والتي تعتبر فئتين يعتمدان على الإعالة ، بينما الفئة الشابة هي الفئة المنتجة, وبالتالي زيادة في الإنتاج وانخفاض في الإعالة ، وهو أمر يعتبر هبة كبيرة للشعوب والاقتصاد والحكومات ، ولكن "الهبة " ممكن أن تتحول إلى "نقمة " إن لم يجر التحضير لها،‏

وقال: من المتوقع بداية الهبة الديموغرافية بطرطوس مع بداية عام 2020 بحيث ستكون الفئة الشابة هي أغلب فئات المجتمع ,موضحاً أن المطلوب وفق رأيه تأمين المزيد من المنشآت الصناعية أو التجارية أو الحرفية أو الإنتاجية أو الزراعية وغيرها لتأمين فرص العمل لهؤلاء الشباب وإيجاد بيئة وبنية عمل مناسبة ، ودراسة كل محافظة لمعرفة حاجاتها ووضع سياسات اقتصادية واجتماعية وثقافية لاستقبال هذه النافذة بطريقة صحية وصحيحة.‏

وأضاف : لابد من الاستفادة من الفئة الشابة كقوة هائلة من العمل والإنتاج والنمو والمزيد من الإيرادات .‏

وهنا نأخذ ما أوردته الهيئة السورية لشؤون الأسرة بأنها فرصة تنموية كامنة أو سانحة ظهرت وتظهر في العديد من البلدان التي تميزت باتساع قاعدة هرمها السكاني الفتية لفترة طويلة نتيجة نمو مرحلة النمو السكاني السريع وكمؤشر على عملية تحول ديموغرافي جديدة.‏

توفير بيئة اقتصادية وتنموية‏

والهبة الديموغرافية يمكن أن تكون نعمة في حال تم الاستعداد لها عبر بناء قدرات القوة البشرية الوافدة إلى سوق العمل مع توفير بيئة اقتصادية وتنموية قادرة على استيعابها ، كما يمكنها أن تكون "نقمة" في حال إهدار ما تختزنه من طاقات وإمكانيات تنموية كامنة وسانحة وعدم بناء قدراتها وتأهيلها لحاجات سوق العمل واستيعابها فيه ، وهو ما يتمثل في ارتفاع الطلب على التشغيل ويزيد من معدلات البطالة السافرة والمقنعة في آن معاً,وبالتالي فإن انفتاح النافذة الديموغرافية لا يؤثر تنموياً إلا إذا اتبعت سياسات مؤسسية تحقق التكامل بين العرض الذي يقدمه انفتاح النافذة الديموغرافية وبين الطلب الذي يفترض أن تمثله حيوية الأسواق والنمو الاقتصادي والتوزيع المنصف للدخل وبناء القدرات البشرية .‏

وعلى مستوى الإمكانية ، يظهر الأثر الديموغرافي الإيجابي لانفتاح النافذة الديموغرافية في اتجاه الفئة العمرية دون الخامسة عشرة نحو الانخفاض أكثر فأكثر مفسحة المجال لزيادة حجم الفئة العمرية التي هي في سن العمل ، ويقدم هذا التغيير فرصة مواتية للنمو الاقتصادي ، تتمثل في نمو حجم السكان في قوة العمل والإنتاج ، وفي قابلية نمو متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي على مدى (25-30) سنة ، وهي المدة التي تدوم فيها عادة النافذة الديموغرافية ، وهو ما يؤدي إلى فتح آفاق جديدة أمام عملية التنمية على غرار ما تم في بلدان شرقي وجنوبي آسيا ، وقد يسمح بإضافة ( 1-1,5%) إلى معدل النمو الاقتصادي السنوي‏

جهات العمل‏

وبالنسبة للجهات الرئيسية المفترض منها العمل من أجل هذا الأمر ، بيّن مدير التخطيط أنه على كافة الجهات العمل من أجل هذه النافذة سواء بالنسبة للجهات الإنتاجية أو الاقتصادية أو من حيث البنى التحتية وكذلك قطاع العقارات لما يشكل من جهة رئيسية من حيث الطلب الكبير الذي سينصب على العقارات إضافة إلى الجهات الإعلامية التي عليها أن تنبه إلى أهمية الأمر وإلى أهمية التحضير له والاستفادة منه.‏

وأكد الطاهرعلى ضرورة عقد مؤتمر وطني للتعريف بهذه الهبة ,ومطالبة الجهات العامة بوضع خططها من أجل ذلك ,كونها خطوة يمكن القيام فيها في الوقت الحالي ، على اعتبار أن الوقت لم ينفذ وكل يوم سابق أفضل من يوم لاحق ، وبأن هكذا مؤتمر بتغطية إعلامية جيدة سيقصر الطريق أمام مديرية التخطيط سواء من ناحية المناداة أو من ناحية وضع بورصة عمل حقيقية ضمن المؤتمر.‏

ونوه الطاهر بأن الوقت هنا عامل مهم ، ولكن التأخير لا يعني أن نتوقف ونقول "لن نلحق" فكل يوم يمكننا البدء، ولكن أن نأتي متأخرين خير من ألا نأتي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية