|
دراسات التي مارستها السياستان:الأميركية والصهيونية في المساعي التي بذلتهما لجعل عملية تأجيل انعقاد القمة سببا جديدا في خلافات عربية,وانقسامات تتأثر معها أيضا الدائرة الإسلامية بصورة سلبية لا تعود بالنفع العام على أحد سوى أميركا وإسرائيل, والدبلوماسية السورية تسير من فتح إلى آخر ومن قوة إلى أخرى في تمتين الجبهة القوية للمواجهات الأقوى ولا سيما أن التراجع الواضح للموقف الأميركي في القرار العالمي ومن ثم الفشل الواضح في القرار الإقليمي, يمنح المصداقية السورية في التحليل الإستراتيجي للحدث العربي,والإقليمي,والدولي التعزيز اللازم لتكون الإستراتيجية الموضوعية والأكثر واقعية والمنطلقة فعلاً من الثوابت التي تعلي دوما المصالح العليا للوطن والأمة, وتنطلق من مقولة هامة للسيد الرئيس بشار الأسد:إن كلفة المقاومة أقل بكثير من كلفة التنازلات. وبناء عليه جاء التحرك السياسي للسيد الرئىس-بُعيد مؤتمر القمة العربية في دمشق القرار العربي والصمود-باتجاه الخليج العربي وباتجاه الهند ثم باتجاه فرنسا وفي بداية هذا الأسبوع باتجاه الدولة الإسلامية الهامة والصديقة إيران ليشكل الخط الأقوى في الجبهة المطلوبة عربيا وإسلاميا ودوليا بهدف استحداث مجموعة كبيرة من عناصر القوة المطلوبة لمواجهة المشاريع التفكيكية الرامية لنسف الخارطة الجيوتاريخية للمنطقة العربية والإسلامية الواقعة ضمن الشرق الأوسط الكبير وشمال إفريقيا كذلك. وحين تابعنا النتائج الكبيرة لزيارات السيد الرئيس بشار الأسد, وكان المهم فيها تأكيد الموقف المتميز مع الثورة الإسلامية وقادتها في إيران وإعلان السيد الرئيس بأن العلاقات التاريخية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية قوية ومتينة ومؤسسة على منطق السيادة للبلدين والمصالح المشتركة والحرص الكبير على الاضطلاع بالمسؤولية-إلى جانب العرب-في تحرير الأراضي العربية والإسلامية وخاصة المقدسات المشتركة كذلك في القدس والأراضي العربية المحتلة. إن النقطة البارزة في استهدافات أميركا وإسرائيل لأمتنا العربية ولدولة الصمود والمقاومة سورية على وجه التخصيص ,تنصب على إطفاء جذوة الرفض للإرادة الأمروصهيونية في المنطقة-وإدخال قوانين ومعادلات اعتماد جديدة في السياسة تكون فيها أميركا صاحبة الحظ الأوفر في التصرف بقرار المنطقة العربية وأحلام النظام العربي كي توجه هذه الأمور لصالح حماية المشروع الصهيوني الذي يوما بعد يوم يدخل أزماته الداخلية والعربية والإقليمية والدولية. ففي الداخل أصبح بادياً للعيان الانقسام المستعصي في المؤسسة السياسية الصهيونية وقادتها جميعهم تحت الطلب بين مجرم حرب وفاسد وهذا هو أولمرت يعلن بأنه سوف يستقيل بعد أن تجري انتخابات في حزب كاديما في أيلول القادم. وعربيا لم تتمكن إسرائىل من اختراق الجسم العربي الذي يواجهها وفشلت معها أميركا من أن تحقق لها الاختراق الذي تحلم به. وإقليميا تزداد أواصر التفاهم والعمل المشترك والاحساس بالمسؤولية الواحدة بين الدائرتين العربية والإسلامية بما لا تبقى معه الأضاليل الإسرائيلية والأمريكية قادرة على المس بالوعي اللازم للثوابت والحقوق غير القابلة للتصرف. ودوليا تراجعت قوة الضغوط التي كان اللوبي الصهيوني يمارسها على المجتمع الدولي والدول الهامة فيه رغم الموقف الأميركي الداعم,والأهم في هذا الشأن سقوط سياسة القوة في العلاقات الدولية التي سخرتها أميركا لصالح إسرائيل طيلة الزمن الماضي وعودة الفيتو إلى طاولة مجلس الأمن الدولي وإرهاصات الانتقال إلى عالم القطبية المتعددة. وفي هذا المجال أصبحنا قادرين على تسجيل فشل استراتيجي أميركي له مساقط من الضرر الأكيد على وجود المشروع الصهيوني على أرضنا العربية في فلسطين وبقية الأراضي العربية المحتلة ,هذا الفشل هو أن أميركا لم تجبر بكل ما اتبعته من منطق امبراطوري حربي في السياسة ولن تجبر شعوب الأرض على الانتقال من النظام الدولي إلى نظام دولة يعمم على الآخرين كنموذج ولو بتجاوز السيادة الوطنية والخصوصيات الثقافية التاريخية. وبناء عليه فقد سقط المشروع الدولي الأميركي وقد تزيد من تفاقم هذه المسألة انتخابات أميركا القادمة لتتحول أميركا إلى دولة مأزومة داخليا ومشغولة بحالتها وليست لديها القدرة التي تحتاجها إسرائيل من أجل دعمها وحمايتها كما كان الحال عليه. ومن هنا تتدعم مصداقية التحليل الاستراتيجي لسورية بعوامل إقناع مضافة وما الإعلان عن قيام مفاوضات غير مباشرة برعاية تركية نزيهة رغم معارضة أميركا إلا مثال على عدم قدرة أميركا على ضبط إيقاع الدول ولو كانت معها عبر حلف الأطلسي وظهور رغبة هذه الدول بالانطلاق من قيم سياساتها الوطنية ومصالحها العليا وبهذا لم يعد الجميع يعمل من أجل مصالح أميركا ونفضوا عن أجسادهم غبار الرهبة من الغضب الأميركي أو العقوبة. فالعالم يتقدم نحو المزيد من انتزاع حرية القرار الوطني السيادي وأميركا تتراجع إلى دائرة الذي افتقد معظم وسائل ضغطه وقوته. والزيارة التي قام بها السيد الرئيس إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد انطلقت من مجموع المدرك الاستراتيجي لسورية ومن قوة المواجهة الحوارية التي تمارسها سورية في دبلوماسيتها الدولية, وما اتفق عليه في الزيارة الناجحة بامتياز قد أعطانا الدليل الواضح على أن العلاقة المتميزة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية ستساهم بتوفير الأمن والاستقرار للعراق الشقيق وستحافظ على وحدته أرضا وشعبا,كما ستساهم في دعم الوفاق الوطني في القطر اللبناني الشقيق,وسوف تؤمن الكثير من شروط المصالحة الوطنية بين الفرقاء الفلسطينيين أصحاب القضية الواحدة والمصير الواحد وسوف توفر عوامل اقناع مطلوبة لأمم الأرض بأن الحل السياسي للملف النووي الإيراني هو الطريق الأسلم وأن حق إيران في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية حق غير قابل للتصرف.وأن معاهدة لإخلاء المنطقة من أسلحة التدمير الشامل يجب أن تجبر إسرائيل على قبولها والتوقيع عليها. والقوة الدبلوماسية للسياسة السورية حين تجد من يساندها من الدائرة الإسلامية ومن المجتمع الدولي ستكون المعبر الأسلم لعالم تتعرز عوامل استقراره وأمنه ,خاصة حين أصبحت حقيقة الغطرسة الصهيونية ودولة العدوان إسرائىل مكشوفة بأنها كيان لتقويض أمن العالم واستقراره وهذا المنطق لم يعد خافيا على أحد. ومن هذا المنظور تتعزز قوة الدبلوماسية السورية بإجماع كبير من دول العالم وتأييد, وبهذا لم تتمكن أميركا ومعها إسرائىل من الإبقاء على غطرستهما السياسية والعسكرية ولن يبقى الطرف العربي الذي يشاهد بالملموس فشل الاستراتيجية الأمر وصهيونية على موقفه المعروف, فالتفاؤل بوضع عربي قادم أكثر تضامنا وتقاربا ومسؤولية مشتركة لا بد أن يكون القطاف الطبيعي لمصداقية سورية ودبلوماسيتها الناجحة. |
|