|
ثقافة حيث امتزج عنده الانسان بالطبيعة و أظهرت قصائده علاقته العميقة مع بعض المبدعين من حوله و لا سيما آنا آخماتوفا التي اهداها واحدة من قصائده و مارينا سفيتايفا التي أحبها حبا كبيرا رغم أنهما لم يلتقيا الا قليلا و استمرت هذه القصة ثلاثين عاما لذا كانت خيارات الدكتور زين الدين من بعض النصوص الشعرية المكتوبة لمارينا بالتحديد و هي غاية في الرقة و الحزن .
و في عودة لحياة باسترناك نرى أنه ولد في العام 1890 لأب فنان تشكيلي و امه روزالينا عازفة بيانو و مدرسة موسيقا ـ إذا نشأ في أسرة متنوعة الفنون كانت تستقبل الشعراء الرمزيين و كبار كتاب روسيا مثل تولوستوي و تشيخوف و من الموسيقيين تشايكوفيسكي ، ما أنشأ لديه حساسية مفرطة تجاه العالم الخارجي و كان اساسا في تكوينه الفني . و ظهر تأثره بالموسيقا فكان يستثمرها في شعره حتى أنه كان يرى الحياة موسيقا فيقول « الحياة هي الموسيقا ، و الموسيقا هي الأصل الذي يقبل بعد ذلك كل صورة و كل شكل من مأساة إلى ملهاة إلى ملايين الظلال و الدرجات التي تتفاوت و تتباين بين هذين الطرفين « . بدأت باسترناك شاعرا رومانسيا انطباعيا و تأثر بالشعراء الرمزيين و عاش الحراك النشط الذي عرفته الساحة الثقافية الروسية و لا سيما ظهور مجموعة من المدارس الشعرية الجديدة و تبلورت في نفسه أهم سماتهم و مبادئهم فخرج منها بمركب سحري جعل منه شاعرا من أصفى الشعراء و اقواهم في تاريخ الادب الروسي ، و من مجموعته نقتطف : لن يكون أحد في البيت العتمة وحدها نهار شتوي فحسب .... يتراءى من خلال انفراج الستاثر غير المحكية و فجأة يعتري ستارة الباب ... ارتعاش غير متوقع كما لو ان احدا يقيس السكون بالخطوات ثم تدخلين أنت كالمستقبل و من قصيدة لقاء نقتطف : يغطي الثلج الطرق ... يملأ حواف السطوح أهم بالخروج لأمرن قدمي .. فإذا بك تقفين خلف الباب وحيدة في معطف خريفي .. دون قبعة دون جزمة واقية تغالبين انفعالك و تمضغين الثلج الرطب . نال باسترناك جائزة نوبل للآداء عن روايته « دكتور جيفاكو» في العام 1958 ، و قد ترجم باسترناك العديد من الأعمال الابداعية المختلفة إلى الروسية منها مسرحيات شكسبير و مجموعات لشعراء من جورجيا ، كما كتب القصة القصيرة و الرواية و السيرة الذاتية . « تدخلين كالمستقبل» مختارات شعرية للشاعر بوريس باسترناك ترجمة الدكتور ثائر زين الدين ، منشورات دار ليندا ، يقع الكتاب في 110 صفحات من القطع المتوسط . |
|