تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قرار سليم وسياسة غير صحيحة...?!

ثمَّ إنَّ
الأربعاء 27 /9/2006م
أسعد عبود

واجهنا جميعا كمستهلكين الارتفاع الشديد الذي أظهرته أسعار المواد والسلع الاستهلاكية خلال الفترة الممتدة من اليوم وربما غدا ورجوعا الى أشهر متتالية لا أستطيع أن أحد عددها. كل شيء إرتفع سعره,عدا المواد المقننة التي تخضع للقرار الإداري وليس للسوق,وأسعارها تنذر بالاتفاع من خلال ما يتسرب من أخبار.

يئن المستهلك في مواجهة إرتفاع الاسعار بصوتين!! صوت خفيف غير صاخب في مواجهة ارتفاع أسعار السلع غير اليومية أو التي تسمى السلع المرنة.. يعني هي سلع تستطيع أن تخفف استهلاكك منها عندما ترتفع أو تمنعه... وصوت قوي صاخب في مواجهة ارتفاع أسعار السلع اليومية... أو عديمة المرونة أو منخفضتها.. وهذه تتمثل بصورة رئيسية بمكونات الوجبة اليومية والمحروقات ومتطلبات المدرسة...و...الخ‏

في أجواء حركة البيع والشراء في الاسواق السورية الحرة رغم أنف وزارة الاقتصاد وقراراتها وجيوش المراقبين... هي أسواق حرة تخضع للعرض والطلب وتتبادل أسعار السلع فيها التأثر والتأثير بالعرض والطلب. والحرية القسرية التي تحققها الاسواق تشعل نارا من الكر والفر بين المستهلك والمنتج.. بحيث تحسن وضع أحدهما يفقر الآخر.. وهذا هو السر الذي يجعل القرارات الفوقية التي تتخذ لفرض توجه على الاسواق ..قرارات فاشلة مهما كانت درجة الصحة فيها لأنها تصدر في أجواء سياسة غير صحيحة.‏

هناك فرق حقيقي بين أن لا تهمل الدولة الأسواق.. وبين أن تعالج أمورها بقرارات عسفية جزئية.. قد نقبل القرار لحين, لكن أن نهمل إصلاح سياسة إدارة الأسواق متغطين بهذه القرارات فذلك خطأ كبير.‏

ماذا يعني قرار إيقاف تصدير البيض والبطاطا والبصل..?!‏

إيجابياً له معنيان:‏

1- أنه تحرك للجهات المعنية يؤكد اهتمامها ومتابعتها لواقع الأسواق.‏

2- أنه يهدف لخفض أسعار سلع ضرورية يومية يقف المواطن مرتجفاً أمام ارتفاعها.‏

سلبياً له أكثر من معنى..‏

1- إن بلداً يفترض أن يسعى ليلاً نهاراً لتشجيع التصدير, يصبح في حالة تناقض عندما يقرر وقف التصدير.‏

2- أنه قد ينصف المستهلك, ونحن فعلاً نطلب الانصاف وأنا أضم صوتي الى الأصوات الصاخبة في مواجهة ارتفاع الأسعار الحاد. لكنه لا ينصف المنتج.. ولا العاملين في تسويق وتوزيع المنتج.. وهؤلاء أناس يعملون وأنا لا أخجل أبداً من أن يكون لهم فرصة ربح تشجعهم على جدية العمل والمتابعة.‏

3- إن المواد التي تناولها القرار, سهلة الانتاج وزيادة انتاجها ممكنة جداً في سورية.. بالتالي يمكن أن يتجه المنتجون تلقائياً تأثراً بفرصة الربح المتاحة الى زيادة إنتاجها وتغذية السوق داخلياً وخارجياً..‏

4- أن الأسواق المستوردة التي اتجهت لتأخذ من سورية ستجد أسواقا مصدرة بديلة عندما لا تجد طلبها في سورية أو لا تستطيع الحصول عليه.‏

5- إن خسارة المنتج قد تعيد رفع الأسعار, اعتماداً على قلة العرض وليس زيادة الطلب الخارجي.. فأيهما أفضل?!.‏

أعود لأقول أنا بكل ما لدي مع إنصاف المستهلك ومع أسعار يقدر عليها لا سيما في ضرورياته اليومية.. لكن.. لماذا توضع المواجهة بين المستهلك والمنتج..?!‏

وما العمل..?!‏

هل هذا هو اقتصاد السوق الاجتماعي?! هذا اقتصاد سوق قسري وليس اجتماعيا..?!‏

العمل والحل في إصلاح السياسات التي تتحكم بعلاقة المواطن مع السوق.. وفي مقدمتها سياسة الأجور.‏

إن الحفاظ على أجور منخفضة وأسعار منخفضة يعني أن نستمر في ضخ دم الاقتصاد الى الخارج تهريباً ويعني أن تبقى المواجهة غير السليمة بين المستهلك والمنتج.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية