|
هيرالدتريبيون فقد صرح اللواء المتقاعد أنتونيو تاغوبا في أحد التقارير عن عدة انتهاكات وجرائم حرب قامت بها أميركا , وذلك بعد قيامه بعدة تحقيقات في العراق تعلقت بإساءة معاملة المعتقلين , لكن السؤال الذي بقي دون إجابة هو ما مصير كل من قام بإصدار وإعطاء الأوامر للجنود الأميركيين للقيام بتعذيب السجناء والمحتجزين ,وهل سيمثل هؤلاء أمام المحكمة لتلقي العقاب المناسب أم لا? إلا أن الخطوة الأولى »كما يرى البعض« لا يجب أن تبدأ باتخاذ الإجراءات القانونية واستدعاء المذنبين لمقاضاتهم أمام المحكمة بل يجب أن تبدأ بإنشاء لجنة وطنية تساعد الشعب الأميركي على معرفة الحقيقة وتقود عملية البحث الروحي لتنتهي بالتطهير القومي, وهذا تماماً ذات الشيء الذي قامت به جنوب إفريقيا بعد سياسات التمييز العنصري البغيضة , وهو ما فعلته أميركا أيضاً إبان الحرب العالمية الثانية , إن أميركا اليوم بحاجة ماسة إلى لجنة للمصالحة والبحث عن الحقيقة ويجب أن تدعم هذه اللجنة بسلطة قضائية لتتمكن من التحقيق بكل الإساءات والجرائم والخروقات التي ارتكبت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول. ولعل أحداً ما لم ينس أن الولايات المتحدة الأميركية في يوم من الأيام قامت بإدراج اسم نيلسون مانديلا على قائمة الإرهابيين وأن القوات الأميركية تعلمت الكثير من تقنيات التحقيق الصينية التي استخدمت في وقت من الأوقات لإقحام السجناء الأميركيين بالحرب الكورية,على الرغم من معرفة الولايات المتحدة الأميركية بأن تقنيات التعذيب تلك لم تنتج أكثر من اعترافات كاذبة مبنية على حذف المعتقل من استمرارعملية التعذيب. إن ما جلب الخزي والعار للأمة الأميركية هو مقتل أكثر من مائة محتجز في كل من أفغانستان - غوانتانامو والعراق وبعد أن لقي اثنان من المعتقلين في غوانتانامو حتفهما بعد أن ضربا وعذبا على يد القوات الأميركية,بعد التحقيقات تبين أن معظم من عذبوا كانوا أبرياء وهذا يشير إلى عجز الإدارة الأميركية وعدم كفاءتها, وقد قامت بعض الصحف الأميركية بنشر قصص شديدة القسوة عن عمليات التعذيب التي مورست على السجناء, واستشهدت إحدى الصحف بمقولة توماس وايت الشهيرة عندما رأى غوانتانامو »لقد كان واضحاً من اللحظة الأولى أن ثلث المحتجزين لا ينتمون إلى هذا المكان« وقد حدث ما حدث لأن المؤسسات الوطنية توقفت بعد هجمات الحادي عشر من أيلول عن أداء عملها بالشكل المطلوب و المناسب ولأن الحزب الديمقراطي لم يبد معارضة تذكر ولأن الإعلام الأميركي والصحافة الأميركية تقاعست عن أداء واجبها على الرغم من وجود بعض الأبطال كبعض المجموعات المدنية وبعض القضاة , بالإضافة إلى بعض الكتاب أمثال »إيريك بلاو« الذي ألف كتاباً أسماه »قانون بوش« تحدث فيه عن الكثير من الأخطاء والانتهاكات مستشهداً بما قاله جيمس زيغلر في أحد الاجتماعات عندما قال وبكل جرأة وصراحة إنه لن يكون جزءاً من تلك الأخطاء ومن بين هؤلاء بعض المحامين والقضاة العسكريين الذين جازفوا بخسارة وظائفهم وقاموا بتحدي البنتاغون, وكل ذلك لاشتباه الإدارة الأميركية ببعض المسلمين في الوقت الذي كانت فيه الأدلة ضبابية وغامضة,لكن يجب التأكد من أن اللجنة التي ستكلف بتقصي الحقيقة لجنة محايدة لا تنتمي إلى أي حزب من الأحزاب يديرها مجموعة من العسكريين النزيهين والموظفين الرسميين والألوية, بالإضافة إلى مجموعة رفيعة المستوى من العاملين بالاستخبارات على أمل أن يمنح وجود هؤلاء المصداقية المطلوبة, ويتوجب على أوباما وجون ماكين التعهد بإدراج لجنة تقصي الحقائق في جدول أعمال الإدارة الأميركية القادمة مع إعطاء اللجنة الحق في إصدار تقرير لمساعدتنا في استيعاب واستخلاص العبر من فشلنا الذريع, أما أفضل اقتراح حول ما يجب أن تفعله أميركا بمعتقل غوانتانامو تجيب عليه إحدى الصحف الطبية التي اقترحت تحويل المعتقل إلى مكان مثالي لإجراء البحوث العلمية والاختبارات الطبية على الأمراض المستعصية التي انتشرت في المناطق الاستوائية والتي أضرت بالعديد من سكان المنطقة والعالم. إن إغلاق المعتقل وتحويله إلى قاعدة لمقاتلة ومحاربة أمراض العالم الفقير قد يساهم في تخليص أميركا من شعورها بالخزي والعار لكنه حتماً لن يكفر عن أخطائها. |
|