تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الدكتور:عبد الحي عباس..أول من حمل شهادة البورد في اختصاصه

تجارب شخصية
الخميس 7/8/2008
لقاء-براء الأحمد

رغم ميوله لدراسة الرياضيات والفيزياء إلا أنه دخل كلية الطب تنفيذاً لرغبة والده الذي أحب أن يكون طبيبا بعد حصوله على الشهادة الثانوية وكان الثاني على القطر والأول في مادة الرياضيات.

* سافر إلى أمريكا فور تخرجه للتخصص ومنذ عودته إلى دمشق كان أول من حمل شهادة البورد في اختصاصه.‏

* كرمته الدولة والمجتمع وعيّن مدرسا في جامعة دمشق ورئيسا للقسم ثم نقيبا للأطباء في سورية في السبعينيات.‏

* نال جائزة أفضل أستاذ للتعليم من جامعة وست فرجينيا.‏

* ألف كتابا مدرسيا بقي يدرس في جامعات القطر مدة طويلة.‏

* كلف برئاسة المجلس العلمي لاختصاص الأذنية وانتخب مؤخرا رئيسا للجمعية السورية لأطباء الأذن والأنف والحنجرة.‏

في لقائنا معه حدثنا عن تلك المحطات الهامة من حياته قائلاً:‏

ولدت في مدينة حمص عام ,1936من عائلة محافظة من الطبقة الوسطى,والدتي كانت قبل زواجها عام 1920 احدى معلمتين في المدينة,وجدي لوالدتي كان عالما معروفا, وله مؤلفات عديدة مطبوعة وما زالت في التداول, كان عالم دين بشكل رئيسي وكان ملما بالطب والفلك,والدي من عائلة تعمل في التجارة وكان تاجر حبوب ولي ثلاثة أخوة وثلاث أخوات كلهم أكبر مني,إلاّ أختاً صغيرة توفيت في صغرها فكنت الأصغر في العائلة .‏

مدرستي الابتدائية كانت المدرسة الأموية والثانوية كانت تدعى الأولى على طريق طرابلس وكنت الأول في الصف بدون استثناء وحزت على شهادة الدراسة الثانوية عام 1953 فكنت الثاني على القطر والأول في مادة الرياضيات.‏

الجامعة وميولي‏

ميولي كانت نحو الرياضيات والفيزياء إلا أنني دخلت كلية الطب بجامعة دمشق (كلية العلوم ثم الطب) لأنها كانت رغبة والدي ولم أكن معارضا دخول الطب لأن للأطباء في ذاك الوقت موقعاً اجتماعياً متميزاً وإضافة إلى أن إخوتي منهم الحقوقي والمهندس والصيدلي.‏

قضيت السنتين الأخيرتين من دراسة الطب في دمشق في مشافي كلية الطب وكنت طبيبا داخليا,والنظام وقتها كان يعتمد على اختيار 4 طلاب من أصل 60 في الصف لهذه الوظيفة وذلك بعد الخضوع لمسابقة صعبة.‏

وفي تلك الفترة تعرفت عن قرب على الواقع العملي للمهنة وعملت مع أساتذة كبار أمثال:محمود برمدا,وابراهيم حقي,ومثير شورى,انطاس شاين,نظمي القباني,برهان العابد.., وغيرهم كثيرون لا مجال لذكرهم كلهم وتخرجت بمرتبة الامتياز مع الشرف عام .1960‏

فرحتي بالتخرج لم تكتمل‏

صدمتي كانت كبيرة جدا عندما تلقيت خبر وفاة والدتي الفجائي وقبل أن تفرح بتخرجي. إذ كنت أنا وإخوتي مسافرين جميعا وكنت صغير العائلة وكانت تتلهف وتنتظر تخرجي وقد شكلت وفاتها صدمة قوية ما زال أثرها في حياتي, كنت أتمنى أن أرد لها ولو جزءاً بسيطاً من حقها عليً,ولما قدمته لي,ولكن لم تتح لي الفرصة,وبعد هذه الحادثة صرت أكثر حساسية لموضوع بر الوالدين ولا سيما بعد أن صرت معروفا, فكان والدي يضع عنده عددا كبيرا من بطاقاتي وكان يقصده كل من أراد أن يأتي للعيادة عن طريقه ويساعد المحتاجين ويعطيهم بطاقة عليها اسمي وتوقيعه فكنت أعالجهم بدون أجرة المعاينة وبدون موعد.‏

أما صدمتي الثانية كانت في نكسة 1967 ولم تكن لي فقط وإنما للعالم العربي كله وكنت أعمل في مشفى المواساة, نتلقى الجرحى والمصابين, تأثرت كثيرا بتلك المشاهد.‏

السفر والاختصاص‏

نجحت في فحص المعادلة الأميركي في السنة الأخيرة في كلية الطب وسافرت إلى الولايات المتحدة فور تخرجي وقبل توزيع الشهادات وأمضيت سنة في واشنطن, كانت من أقسى السنين لأنني لم أكن متمكنا من اللغة الانكليزية واستلمت العمل فور وصولي وكان يختلف في أسلوبه عن كل ما تعودنا عليه هنا,وكانت سنة دوارة, حيث يمضي الطبيب عدة أسابيع في كل فرع طبي ليتعرف عليها جميعا قبل أن يبدأ الاختصاص, وانتقلت بعدها إلى جامعة بتسبورغ للاختصاص في أمراض وجراحة الأذن والأنف والحنجرة وكانت وما زالت من أهم المراكز العالمية ووصولي إليها كان بفضل أستاذ معروف على مستوى العالم هو الدكتور روزن الفري الذي زار جامعة دمشق, حين كنت أعمل في قسم الأذنية قبيل تخرجي وتعرفت عليه وكان قد أوصاه الاستاذ انطاس شاهين بأن يساعدني.‏

وقد أمضيت في هذه الجامعة أربع سنوات كنت خلالها أنام وأعمل وأدرس في المشفى وقد تمضي أسابيع لا أخرج فيها,تعرفت خلالها على أساتذة كبار علما وخلقا وكان لهم أثر كبير في مستقبلي, وأنهيت الاختصاص ونلت شهادة البورد الأميركية ثم ذهبت إلى كندا وتقدمت لفحص الزمالة هناك وهي أعلى شهادة طبية في كندا وانكلترا ونجحت فيه.‏

عودتي إلى دمشق‏

عدت إلى الوطن وكان خياري أن أعمل في دمشق وكنت أول من عاد بشهادة البورد أو شهادة الزمالة في اختصاصي,وكان من المفروض أن أمضي فترة قصيرة في سورية وأتزوج فيها وأعود بعدها لأميركا, حيث عرض عليّ رئيس القسم في بتسبورغ أن أعمل معداً في التدريس في القسم وكان عرضا مغريا إضافة إلى حصولي على إذن عمل وإقامة في أميركا.‏

فضلت العمل في سورية‏

كان نجاحي في مهنتي سريعا وأكثر مما كنت أطلبه,حيث كرمتني الدولة والمجتمع ولم يكن لي أي عذر أمام أهلي لأن أغادر, وعينت مدرسا في جامعة دمشق وأصبحت رئيسا للقسم عام 1978 وألفت كتابا مدرسيا بقي يدرس في جامعات القطر لفترة طويلة,وكنت دوما ممن يهتمون بالعمل والعلم وأصبحت نقيبا للأطباء في سورية في السبعينيات,وتزوجت من دنيا الحاج حسين بعد عودتي من أميركا بحوالى السنتين و رزقنا أربعة أولاد درسوا جميعا الطب واختص حسان وفادي باختصاص الأذنية ورزان بطب الأسنان ورامي في سنته الأخيرة من اختصاص أمراض الهضم.‏

السفر ثانية‏

في عام 1987 عدت إلى أمريكا وعملت أستاذاً في جامعة وست فيرجينيا وأمضيت هناك ثلاث سنوات كانت تجديدا لمعلوماتي حضرت الكثير من المؤتمرات ونشرت المقالات,ونلت جائزة التعليم عام 1988 وهي تعطى كل عام لأفضل أستاذ في كلية الطب,وانتقلت بعدها إلى كليكلاند حينها بدأ أولادي بالدراسة في الجامعة وقررت وزوجتي البقاء معهم,وافتتحت ممارستي الخاصة التي سرعان ما أصبحت أقوى ممارسة في المستشفى الذي كنت أعمل فيه.‏

عدت إلى الوطن أوائل 2004 لأفتتح عيادتي نفسها في شارع الحمراء وأعود لممارسة اختصاصي مختارا منه ما أريد.‏

مواضيع أخذت اهتمامي‏

بعد عودتي لم أستطع إلا أن أعمل وأتكلم بمواضيع عامة وكتبت عن التعليم العالي في القطر بعد أن عرفته وخبرته هنا وفي أمريكا وألقيت محاضرة عن ضرورة تدريس الطب والتعليم العالي عموما باللغة العربية في اجتماع لعمداء كليات الطب في العالم العربي وأخرى عن مساءلة الأطباء أثارت ضجة واحتجاجا من البعض لسوء فهمهم لمحتواها ولمقصدها,المساءلة ضمت ضوابط معروفة ومحدودة هي لمصلحة الطبيب والمريض والمجتمع, وكتبت عن التعليم الموازي في الجامعات وهو برأيي يشكل خللا في العدالة الاجتماعية ولا يخدم على المنظور البعيد الهدف منه,إضافة إلى هذا ألقيت محاضرات علمية في محافظات القطر وفي المركز الثقافي بدمشق وفي النادي العربي وعن التدخين في حفل افتتاح جمعية مكافحة التدخين في مكتبة الأسد.‏

وقد كلفت برئاسة المجلس العلمي لاختصاص الأذنية الذي أوشك أن ينهي وضع ضوابط وبرامج لمراكز الاختصاص المسموح لها,وذلك بعد أن شكل السيد وزير الصحة مجالس علمية لمختلف الاختصاصات.‏

كما انتخبت رئيسا للجمعية ا لسورية لأطباء الأذن والأنف والحنجرة مؤخرا.‏

وأعمل الآن مع الإخوة في مجلس الإدارة على وضع أسس عمل مؤسساتي يتطور بحكم تركيبته ولا يتأثر كثيرا بتغير الأشخاص.‏

وأمكن تأمين تمويل من قبل جمعية النساء السوريات في لوس أنجلوس لمعينات سمعية للأطفال الذين يستفيدون من المعينة السمعية ولا يستطيع أهلهم تقديمها.‏

وقدمت حوالي 500 معينة حتى الآن وما زال العمل بها متواصلا وأقدم الخدمة الطبية.‏

أمنيتي‏

وفي ختام حوارنا حدثنا د.عباس عن أمنيته قائلاً:‏

-على الصعيد العام أتمنى أن أرى الأنظمة العربية مجتمعة وأن تدرك أن الشعوب العربية تريدها أن تعمل معا وإن قوتها التي تكسبها في المسرح العالمي إذا ما عملت معا وكم هي ضعيفة إذا بقيت متفرقة ومشتتة.‏

-وأتمنى أن أرى التعليم بشكل عام والتعليم العالي خاصة يسير في خطوات سريعة ويستطيع اللحاق بالتعليم العالمي وأن يكون متوفرا للجميع بغض النظر عن إمكانياتهم المادية.‏

فالتعليم الخاص هو بصورة عامة للأبناء القادرين,إضافة إلى أنهم يأخذون من المعسرين قسما من جامعات الدولة بما يسمى التعليم الموازي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية