تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


نحتـــــاج أســــــئلة تحــــــــرك القـــــــوى الثقافيـــــة..

ثقافة
الاثنين 25-11-2013
 آنا عزيز الخضر

الثقافة بحكم خصائصها وتراكيبها المتنوعة التي ترتبط بكل ما ينهض بالمجتمع في كل الاتجاهات الاجتماعية و التربوية والمهنية والاقتصادية، فانه مطلوب منها أن تصل بوظائفها إلى حالة نموذجية هي كل الأهداف مجتمعه،الأهداف تلك التي تجعل حياة المجتمع الأفضل في كل شيء،

من هنا يأتي دور الثقافة كالتقاء بالقيم الإنسانية والوطنية، لتكون كما هي دوما المسؤول الأول والمطلق عن كل شيء في الأزمات كما هو في خارجها.‏‏

من هذا المنظور ماهو المطلوب من الثقافة..؟ وما هي الأسئلة الملحة والواجب طرحها متزامنة مع الأزمة؟ كي تقوم بوظيفتها المأمولة.؟‏‏

حول هذا كانت الآراء التالية:‏‏

• الأستاذ الفنان يوسف المقبل قال:‏‏

عندما أهملت المؤسسات الرسمية الشأن الثقافي ودور الثقافة ودور المثقف الحقيقي في تحصين المجتمع، وذلك من خلال الترويج لبعض المثقفين، أو ما يسمون نخباً مثقفة وتقديمهم على أنهم هم مثقفو البلد، وصلنا إلى ما وصلنا إليه، طبعا غير غافلين عن أحقاد بعض الأنظمة العربية أولا متآمرة مع الأنظمة الغربية وخاصة دول الاستعمار القديم.. ووصل الوقاحة ببعض الأنظمة العربية إلى التحالف مع إسرائيل ومن خلفها أمريكا.. لتدمير سورية الوطن والإنسان.. الحضارة والتاريخ..‏‏

وإذا أردنا أن نتحدث عن دور الثقافة والفن في مواجهة ما يجري، فأعتقد أن عليهما أن يشخصا الأسباب الرئيسية للوصول إلى ما وصلت إليه الحالة، حيث رأينا استعمال سلاح في مواجهة قوات الأمن والجيش.. وحتى المدنيين.. فالسؤال الذي يجب أن يطرحه المثقف والفنان.. كيف دخل كل هذا السلاح ؟ وبعضه إسرائيلي المصدر،وأسئلة كثيرة ترتبط باحتدام الأزمة، لأنه يجب أن يلعب الفن والثقافة الدور الرئيس في توعية الناس.. والوقوف على الكثير من المسائل التي يعرفها المواطن، فليس مبرراً أن يتغاضى الفنان والمثقف عن مسؤوليته في محاربة السلبيات والفساد.. وسبق أن شاهد السوريون بعض الأعمال التي تتحدث عن الفساد، ولكن الأهم من ذلك كله يمكن أن نقف عند الوعي، الذي أبداه المواطن السوري لمواجهة الأزمة.. أعتقد أن تركيبة المواطن السوري تختلف عن تركيبة أي مواطن عربي.. إضافة إلى تأكيد السياسة السورية على مر السنوات على الوحدة واللحمة الوطنية. فكل السوريون سواسية أمام القانون.. وإذا كان هناك من استثناءات فهي تدخل ضمن إطار الفساد والسلوك الشخصي الذي لايشكل سياسة بلد.‏‏

وأعتقد أن المواطن السوري في كافة أماكن تواجده قد تجاوز النخب المثقفة في التصدي للأزمة - المؤامرة - رغم أنه كانت ومازالت النخب المجتمعية من مشتغلين في الثقافة والفن، هي التي يعول عليها في الدفاع عن الهوية الوطنية، وهنا أقصد النخب الحقيقية، وليست التي كرست عبر وسائل الإعلام، وهي لاتمت للثقافة الحقيقية بأي صلة.. فهذه النخب مطلوب منها التبني لقضايا الوطن والمواطن وجعلها الهدف الأساس في دفاعها عن الوطن، لان الثقافة وقيمها الإنسانية والوطنية، تحتاج إلى مثقف مسؤول يجعلها فعالة على ارض الواقع.‏‏

ونلاحظ وبشكل جلي خلال العشر سنوات الأخيرة انزياح واضح للثقافة الوطنية، وذلك بتأثير وسائل الأعلام الخليجية التي ساهمت وبشكل واضح في تهميش الثقافة الوطنية لكل الدول العربية، وإفساد الذوق العام لجيل الشباب.. وذلك من خلال الترويج للفن الهابط وبرامج التسلية وحتى المال الخليجي، الذي دخل تحت ستار دعم الدراما السورية والعربية، وبدأ بتسريب الكثير من الأفكار التي لا تمت للمجتمع السوري بشكل من الأشكال، حيث ساهم بتخريبها من الداخل وبأيدي أبناءها، واليوم يقوم هذا المال الخليجي بدعم الإرهاب ومده بالسلاح والمال والإعلام.انطلاقا من هذا المشهد فان مسؤولية تشذيبه وتوجيهه والأخذ بيده إلى الوجهة السليمة تقع على عاتق الثقافة،كي تطرح كافة التساؤلات التي توجه الوعي والفكر إلى المكان الصحيح،ثم المحاولة الدائمة لترجمتها إبداعيا.‏‏

• أما المخرج مضر رمضان قال:‏‏

انطلاقا من تعاريف الثقافة، والتي أجمعت على أن الثقافة هي مجمل الأعراف والتقاليد والقيم المختلفة والقيم المتوازنة والناشئة، عبر احتكاك أطياف المجتمع ببعضها البعض،يبرز دور المثقف في رصد وتوصيف الواقع الثقافي، لتصبح تلك الثقافة في دائرة الوعي لدى المجتمع، ويأتي دوره الفعال الذي يبدو ابعد مايمكن عن التنظير الثقافي المؤدلج،وذلك في تحريك القوى الثقافية ضمن جو متعاون ومتساهل مع مؤسسات الدولة و الحكومة أو القطاع الخاص العامل في المجال الثقافي،ليعمل على تهذيب وتحديد شكل الثقافة الضرورية اللازمة للمرحلة، التي يعيشها المجتمع على المستويات كافة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا الخ، وليس بالضرورة أن يلعب المثقف دورا بناء في عجلة القراءة الثقافية لمجتمع ما، حتى لو كان مجتمعه بسبب إعطاء بعض المثقفين لقراءة الواقع قراءة غير سليمة،وبسبب عدم تملك المثقف لأدواته الفنية أو المهنية كالمسرح أو الشعر أو النحت أو التصوير أو غيره من الأدوات الخادمة والعاكسة لفكر المجتمع في بعض الأحيان، ومن جهة أخرى قد يقع المجتمع وثقافته في فخ المثاقفة،عندما يعترضه مثقفون برؤية فوقية أو ينتمون إلى بيئات مختلفة جغرافيا وسياسيا،فتكون قراءتهم وتحليلاتهم ونتاجاتهم جزءاً فاعلاً في ترسيخ السيئ من الثقافة المطروحة، وتهميش الجيد والقابل للبناء والتطوير، وهذا ليس شرطا.‏‏

وقد لعب المثقفون دورا فاعلا ومتباينا في الأزمة السورية تدميرا وبناء، ولعل أسوأ ما عاشه السوريون ثقافيا، هي تلك الهوات الكبيرة التي سمحت للمشوهين المثقفين الدخول إلى عمق الثقافة السورية، وزرعت ورسخت العديد من البذور العاطلة، التي أن كتب لها النمو ولاقت الصدى اجتماعيا آلت بالمجتمع السوري إلى الانحدار والتخلف والتجزئة، ومن هذه البذور وأخطرها القتل غير المشروع وثقافة العنف وغيرها من الأفكار المتطرفة في كل جوانب الحياة، ولعل المثقفين الحقيقيين قصروا في تمكين المجتمع من معرفة ذاته.‏‏

من هنا ينبغي على المثقف السوري الاستعجال والعمل على وتيرة من نار، موظفا كل الإمكانات لإعادة تعريف الذات، مستفيدا من ارث حضاري عميق راسخ قوي، وناشرا وعيا أعظميا لكشف الملعوب الثقافي، من جهة ومن جهة أخرى كي تتمكن تلك الثقافة بأدواتها ووسائلها المختلفة من أن تصبح البوصلة والموجه لكل ما يخدم مصلحة الوطن.‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية