تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سمير حسين : (بانتظار الياسمين) دعوة إلى الحب والأمل

ثقافة
الاثنين 12-1-2015
فؤاد مسعد

على الرغم من البرد والأحوال الجوية المتقلبة إلا أن التصوير مستمر في مسلسل (بانتظار الياسمين) وسط حديقة عامة مكشوفة تجري فيها أحداث قسم كبير من العمل ، لتكون بطلاً من أبطاله ،

‏‏

حيث يجتمع فيها مهجرون جراء الحرب هرباً من مناطقهم الساخنة ، فتحولت إلى ملجأ لهم وتصبح مجتمعهم الصغير الجديد ، وفيها تدور حكايات وقودها الحب والخوف والانكسار والفرح والبؤس والألم .. المسلسل الذي انطلقت عجلة تصويره مع مطلع العام يؤكد ضمن إطار انساني على فكرة أن الحياة مستمرة رغم كل الصعاب ، راصداً حياة مجموعةٍ من العائلات ناقلاً تفاصيل معاناتهم اليومية، وقصص حبّهم وتضحياتهم وتأثير الحرب عليهم وعلى العلاقات الإنسانية والاجتماعية والعاطفية . يُذكر أن المسلسل من إخراج سمير حسين وتأليف أسامة كوكش ، وبطولة نخبة من نجوم الدراما السورية ، وإنتاج شركة (abc) للإنتاج الفني .‏‏

تناول التفاصيل‏‏‏

لإلقاء المزيد من الأضواء الكاشفة حول المسلسل كانت لصحيفة الثورة هذه الوقفة مع المخرج سمير حسين ، الذي تحدث بداية عن مدى الغوص في تفاصيل حياة الشخصيات وسط الأزمة ، يقول : يقدم العمل الكثير من التفاصيل الهامة التي لها علاقة بمكنونات السنوات الأربع التي مرت علينا والأيام القادمة التي سنعيشها ، فهناك مجموعة من الشخصيات التي فقدت ممتلكاتها كما فقدت البنية التحتية كمحصلة لكل ما لديها كما فقدت بالمقابل أناس أعزاء ولم يعد هناك مأوى يلجؤون إليه سوى حديقة ، يلتقي فيها مجموعة كبيرة من الناس ، وكما كنا نرى في مرحلة من الأزمة أن هناك من كان مكانهم الحدائق العامة وفيما بعد مراكز الإيواء من مدارس إلى أبنية احتضنتهم ، ولكن الصعوبات لاتزال موجودة بكثافة شديدة وموجعة للغاية .‏‏‏

الخاص في المسلسل أنه يطرح صورة مستلهمة من الواقع ، لا تماثله بالضرورة ، وإنما تشكّل إضاءة هامة جداً ، اختزلناها واقتطفناها وسلّطنا عليها الضوء لتلخص بعض جوانب المعاناة التي عشناها ، وأتت الشخصيات متنوعة المشارب فهي تمثل نماذج مختلفة تم جمعها في هذا المكان ، لكل منها حكايته التي تتقاطع فيما بعد مع حكايات خاصة ، كما تتقاطع مع الشرائح الاجتماعية الموجودة في المدينة والتي لم يفقد أفرادها منازلهم ولكنهم فقدوا الكثير من الأشياء الأخرى فهم جزء لا يتجزأ من المعاناة التي نعيشها ، فشخصيات العمل مأزومة تبحث عن الخلاص عبر ما يسمى نقاط مشتركة باتجاه موضوعة الحب ، فالحب هو الذي سيجمع فيما بيننا في النهاية ، ولا خلاص لنا إلا في أن نأمل خيراً ونتكاتف مع بعضنا البعض ونتساعد وننسى من أجل أن ننظر إلى الأمام .‏‏‏

آلام المخاض‏‏‏

وفي معرض إجابته عن سؤال (كاميرتك عما تبحث في العمل ؟) قال : تبحث عن كل ما هو مضيء وجميل حتى تنتقل عدواه للآخرين وتصل للمتفرج وهو هدفنا الأساسي والمهم ، هذا ما ستلتقطه كاميرتي عبر التقاط هذه الاضاءات الثلجية النظيفة التي تحوي الأمل والحب والخير وأيام قادمة جميلة ، فالمخاض والوجع أمر لا بد منه ، ولكن المسلسل ابتسامة من الصميم بحجم هذه الغصات ، عسانا نعبر هذا الحالك الممتد حتى القتل مضمخين بأنفاس الفجر .‏‏‏

أما عن كيفية تعامله مع فكرة أن هناك من يتحاشى متابعة الأعمال التي تنقل الواقع القاسي ويطالب بأعمال تخرجه من حالة المعاناة والضغط ، فيقول : الوجع موجود ، فهذا المخاض كلنا نتشارك فيه ، وأرى أن الهروب منه باتجاه صناعة أعمال خارجة عن الواقع وعن الزمن الذي نعيشه هو بحد ذاته تكريس للأزمة ، فموضوعة الأزمة وتناولها باتجاه انساني ، وتحديداً الحديث عن الناس بشكل مكثف وحقيقي ، هو الأهم في هذه المرحلة . ففي مسلسل (حائرات) كانت الأزمة حاملا زمنيا لما يحدث ، ولكننا نحكي في (بانتظار الياسمين) عن اوجاع الناس بشكل أساسي ونذهب بالاتجاه الانساني ومن هنا تنبع فرادته .‏‏‏

ويتابع : لقد مررنا بأصعب ما مر على السوري بتاريخه ، وبالتالي أليس من حقنا ومن حقه علينا أن نضيء بعض الجوانب الهامة ونقدمها له عبر حكاية خاصة ونوثق لها ؟.. أرى أنها مسألة ضرورية وواجبا انسانيا وأخلاقيا مهما جداً ، فالحربان العالميتان الأولى والثانية يتم الاستلهام منهما حتى اليوم وكذلك الأمر بالنسبة للحروب عبر التاريخ البشري ، فالحري بنا اليوم تناول ما يحدث ، عوضاً من أن نذهب باتجاه تقديم أعمال (بيئة شامية) منسلخة عن الحياة والواقع أو أعمال اجتماعية معلقة ما بين السماء والأرض وبلا هوية لا تعرف زمن حدوثها في سورية فتأتي مفرداتها بعيدة عن الأزمة ، وأرى أن التفكير بهذا النوع من الأعمال هو حالة استهلاكية لأنها نوع من إرضاء لبعض المحطات التي ترغب بألا نقدم صورتنا كما نريد ، وأستثني الأعمال الاجتماعية التي تحمل زمناً معيناً كأن يقال أن مجرياتها تدور في التسعينيات أو الثمانينيات .‏‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية