|
دمشق عاصمة الثقافة العربية منذ القدم لهج الشعراء والرحّالون والزوّار من أصقاع الأرض,بما كانوا يشاهدونه بدمشق من ألوان الجمال, فبهر طائفة منهم الجمال الغافي في ربوعها الخضراء ورياضها الغناء, وسحر طائفة أخرى الجمال الذي يطل في وجوه الأهالي دون تصنع, وما يتحلى به النساء والرجال معاً فيها من الصباحة والملاحة والدماثة والذكاء العفوي, واللهجة المحببة. ويبدو أن دمشق مدينة الأنهار السبعة, فاقت بهذا الجمال الطبيعي بلدانا كثيرة في الشرق والغرب, فابن بطوطة عندما ألقى عصا ترحاله في (شيراز) استعادت مساحة ذاكرته ما شاهده في دمشق فقال: (ليس في الشرق بلدة تداني دمشق في حسن أسواقها, وبساتينها وأنهارها وحسن صور ساكنيها..). وشهادة ابن بطوطة ذات أهمية, لأنه رحّالة أدمن السفر والتجوال في البلدان والأمصار, فأتيح له أن يرى أغرب المشاهدات, وهو رجل من المغرب,لا يتهم بمحاباة دمشق أو التعصب لها. وقبل رحالتنا الشهير بمئات السنين, زار دمشق (المتوكل على الله) الخليفة العباسي, وكان معه نديمه ابن حمدون الأديب, فبهر بالجمال الدمشقي, بالرغم مما كان في عاصمة الخلافة بغداد من الحسان والجميلات الفاتنات.. ولم يستطع ( المتوكل) أن يخفي حقيقة مشاعره.. وفي هذا يقول أحد الشعراء: تأمل دمشق إذا جئتها بعين الرضا لا بعين الغضب ترى جنة زخرفت للورى تروق العيون وتشفي الكرب وتجدر الإشارة هنا... إلى أن الباحث حبيب الزيات, كان من المهتمين البارزين بجمع النصوص المتعلقة بالجمال الدمشقي, التي وردت في مؤلفات ومصنفات الرحالة والأدباء الأوروبيين الذين أتيح لهم زيارة دمشق, حيث نجد أن الأوصاف والتشبيهات التي وردت على ألسنتهم, تماثل الأوصاف التي يذكرها الشرقيون من جنسيات مختلفة. ونجد في مذكرات الفارس (دارفيو) عام 1660م عن أهل دمشق مايلي:( أهل دمشق حسان بيض الألوان مع ملاحة التكوين. ويغلب عليهم الذكاء ودقة الفهم, وهم على غاية من الأدب مع من يحسن معاشرتهم). وفي القرن الثامن عشر زار دمشق الرحالة ( ريشار بوكوك) الذي قال في مذكراته:(لأهل دمشق طبيعة في الذكاء, ولهم في مقتبل العمر حسن عجيب). وبصورة عامة.. فقد أجمع الرحالة الذين زاروا دمشق, في مراحل زمنية مختلفة,على الإشادة بالجمال الدمشقي,وكذلك على جمالية المكان الذي تسوده المحبة والتعاون, والاحتضان الأخوي الذي قد ينسي الزائر أهله. |
|